اللغات الحديثة في منطقة الهلال الخصيب

تعود مئات اللغات الحديثة، ومنها الإنجليزية والهندية، في أصولها إلى لغة أصيلة قديمة واحدة، وفقًا لدراسة جديدة لعلماء ألمان، وقال باحثون في معهد "ماكس بلانك"، إن نتائج دراستهم للحمض النووي "دي إن إيه" في عظام أسلاف سكان جبال القوقاز، تفترض وجود لغة ابتدائية قديمة واحدة، يشترك فيها سكان عاشوا في جبال القوقاز في آسيا الغربية، جاءت من أفواج الهجرات البشرية.

- لغة الهلال الخصيب
وطرح العلماء فرضية ميلاد اللغة الابتدائية في منطقة الهلال الخصيب، التي تشمل العراق وبلاد الشام، التي بدأت فيها أولى أعمال الزراعة. وتتطور اللغات شأنها شأن البشر، وتتحور مثلما تتطور الأحياء على الأرض.

وقال العلماء إن مجموعة اللغات الهندو - أوروبية، مثل الإنجليزية، والإسبانية، والهندية، التي يتحدث بمختلف لغاتها حاليًا نحو 3 مليارات إنسان، تنحدر كلها من تلك اللغة الابتدائية، وأضافوا أن سكان سهوب أورو – آسيا، كانوا يتحدثون بتلك اللغة الابتدائية قبل فترة 5500 إلى 9000 عام مضى.

إلا أن العلماء ظلوا حائرين في تحديد موقع ميلاد تلك اللغة، إما في غرب تلك السهوب شمال جبال القوقاز، وإما جنوب الجبال. وقالوا إن اللغة ربما كانت منتشرة في المنطقتين، لذا فقد توجهوا لدراسة أسلاف سكان أعالي جبال القوقاز؛ لأنهم على الأكثر كانوا يتكلمون بها أيضًا.

ودرس وولفغانغ هآك، الباحث في تاريخ علوم الإنسان في المعهد وفريقه، الحمض النووي من عظام 45 من أسلاف البشر القاطنين في المنطقة قبل 3200 إلى 6500 عام مضى، وتوصل إلى استنتاج أن الناس كانوا يعبرون منطقة الجبال قبل 6500 عام، وذلك باتجاه واحد، من الجنوب نحو الشمال.

- جينات شرق أوسطية
وظهر أن السكان قبل 6500 عام، كانت لديهم جينات مشابهة لجينات سكان المناطق الشمالية الغربية للهلال الخصيب. وقال العلماء إن انتقال السكان - كما تكشف عن ذلك جيناتهم - من مقتربات الهلال الخصيب نحو جبال القوقاز ثم نحو أوروبا، يعني أن لغتهم قد انتقلت معهم أيضًا.

وعلق خبراء ألمان على النتائج بأنها تبدو مماثلة لنتائج دراسات سبقتها. ونقلت مجلة "نيو ساينتست" البريطانية، عن باول هاغرتي، الباحث في اللسانيات في المعهد، أن الدراسات التي ظهرت منذ عام 2015 تشير إلى أن سكان سهوب أورو – آسيا، يتشاركون بتركيبتهم الجينية مع سكان الهلال الخصيب.

وتشمل اللغات الهندو - أوروبية أيضًا اللغات الشائعة الاستخدام في شبه القارة الهندية، مثل لغتي الأوردو والبنغالية، كما تضم كل اللغات الأوروبية، عدا الهنغارية والفنلندية والإستونية والتركية والمالطية، ولغة إقليم الباسك، ووفقًا لإحصاءات منظمة اليونيسكو الدولية، فإن عدد لغات العالم يصل الآن إلى 6700 لغة، 2700 منها مهددة بالانقراض.