وزير الداخلية والأمن الوطني فتحي حماد
غزة – محمد حبيب
كشفت وزارة الداخلية في غزة عن "مناقشات تجري داخل الوزارة لإعدام عملاء الاحتلال في الساحات العامة، بعد وجود حكم قضائي نافذ، واستنفاذ الإجراءات القانونية في حقهم". وشدد ، في تصريح صحافي، الثلاثاء، على أن "وزارته مستمرة في ملاحقة العملاء
والقصاص منهم، لحماية الشعب الفلسطيني والمقاومة من خطرهم، الذي تسبب في استهداف قادة المقاومة ومؤسسيها".ونفى حماد أن "انخفاض نسبة العملاء في القطاع جعل الاحتلال يعيش حالة من التخبط، خصوصًا بعد تنفيذ حكم الإعدام في حق عميلين ارتكبا جرائم فادحة في حق المقاومة والشعب الفلسطيني".
وقال: تهديدات الاحتلال لن تخيفنا وسنستمر في ملاحقة العملاء وإعدامهم، لحماية أبناء شعبنا وجبهته الداخلية، مشيرًا إلى أن "الاحتلال يسعى إلى بث الرعب في نفوس أبناء الشعب الفلسطيني، وطمأنة عملائهم الذين ستصل إليهم وزارة الداخلية قريبًا".
وأكد مدير وحدة العلاقات في وزارة الداخلية في غزة إبراهيم صلاح، خلال تصريحات صحافية، أن "الوزارة أعدت دراسة لتنفيذ أحكام الإعدام في حق العملاء، الذين يثبت تورطهم ولم يقوموا بتسليم أنفسهم للحكومة، ضمن حملة لمكافحة التخابر مع الاحتلال"، مضيفًا أن "الداخلية تعمل على تكثيف جهودها، لإنجاز أكبر قدر ممكن من حالات توبة العملاء قبل انتهاء الحملة".
واعتبر صلاح الخطوة "تأتي في سياق إيجاد رادع للعملاء ودافع لجعلهم يصححون أوضاعهم، والوقوف أمام أنفسهم بإمكانية وصولهم إلى ما وصل إليه العملاء أقرانهم من إعدام أمام الناس أجمعين، وفي الساحات العامة".
وكانت وزارة الداخلية والأمن الوطني أطلقت في 12 حزيران/ يونيو الماضي، حملة لمكافحة التخابر مع دولة الاحتلال الإسرائيلي تستمر حتى 12 مايو/ أيار المقبل، وهي تعد الحملة الثانية التي تطلق في السياق ذاته من قبل الوزارة في قطاع غزة.
ورفض صلاح الإفصاح عن أعداد العملاء التائبين خلال الحملة المنفذة، غير أنه لفت إلى أن أعدادهم كانت خلال الأسبوعين الأولين أكثر من الذين تابوا خلال الحملة الماضية التي أطلقتها الوزارة في العام 2010.
ومن ناحيتها، أدانت بعثات دول الاتحاد الأوروبي في القدس ورام الله "إعدام سلطات الحكومة المقالة في غزة، 2 من المواطنين في 22 تموز/ يوليو الجاري".
وجاء في بيان صدر عن بعثات الاتحاد الأوروبي أن "البعثات تذكر بموقف الاتحاد الأوروبي، الذي يعارض بشدة وتحت كافة الظروف استخدام عقوبة الإعدام، كما أوردت وكالة الأنباء الرسمية".
وقالت: إن الاتحاد الأوروبي يعتبر أن إلغاء عقوبة الإعدام يساهم في تعزيز الكرامة الإنسانية والتطور التقدمي لحقوق الإنسان، ويعتبر الاتحاد الأوروبي عقوبة الإعدام قاسية وغير إنسانية، بحيث تفشل في توفير رادع للسلوك الإجرامي وتمثل تجاهلا غير مقبول للكرامة والسلامة الإنسانية.
وجاء في البيان: 'يتوجب على سلطات الأمر الواقع في غزة أن تمتنع عن القيام بأية عمليات إعدام للسجناء، ويجب أن تتقيد بالوقف القائم لعمليات الإعدام الذي تطبقه السلطة الفلسطينية إلى حين إلغاء عقوبة الإعدام بما يتماشى مع التوجه العالمي.
هذا ويوجد أسئلة كثيرة تطرح نفسها لتضع إجابات منطقية لكل رافض لأحكام الإعدام بحق المتخابرين مع الاحتلال أهمها "كم كلف العملاء قطاع غزة ثمنًا باهظًا أثناء الحروب وكانوا يوجهون قوات وطائرات الاحتلال لمواقع يظنون أن فيها مقاومين؟ فهل بقي أي مبرر لكل منتقد لتلك الأحكام السليمة؟!.
ويرى محللون في الشأن الأمني والسياسي في قطاع غزة أن إعدام كل من يثبت تورطه بالتخابر مع الاحتلال هو مطلب شعبي ووطني بامتياز باعتبار هؤلاء المتخابرين "خونة للوطن وللقضية الفلسطينية".
ويؤكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة "النجاح" الوطنية البروفسور عبد الستار قاسم أن "الحملة الوطنية لمواجهة التخابر مع العدو، والتي نفذتها الداخلية بين شهري آذار/ مارس وآيار/ مايو الماضيين آتت ثمارها، لكن يجب عدم التهاون إطلاقًا في ملف العملاء"، مضيفًا "يجب أن تُنشر نتائج التحقيقات مع العملاء للناس عامة، لأن الإجراء الذي تم له مبرر وموجب قانوني، والمفروض إطلاع أهالي المتخابرين على المعلومات حتى يكونوا على بيِّنة من الأمر حتى لا نترك مجالا للاتهامات وما شابه ذلك".
ويطالب قاسم وزارة الداخلية بـ "مواصلة وتكثيف حملة مواجهة ومكافحة التخابر مع الاحتلال، وأن يكون هناك مؤسسة خاصة وخبراء في القضايا الأمنية يشرفون عليها لمحاربة آفة التخابر".
ويتفق الباحث في الشأن الأمني الدكتور هاني البسوس مع سابقه بقوله "هذا الحكم رادع ويتناسب مع مدى الجُرم الذي ارتكبه العملاء".
ويشير البسوس إلى أن "تطبيق حكم الإعدام على المتخابرين مع الاحتلال، يؤكد تعامل الداخلية مع منطق القانون في محاسبة كل من تعاون مع الاحتلال وتآمر لقتل أبناء شعبه".
ويؤكد المحلل الأمني أن "هذا الحكم سُيشكل رادعًا لكل من تسوِّل له نفسه التخابر مع الاحتلال أو مد أجهزتها الأمنية بالمعلومات عن شعبنا ورجال مقاومته".
بينما عدّ الأستاذ في التاريخ رجب البابا إعدام الداخلية للمتخابرين مع الاحتلال "خطوة إيجابية ورسالة ذات أبعاد لجهات لأخذ العبر والاستفادة، إضافة إلى أنها جزء من ترسيخ سيادة القانون".
في حين قال الكاتب الصحافي الدكتور حسن أبو حشيش: حسب اطلاعي ومعرفتي، فإن هذا الشكل جاء حلا وسطًا من بين آراء ناقشت سُبل تحقيق الردع من الإعدام، لذا كان هذا الشكل وهو أن يكون التنفيذ بشهود بعض وسائل الإعلام ونخب رسمية وعائلية.
وأوضح أبو حشيش، في مقال صحافي له أن "ظاهرة العملاء طبيعية في كل شعوب العالم التي تخضع للاحتلال، ولا تُسيء للمشهد الوطني العام، وهي سلوك دنيء مرتبط بالشخص المتساقط فقط، فمعالجته إعلاميًا وقانونيًا وأمنيًا أمرٌ عادي، يأتي ضمن مسؤولية الحكومة وجهات الاختصاص وضمن مسؤوليتها المجتمعية والرسمية".