نتنياهو يلقي بيانًا بعد الانتخابات
القدس المحتلة ـ ناصر الأسعد
حدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خمسة مبادئ رئيسية للائتلاف الحكومي الجديد الذي يعتزم تشكيله، جاء ذلك في بيان أمام حشد من مناصريه بعد وقت قصير من تلقي حزبه لطمة في الانتخابات الأخيرة.
وقال إن "أول هذه المبادئ الخمسة هي "منع إيران من الحصول على أسلحة نووية". أما
المبدأ الثالث فيشير إلى "التطلع إلى تحقيق سلام حقيقي" مع الفلسطينيين. أما المبادئ الثلاثة الأخرى، فهي تدور حول الاقتصاد الإسرائيلي والمساواة في التجنيد العسكري وتكاليف المعيشة".
وذكرت صحيفة "الغارديان" البريطانية أنه "وعلى الرغم من تصدر تحالفه الحزبي لنتائج الانتخابات، لكن نتنياهو بات في وضع أكثر ضعفًا عما كان عليه من قبل على نحو لا يمكنه من تنفيذ بنود أجندته السياسية، فلم يحصل تحالف "الليكود بيتنا" الذي قام بتشكيله نتنياهو مع وزير الخارجية السابق أفيغدور ليبرمان، إلا على 31 مقعدًا من بين مقاعد الكنيست البالغ عددها 120 مقعدًا، وقد أسهم حزب نتنياهو في هذا العدد بحوالي 20 مقعدًا، وهو عدد يقل عن العدد الذي حققه في البرلمان، والذي كان 27 مقعدًا".
ويقول ألوف بن في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية إنه "وعلى الرغم من احتفاظ نتنياهو بمنصبه، لكن ذلك لم يحدث إلا بعد أن تلقى صفعة مؤلمة على يد الناخب الإسرائيلي".
وسيمضي نتنياهو الأيام والأسابيع المقبلة في محاولات لتشكيل ائتلاف حكومي قادر على الاستمرار من بين الأحزاب التسعة التي دخلت الكنيست في أعقاب الانتخابات الأخيرة. وتؤكد الصحيفة الإسرائيلية أنه "من غير المتصور أن يقوم نتنياهو بدعوة الأحزاب العربية الإسرائيلية التي حصلت على 12 مقعدًا في الكنيست، للانضمام إلى الائتلاف الحكومي الجديد".
وسيضطر نتنياهو رغمًا عنه إلى تقديم بعض التنازلات لشركائه في الائتلاف الحكومي الجديد، كما أن التشكيل النهائي للحكومة سيحدد أسلوب وضع تلك المبادئ الرئيسية التي طرحها نتنياهو موضع التنفيذ.
ومن غير المتوقع أن يطرأ تغيير كبير على الموقف بالنسبة لإيران، إذ لا يزال نتنياهو ينظر إلى البرنامج النووي الإيراني، باعتباره تهديدًا لوجود إسرائيل، الأمر الذي يتطلب شن هجوم عسكري على المنشآت النووية الإيرانية في حال فشل العقوبات والحلول الدبلوماسية في وقف البرنامج النووي الإيراني. والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق، هو ما إذا كانت إسرائيل ستقوم بشن الهجوم وحدها؟ أم بالاشتراك مع الولايات المتحدة؟.
ونادرًا ما كانت حملة نتنياهو الانتخابية تشير إلى المسألة النووية الإيرانية، الأمر الذي يجعل من الصعب التنبؤ بشكل الحوار والنقاش في هذا السياق أثناء تشكيل الائتلاف الحكومي الجديد.
وهناك تكهنات بإمكان تشكيل ائتلاف يميني وسطي، بدلا من ائتلاف يميني ديني متطرف، الأمر الذي يفتح المجال لدخول عناصر أكثر اعتدالًا، يمكنها كبح جماح الحكومة الجديدة كما تقول الخبيرة في معهد الدراسات الأمنية الوطنية، إميلي لانداو، والتي ترى أيضًا أنه "من غير المرجح أن نسمع بخلافات في هذا المسألة حتى الربيع أو الصيف المقبل، وهو الموعد الذي رحل نتنياهو المسألة إليه".
ويقول عاموس هاريل في صحيفة هآرتس إن "نظرة الائتلاف الجديد ستكون وسطية بما يعني أن فرص شن هجوم إسرائيل من دون التنسيق مع الولايات المتحدة على المنشآت النووية الإيرانية آخذة في التضاؤل".
إلا أن المحلل الإسرائيلي الإيراني المولد مائير جافيدانفار، يرى أن "نتائج الانتخابات لن تسفر عن تغير حقيقي في موقف نيتنياهو من إيران الذي يعتمد على الأسلوب الخطابي والتهديد بشن هجوم عسكري في محاولة للحفاظ على تركيز المجتمع الدولي على المسألة النووية الإيرانية"، وأضاف أن "قرار شن هجوم على إيران من المستبعد أن يتم اتخاذه في القدس، وإنما في واشنطن".
وأوضح أن "الرأي العام الإسرائيلي لا يرغب في حصول النظام الإيراني على أسلحة نووية، ولكنه لا يعتقد بأن البلاد على حافة الدمار والفناء". وقال إن "يائير لابيد الذي جاء حزبه في المركز الثاني في الانتخابات الأخيرة لا يعطي الأولوية للمسألة الإيرانية، وربما كان ذلك هو السبب الذي مكنه من الفوز بمكانة جيدة خلال الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة".
كما أن ائتلاف يمين الوسط يمكن أن يكون له تأثيره على العملية السلمية، وذلك على الرغم من الشكوك المحيطة بها، وكان لابيد قد انتقد نتنياهو في فشله في إجراء مفاوضات مع الفلسطينيين، وقال إنه "يرغب في ذلك وأنه سيسعى لذلك، لدفع الحكومة نحو ذلك الاتجاه نظرًا لأهميته". وأضاف لابيد أنه "لن يكون بمثابة ورقة التوت الذي يمكن للحكومة المقبلة أن تخفي وراءه موقفًا متشددًا". وأوضح أنه "يفضل الانسحاب من المستوطنات النائية الصغيرة في الضفة الغربية، ولكنه يعارض تقسيم القدس وطالب الفلسطينيين بالتخلي عن مطالبتهم في القدس الشرقية".
ويقول ديفيد نيومان في جامعة بن غوريون إن "مشاركة لابيد في الحكومة سيخفف من حدة نتنياهو، ولكنها لن تحدث تغييرًا كبيرًا، لاسيما وأن نتنياهو هو من يحتل منصب رئيس الحكومة، كما أن أنصاره في البرلمان باتوا أكثر تطرفًا نحو اليمين، مما سيضع المزيد من الضغوط عليه للاستمرار في سياساته التوسعية الاستيطانية".
فيما قالت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، حنان عشراوي، إنه "لا توجد فرحة في أوساط الفلسطينيين بنتائج الانتخابات، لأنها لن تحدث تغييرًا كبيرًا، كما أنها لا ترى السلام في الأفق، ولا تتوقع حدوث معجزة بتحول جذري في السياسة الإسرائيلية".
وبصرف النظر عن قوة أو ضعف نتنياهو ومسألة الائتلاف الحكومي المقبل، فإن عملية السلام لن تشهد انفراجة، كما يقول أموتز إيسائيل في معهد هارتمان شالوم، حتى يظهر محاور فلسطيني يتمتع بمصداقية. كما يؤكد أن "المجتمع الدولي يترقب الوضع، ويدرك حقيقة أن توقيع صفقة سلام مع الفلسطينيين الآن، فإن ذلك يعني سقوط مزيد من الصواريخ على إسرائيل، ووجود جماعات تنظيم القاعدة في الضفة الغربية".