الحكومة المصرية

تسعى الحكومة المصرية لتعزيز تنافسية التعليم في البلاد، عبر خطط متنوعة من بينها استقطاب جامعات علمية مرموقة لتدشين فروع لها في القاهرة، وتحظى تلك الخطوات بدعم لافت أظهره الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي تعهد في عام 2018 بعدم قبول بناء «جامعات مصرية جديدة إلا بعد حصولها على شهادة توأمة مع جامعة من أفضل 50 جامعة في العالم».

وفي حين يتطلع الخبراء والأكاديميون إلى أن تُخرج تلك الجامعات الدولية جيلاً جديداً من الدارسين وفق معايير معتبرة ومُحكمة دولياً، يلفت بعضهم إلى مخاوف من عدم قدرة قطاع غير قليل من المصريين على الانخراط في تلك المنظومة التي تتسم بمصروفات تعليمية باهظة في بلد تشير الإحصائيات الرسمية إلى أن 32.5% من سكانه يعيشون تحت خط الفقر.

في سبتمبر (أيلول) الماضي، افتتحت جامعة «المعرفة الدولية» أعمالها في «العاصمة الإدارية الجديدة»، وتهدف الجامعة إلى استضافة فرع مصري لجامعة «كوفنتري» بالمملكة المتحدة، وقبلها تم افتتاح فرع مؤسسة الجامعات الكندية، والتي تستضيف بدورها فرعاً لجامعة «جزيرة الأمير إدوارد».

ويعد هذان الفرعان باكورة فروع الجامعات الأجنبية التي تمثل أحد روافد جامعات الجيل الرابع، بالإضافة إلى 5 فروع لجامعات أجنبية أخرى، مثل الأوروبية، والألمانية، وغلوبال، والمجرية، والنمساوية، فضلاً عن 4 جامعات أهلية تابعة للدولة، وهي جامعات الملك سلمان بن عبد العزيز، والعلمين، والمنصورة الجديدة، والجلالة.

ويقول د.خالد حلمي، الأستاذ بكلية العلوم جامعة الزقازيق لـ«الشرق الأوسط» إن «التوقعات تشير إلى اختفاء 35% من الوظائف المعروفة خلال السنوات العشر القادمة، واختفاء 45% منها خلال 25 عاماً نتيجة التطور التكنولوجي، ويجب أن يراعي التعليم هذه المتغيرات، ولكن الخوف هو أن ينقسم خريجو الجامعات المصرية إلى فريقين، فريق يملك متطلبات سوق العمل، وآخرين من خريجي الجامعات الحكومية لا يملكون تلك المتطلبات».

ولا تستطيع سوى فئة من المجتمع الوفاء بالمتطلبات المادية لتلك الجامعات، بينما ستكون الجامعات الحكومية هي الملاذ للسواد الأعظم من المصريين، وذلك في ظل ارتفاع مصروفات تلك الجامعات، والتي قال وزير التعليم العالي د.خالد عبد الغفار في تصريحات صحافية، إنه «يصعب وضع ضوابط لها، لأنها تخضع لنظرية العرض والطلب والسوق هي من تحكم نفسها».

ولا تنكر الوزارة أن هناك شريحة من المجتمع هي التي ستكون وحدها قادرة على الالتحاق بتلك الجامعات، غير أن ذلك لا يعني التراخي عن دعمها وإنشائها، وقال الوزير في تصريحات أخرى: «نحن نتوسع في إنشاء ودعم هذه الجامعات من أجل استيعاب شريحة من المجتمع لا يمكن إغفال رغبتها في تعليم أبنائها في هذا المستوى».

وينظر خبير التعليم الجامعي د.أحمد إبراهيم، إلى القضية من وجهة نظر أخرى، وهي أن الشريحة التي أشار إليها وزير التعليم العالي «كانت تهاجر بأموالها للدراسة خارج مصر، ومن ثم فإن جذبها للدراسة بالداخل من خلال استقدام فروع للجامعات الأجنبية على الأرض المصرية يعد قيمة غاية في الأهمية، من الناحية الاقتصادية والأمنية».

ويوضح إبراهيم في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أنه «من الناحية الاقتصادية، هناك استثمارات تم ضخها في مجال التعليم العالي من جانب مؤسسي تلك الجامعات، فضلاً عن أن الأموال المهاجرة للدراسة في الخارج سيتم توطينها في مصر، أما الناحية الأمنية فتأتي من الحفاظ على الهوية المصرية من خلال قيام الطلاب بالدراسة بتلك الجامعات الأجنبية داخل مصر، وتحت إشراف ورقابة من وزارة التعليم العالي».

وتنص المادة 14 من قانون إنشاء وتنظيم فروع للجامعات الأجنبية بمصر، على أن «وزير التعليم العالي يعيّن له مستشاراً بكل فرع (للجامعات)، يكون ممثلاً له لمدة سنتين قابلتين للتجديد مرة واحدة، ويعمل بصفة أساسية كحلقة اتصال بين الجهات الحكومية المختصة وإدارة الفرع، بالإضافة إلى المساهمة في الإشراف على أوجه نشاطه المختلفة، ويكون عضواً بالمجلس المختص بإدارته».

ويرى د.محمد الكردي، المدير المشارك لمركز علوم النانو بمدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا، أن «الحديث عن المصروفات المرتفعة للجامعات الأجنبية والقول إن ذلك يكرس لمبدأ عدم تكافؤ الفرص، يجب ألا يثنينا عن التوسع في استضافة فروع هذه الجامعات، لأن مشكلة عدم تكافؤ الفرص لها حلول تم تجريبها في أكثر من دولة».

ويقول د.الكردي: «من بين الحلول التي تمت تجربتها إعطاء قروض للطلاب غير القادرين أو ذويهم، على اعتبار أن هذا الطالب سيكون قادراً على الوفاء بقيمة هذا القرض بعد التخرج، لأن الشهادة التي يحصل عليها مطلوبة في سوق العمل، أو تتكفل بعض البنوك ضمن مسؤوليتها الاجتماعية بمصروفات الطلاب المتميزين غير القادرين، أو توقيع اتفاقيات بين الجامعات والشركات، تتولى بموجبها الشركات دعم التحاق المتميزين من غير القادرين بالجامعات، في مقابل عملهم بالشركة بعد التخرج، أو أن تقوم الجامعات نفسها بتقديم منح لغير القادرين

قد يهمك ايضا
"نحو المجهول" يرصد 30 ألف انتهاك حوثي في مجال التعليم خلال عام