نائب الرئيس المصري المستشار محمود مكي
القاهرة ـ محمد مصطفى، أكرم علي
أقدم على الاستقالة من منصبه السبت، في خطوة مفاجئة، بالتزامن مع إجراء المرحلة الثانية من الاستفتاء على مسودة الدستور الجديد المثير للجدل. وأصدر مكي بيانًا صحافيًا ذكر فيه نص الاستقالة بعنوان "بيان من المستشار محمود مكي". وقال مكتب نائب الرئيس
في بيانه الذي تلقى "العرب اليوم" نسخة منه، إنه تقدم باستقالته في السابع من تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، أي قبل الإعلان الدستوري المثير للجدل الذي أصدره الرئيس مرسي الشهر الماضي، لكن الظروف السياسية في ذلك الوقت حالت دون قبولها.
وقال مكي في البيان "أود أن أبين للرأي العام المصري أنني منذ توليت منصب نائب رئيس الجمهورية وأنا أبذل غاية الجهد في تحقيق المصلحة الوطنية، في كل مجال قمت فيه بعمل أو التقيت فيه ببعض الرموز السياسية والثورية، متمسكًا بما نشأت عليه من قيم الحيدة والتجرد والعدالة والحق والحرية، وقد أدركت منذ فترة أن طبيعة العمل السياسي لا تناسب تكويني المهني كقاضٍ".
وأكد أنه تقدم في 7 تشرين الثاني/ نوفمبر 2012 باستقالته إلى رئيس الجمهورية، وحالت دون قبولها وإعلانها ظروف الانشغال بما جرى من عدوان إسرائيلي على قطاع غزة، ثم بمؤتمر قمة الدول الثماني الذي انعقد في باكستان وكلفت بتمثيل مصر فيه.
وقال "عدت إلى الوطن، الجمعة، الموافق 23 تشرين الثاني/ نوفمبر 2012 فوجدت الإعلان الدستوري قد صدر، ومن بعده قانون حماية الثورة، وتعديلات عدة على قوانين قائمة".
وتابع قائلاً "تداعت بسبب ذلك مواقف عدة كان عليّ فيها أداء واجبي الوطني في المساعدة على صدور الإعلان الدستوري الجديد، الذي ألغى إعلان 21 تشرين الثاني/ نوفمبر، وفي إدارة الحوار الوطني، وفي التواصل مع قيادات التيارات السياسية المختلفة لإزالة حالة الاستقطاب السياسية الحادة، وتجنيب الوطن فتنة واقعة ولا بد ما لم نسلك سبيل الحوار الوطني الجاد، لتجنيب الوطن إياها، وحمايته من آثارها، وفي معاونة السيد الرئيس في مراجعة وصياغة القرارات الضرورية لإتمام الاستفتاء على الدستور الجديد، وقد رافق ذلك كله مهمة أعتز بأن وفقت لأدائها هي الدفاع عن حق المواطن في التعبير عن رأيه في مشروع الدستور، في ظل إشراف قضائي كامل، سعيا إلى استقرار أوضاع الوطن، وتوشك السبت، أن تنتهي بنجاح المرحلة الثانية من الاستفتاء على الدستور".
وأكد مكي في نهاية بيانه "وكان ما تقدم كان من جانبي محاولة جادة لإعلاء المصلحة الوطنية العامة على أي مصلحة، خاصة وقد رأيت، السبت، 22 كانون الأول/ ديسمبر 2012 أن الوقت أصبح مناسبًا للإعلان عن استقالتي من منصب نائب رئيس الجمهورية، مع استمراري جنديًا متطوعًا ومتاهبًا دائمًا في الصف الوطني، وأدعو الله للوطن بالحماية، وللسيد الرئيس بالتوفيق.. المستشار محمود مكي".
ورجحت مصادر مطلعة أن يكون سبب إعلان الاستقالة الآن هو أنه بعد إعلان نتيجة الاستفتاء على مسودة الدستور الجديد، الذي جرت مرحلته الثانية، السبت، في 17 محافظة، والتي تشير المؤشرات الأولية إلى أن نتيجة الاستفتاء ستكون الموافقة على الدستور، وبالتالي سيكون وجود مكي في مؤسسة الرئاسة غير دستوري، لأن الدستور الجديد لا ينص على وجود منصب نائب الرئيس.
ويعد مكي أحد رموز تيار استقلال القضاء، مع وزير العدل الحالي شقيقه أحمد مكي، والذي طالما وقف أعضاء هذا التيار معارضين لنظام الرئيس السابق حسني مبارك.
ومنذ تعيينه نائبًا لمرسي لم يعرف لمكي صلاحيات محددة، وأوكل إليه الرئيس المصري مهام محدودة، مثل إيفاده لرئاسة وفد مصر في مؤتمر القمة الإسلامية في باكستان، ليصدر الإعلان الدستوري الذي أطاح فيه بالنائب العام السابق المستشار عبد المجيد محمود، وحصن قراراته من الطعن عليها أمام أي جهة، إضافة إلى رئاسته لجلسات الحوار الوطني التي دعا إليها الرئيس مرسي، عقب الجدل الذي تسبب فيه الإعلان الدستوري ومسودة الدستور الجديد.
وظهر مكي في مؤتمرين صحافيين الأول رد فيه على أسئلة الصحافيين بشيء من الارتباك، والثاني الخاص بسحب الإعلان الدستوري المثير للجدل، وكان لافتًا في هذا المؤتمر أن الذي تلا البيان الصادر عن الرئاسة كان الدكتور محمد سليم العوا، رغم عدم تمتعه بأي صفة رسمية داخل مؤسسة الرئاسة، وظل المستشار مكي واقفًا بجواره حتى انتهى.
وتمثل استقالة مكي حلقة جديدة في مسلسل الاستقالات التي تحيط بالرئيس مرسي منذ توليه السلطة في 30 حزيران/ يونيو الماضي، والتي بدأت باستقالة محافظ الشرقية السابق عزازي علي عزازي من منصبه تحفظًا على ما وصفه بأداء جماعة الإخوان المسلمين السياسي، وهو ما فعله وزير التضامن الاجتماعي السابق الدكتور جودة عبد الخالق.
ومنذ تشكيل حكومة الدكتور هشام قنديل في شهر آب/ أغسطس الماضي استقال وزير النقل السابق منتصف الشهر الماضي محمد رشاد المتيني، عقب كارثة قطار أسيوط التي راح ضحيتها 51 تلميذًا كانوا في حافلة مدرسية صدمها قطار، وما زال منصب الوزير شاغرًا حتى الآن، إذ تم تفويض وزير الإسكان، طارق رفيق، للقيام بأعمال وزير النقل إلى أن يتم اختيار وزير جديد.
وتوالت الاستقالات من عدد من مستشاري الرئيس مرسي وأعضاء الهيئة الاستشارية له احتجاجًا على الإعلان الدستوري المثير للجدل، الذي أعلنه مرسي الشهر الماضي، وما تلاه من اشتباكات في محيط قصر الاتحادية الرئاسي، ومن المستشارين المستقيلين كل من سمير مرقس، وسيف عبد الفتاح وأيمن الصياد وعمرو الليثي وسكينة فؤاد ومحمد سيف الدولة ورفيق حبيب، ورئيس التليفزيون الرسمي عصام الأمير.
وأعقب ذلك استقالة النائب العام المستشار طلعت عبد الله، الذي حل محل المستشار عبد المجيد محمود بموجب الإعلان الدستوري المثير للجدل، قبل أن يعدل عبد الله عن استقالته قائلاً إنها تمت تحت ضغط.