أنقرة ـ جلال فواز
حذر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من حملة تشنها حكومته على وسائل الإعلام، فيما أعلنت "تويتر" أن تركيا احتلت الصدارة بين الدول التي تقدّمت حكوماتها بطلباتٍ للشركة لحذف تغريداتٍ نشرها مستخدمو موقع التدوينات القصيرة الشهير من الأتراك خلال عام 2021 الماضي، وذلك في وقت هدد فيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان باتخاذ مزيدٍ من الإجراءات ضد وسائل الإعلام في بلاده.
وجاء في توجيه وقعه أردوغان ونشر في الجريدة الرسمية، السبت أنه سيتم اتخاذ "الإجراءات الضرورية" ضد "المحتوى الضار" في الصحافة المكتوبة والمادة الإعلامية الشفوية والمرئية”.
لم يتم تسمية هذه المواد على وجه التحديد.
وقال التوجيه إن الهدف من ذلك هو تقليل “التأثير المدمر” على المجتمع، بما في ذلك الأطفال والشباب.
ووفقا للنقاد فإن التوجيه الجديد يهدد بتشديد الرقابة في تركيا.
فقد كتب المحامي فيسيل أوك على موقع تويتر: “لا يجوز المساس بالحق في حرية التعبير الذي يكفله الدستور، وليس للتوجيه أي أساس قانوني، لكنه يعني في الممارسة العملية مزيدا من الضغط/ الرقابة”.
تخضع وسائل الإعلام التركية إلى حد كبير للسيطرة المباشرة أو غير المباشرة للحكومة، كما تم تشديد الرقابة على مضمون المادة الإعلامية المنشورة على شبكة الإنترنت مرارا وتكرارا.
ففي عام 2020، أقر البرلمان قانونا من شأنه أن يسمح بضوابط أكثر صرامة على مواقع تويتر وفيسبوك ووسائل التواصل الاجتماعي الأخرى.
كما قدم وزير العدل عبد الحميد جول، الذي يتولى منصبه منذ 2017 استقالته اليوم السبت، واستبدل أردوغان جول ببكر بوزداج وهو من الحزب الحاكم.
وشكر بوزداج الذي شغل منصب وزير العدل من قبل بين عامي 2013 و 2017، أردوغان على اختياره للمنصب في كلمة كتبها موقع تويتر.
وبحسب الجريدة الرسمية، حصل مكتب الإحصاء التركي أيضا على مدير جديد هو إيرهان سيتينكايا.
كان سايت إردال دينجر تولى المنصب لمدة عام مضى.
وجاءت تركيا في المرتبة الثالثة من بين أكثر الدول التي تقدّمت حكوماتها بطلباتٍ لموقع "تويتر" لحذف المحتوى أو منع الوصول إليه في البلاد على الرغم من أن أنقرة قد قامت بالفعل في صيف العام 2020 بإقرار قانونٍ للتواصل الاجتماعي ضاعف من رقابة السلطات على مواقع التواصل الاجتماعي.
وقال أركان ساكا، أستاذ الصحافة والدراسات الإعلامية في "جامعة بيلجي" التركية للمعلوماتية إن "الرقابة على وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي في تركيا تبدو أكثر من اللازم"، معتبراً أن "تصنيف تويتر لا يُعد بالجديد".
وأضاف أن "الحكومة فرضت مستوى عالياً من الرقابة على وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي"، منذ المحاولة الانقلابية الفاشلة على حكم أردوغان والتي وقعت في منتصف شهر يوليو من العام 2016.
وتابع بالقول: "ربّما أن الجديد في رقابة أنقرة على وسائل التواصل الاجتماعي هو أنها لم تعد تلاحق المحتوى السياسي فقط، فهي باتت تلاحق أيضاً المنشورات التي تتطرق للفساد، لاسيما أن هناك الكثير من المبلغين عن جرائم الفساد المتعلقة بالحكومة في الآونة الأخيرة".
كما رأى البروفيسور التركي أن "تصنيفات الفساد تظهر أن تركيا ليست في مكانةٍ جيدة، وهذا بالطبع ينعكس على المحتوى النقدي على وسائل التواصل الاجتماعي، وعلى الرغم من أن الناس يخشون الإجراءات الجديدة، لكننا مع ذلك سنرى المزيد من الانتقادات من قبلهم إذا لم تكن العقوبات المرتقبة قاسية، فالأصوات المستقلة متواجدة حتى الآن وتستمر في انتقاداتها رغم الترهيب والملاحقة".
وكان الرئيس التركي قد هدد، اليوم السبت، وسائل الإعلام التركية باتخاذ إجراءات ضدها إذا نشرت محتوى يضر بالقيم الأساسية للبلاد، في خطوة ربما تكون مقدمة لمزيد من الرقابة على هذا القطاع، وذلك بالتزامن مع إعلان "تويتر" عن احتلال الحكومة التركية المرتبة الثالثة من بين أكثر الدول طلباً لحذف المحتوى المنشور على الموقع الشهير.
وفي إشعار نُشر في الجريدة الرسمية، قال أردوغان إن هناك حاجة إلى اتخاذ تدابير لحماية "الثقافة الوطنية" في تركيا التي تحتل المرتبة 153 من 180 في مؤشر حرية الصحافة لعام 2021 لمنظمة "مراسلون بلا حدود" الفرنسية، ومنع النشء "من التأثر سلباً نتيجة التعرض لمحتوى ضار على وسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية".
ولم يحدد أردوغان ماهية هذا المحتوى، لكنه قال إنه سيتم اتخاذ إجراءات قانونية ضد "الأنشطة العلنية أو الخفية عبر وسائل الإعلام والتي تهدف إلى تقويض قيمنا الوطنية والأخلاقية والإضرار بالبنية الأسرية والاجتماعية".
وزادت تركيا خلال السنوات الماضية رقابتها على وسائل الإعلام، إذ صار نحو 90% من وسائل الإعلام الرئيسية مملوكة للدولة أو مقربة من الحكومة، وهو ما أدى فعلياً إلى غياب الصحافة المستقلة في البلاد وتراجع دورها خاصة منذ المحاولة الانقلابية الأخيرة والفاشلة على حكم أردوغان، الأمر الذي تنتقده منظمات دولية وأخرى محلية.
ومنذ حصول تلك المحاولة الانقلابية، اعتقلت السلطات وأجرت تحقيقات مع مئات الصحافيين، وعلى إثر ذلك فرّ العشرات منهم إلى خارج البلاد. ومع ذلك أصدرت المحاكم التركية أحكاماً غيابية بحق بعضهم.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :