عناصر من الجيش السوري الحر
دمشق ـ جورج الشامي
أعلنت المعارضة السورية، الثلاثاء، سيطرتها على قاعدة "الجراح" الجوية الإستراتيجية في حلب، في الوقت الذي تسود فيه حالة من الهدوء الحذر العاصمة دمشق بعد خمسة أيام من الاشتباكات والتفجيرات المتواصلة، فيما أعلن وزير المصالحة الوطنية علي حيدر، استعداده للحوار مع رئيس الائتلاف الوطني
"المعارض" معاذ الخطيب، في أي مكان خارج سورية.
وتزامن ذلك مع ارتفاع عدد قتلى انفجار الحدود التركية السورية الذي قيل أنه استهدف موكب وفد "المجلس الوطني" خلال زيارته شمال البلاد، إلى 13 قتيلاً منهم 4 أتراك.
وأعلن نشطاء سوريون، أن عناصر المعارضة سيطرت على قاعدة جوية عسكرية شمال البلاد، في ما وصف بأنه ثاني انتصار إستراتيجي لها في يومين، وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، إن "الثوار سيطروا الثلاثاء على قاعدة الجراح الجوية في محافظة حلب شمال البلاد، وأنه بعد أيام من الاشتباكات المتقطعة في القاعدة الجوية، أطلق مقاتلو المعارضة عملية للسيطرة على مطار الجراح الثلاثاء، وبدأوا في إدارة المنشأة بحلول صباح اليوم ذاته.
وتأتي السيطرة على القاعدة الجوية بعد يوم من سيطرة ثوار سوريين على أكبر سد في البلاد "سد الفرات"في أحد أكبر انتصاراتهم الإستراتيجية منذ بدء الأزمة قبل عامين"، فيما شهد مطار كويرس العسكري في حلب اشتباكات عنيفة بين الجيش الحر والقوات الحكومية، وسُمع دوي انفجار من مطار الطبقة العسكري في الرقة، يُعتقد أنه ناتجً عن صاروخ سكود أصاب المطار.
وسقطت ثلاثة صواريخ سكود على قرية البارودة أحدثت دمارًا هائلاً في المنازل، وفي ريف حماة ضرب الجيش الحر بقذائف الهاون رتلاً عسكريًا تابعاً للقوات الحكومية كان يتجه إلى كفرنبودة، وشهدت دير الزور انشقاق 20 عسكريًا بينهم ضباط، وفي ريف دمشق قامت قوات الجيش السوري باحتلال مبنى البريد في يلدا مع انتشار للقناصة في المدينة، وفي عدرا نشب حريق ضخم داخل معامل الغاز بعد استهدافه بالقصف المدفعي، أما في دمشق فتشهد العاصمة هدوءًا حذرًا منذ صباح الثلاثاء، بعد خمسة أيام من الاشتباكات المتواصلة، بعدما أعلنت لجان التنسيق المحلية الإثنين عن 112 قتيلاً بينهم خمسة عشر طفلاً وتسع نساء وقتيل تحت التعذيب، منهم 41 في حلب، 33 في دمشق وريفها، 10 في إدلب، 10 في حمص، 8 في درعا، 8 في دير الزور, و2 في حماه.
وارتفع عدد القتلى في التفجير الذي حدث على الحدود السورية التركية إلى 13 قتيلاً، تزامنًا من جولة ميدانية للأراضي التي سيطر عليها الجيش الحر، قام بها المجلس الوطني "المعارض" برئاسة جورج صبرا وعدد من أعضاء المجلس.
وقال جورج صبرا إن "تفجير معبر الهوى كان استهدافًا لموكبه"، فيما أكد الرئيس السابق للمجلس الوطني عبدالباسط سيدا، أن "التفجير الذي وقع على الحدود التركية السورية، استهدف وفدًا من أعضاء المجلس، وأنه تزامن مع موعد مقرر لعبور موكب الوفد الذي كان متجهًا للاجتماع مع قادة عسكريين معارضين في سورية، وأن أسبابًا تتعلق بالعمل أدت لتأخر الوفد في التحرك نحو الحدود"، فيما رأى أنه "من المبكر الجزم بتدبير الحكومة السورية لهذه العملية في محاولة لاغتيال قادة معارضين".
وأكد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، أن "عدد قتلى التفجير الذي وقع على الحدود التركية بلغ 13 قتيلاً، بينهم ثلاثة أتراك، كما جرح 27 آخرون"، فيما قال مسؤول في الخارجية التركية إن "التفجير ناجم عن سيارة تحمل لوحة تسجيل سورية، انفجرت على بعد نحو 40 مترًا من المركز الحدودي في "جيلويز أوغلو" في المنطقة العازلة التي تفصله عن مركز باب الهوى الحدودي السوري"، مستبعدًا أن يكون التفجير وقع نتيجة قذيفة هاون أو قذيفة صاروخية أُطلقت على المركز الحدودي.
وأعلنت وزارة الخارجية التركية في وقت سابق، أن "10 أشخاص على الأقل قتلوا وأصيب نحو خمسين بجروح، الإثنين، في انفجار سيارة مفخخة على ما يبدو عند مركز حدودي بين تركيا وسورية، وأن الانفجار ناجم عن سيارة مفخخة تحمل لوحة تسجيل سورية، مشيرة إلى احتمال أن يكون الهجوم بسيارة مفخخة، وأن هناك احتمال بنسبة 51% أن يكون هذا الانفجار هجومًا إرهابيًا".
وهرعت عشرات من سيارات الإسعاف إلى مكان التفجير على بعد نحو 40 مترًا من المركز الحدودي في "جيلويز أوغلو"، في المنطقة العازلة التي تفصله عن مركز باب الهوى الحدودي الذي يسيطر عليه مقاتلو المعارضة السورية.
ووقع الانفجار في مرآب وسط عدد كبير من السيارات والشاحنات، بحسب وسائل إعلام تركية، في حين تحدث مسؤول في الخارجية التركية عن احتراق نحو 15 سيارة، ويُعتبر الحادث هو الأكثر دموية على الحدود بين البلدين الممتدة على نحو 900 كلم، وسبق لها أن شهدت سقوط قذائف أطلقت من الجانب السوري، أدت إحداها إلى مقتل خمسة مدنيين أتراك في قرية اكجاكالي في تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
ودفع التوتر الحدودي بتركيا الداعمة للمقاتلين المعارضين، إلى الطلب من حلف شمال الأطلسي "الناتو" نشر صواريخ "باتريوت"، والتي تم نشرها بالفعل قبل نحو أسبوعين.
وأكد وزير الدولة لشؤون المصالحة الوطنية، علي حيدر، الإثنين، في حديثه لصحيفة "الغارديان" البريطانية، أنه مستعد للاجتماع مع رئيس "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة" معاذ الخطيب، في أي مدينة أجنبية يمكن الذهاب إليها، لبحث الاستعدادات لإجراء حوار وطني"، مضيفًا أن "الحوار وسيلة لتقديم آلية للتوصل إلى انتخابات برلمانية ورئاسية حرة.
وأضاف حيدر إن هذا أحد الموضوعات التي ستتم مناقشتها على الطاولة، وهذا أمر يمكن أن يأتي نتيجة المفاوضات وليس شرطًا مسبقًا، ونرفض إجراء حوار لمجرد تسليم السلطة من طرف إلى آخر، وإن هذا الحوار تمهيدي للحوار الفعلي الذي يجب أن يجري في سورية"، مقترحًا مدينة جنيف مكانًا للحوار.
وتمثل تصريحات حيدر، أكثر ردود فعل الحكومة السورية إيجابية حتى الآن، بعد دعوة الخطيب إلى الحوار الأسبوع الماضي، والتي جددها الإثنين، بعد اجتماعه مع رئيس الجامعة العربية في القاهرة، حيث جدد إصرار رئيس الائتلاف على رحيل النظام السوري، وقال إن "المبادرة التي طرحها ليست ضعفًا بل محاولة لوقف نزيف الدم، وأنه لم يجر حتى الآن أي اتصال مباشر مع الحكومة السورية، وأن النظام بكل أركانه مطالب بأن يتفهم معاناة وآلام الشعب السوري، وأن يرحل توفيرًا للدماء ووقفًا للخراب والدمار، وإن الشعب السوري لن يتوقف عن ثورته".
وردًا على ما إذا كان هذا الكلام يعني فشل المبادرة، أجاب الخطيب "الموضوع عند النظام فهو لم يعط جوابًا واضحًا وصريحًا حتى الآن، بأن يقبل الرحيل توفيرًا للدماء والخراب".
وفي دمشق، قال الرئيس السوري بشار الأسد، إن بلاده لن تتنازل عما أسماها "مبادئها وثوابتها، مهما اشتدت الضغوط وتنوعت المؤامرات"، وذكرت وكالة الأنباء السورية "سانا"، أن الرئيس الأسد قال خلال استقباله وفدًا أردنيًا ضم عددًا من الناشطين السياسيين والمحامين والأطباء والمهندسين، إن "سورية ستبقى قلب العروبة النابض، ولن تتنازل عن مبادئها وثوابتها مهما اشتدت الضغوط وتنوعت المؤامرات التي لا تستهدف سورية وحسب وإنما العرب جميعًا".
وحث الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، الحكومة السورية على "التجاوب" مع اقتراح الحوار الذي قدمه الخطيب، وقال بان أمام مجلس العلاقات الخارجية إن "هذا الاقتراح مناسبة يجب عدم تفويتها، وفرصة للانتقال من منطق عسكري هدام إلى مقاربة سياسية واعدة، وأنه عرض شجاع، أطلب بإلحاح من الحكومة السورية ومن مجلس الأمن التجاوب معها، وأن مجلس الأمن المنقسم حاليًا يجب عليه أن يتوحد لتحديد ثوابت المرحلة الانتقالية الديمقراطية التي قد تنقذ سورية، ويجب ألا يبقى المجلس منقسمًا ولا يتدخل ويشارك بصمت في المجزرة".