بيروت - لبنان اليوم
كتبت جوني فخري في "العربية": لم تكن أمل تعلم أن مهنتها كممرضة تُقدّم المساعدة الطبّية لمرضاها ستُكلّفها أسبوعين من المعاناة والخوف على صحتها وحياتها ليس لسبب إلا لأنها خالطت مريضها المُصاب بفيروس كورونا، فانقلبت الأدوار لتُصبح هي المريضة التي تتلقى العلاج على يد زملاء لها في المستشفى.
والمفارقة أن عدوى الفيروس انتقلت إليها من المريض الذي تشارك غرفة المستشفى مع أوّل ضحية لكورونا في لبنان (جان خوري) وتوفي منذ أسبوعين بالوباء.
5 ممرضات في نفس المستشفى أصبن بكورونا
أمل هي واحدة من الممرضات الخمس في مستشفى المعونات الجامعي في مدينة جبيل اللواتي خرجن من معركة كورونا منتصرات على الفيروس القاتل الذي يفتك بحياة الآلاف حول العالم بعد أن أمضين 14 يومًا في الحجر الصحي الالزامي.
وروت أمل (اسم مستعار احترامًا لرغبة الممرضة بعدم ذكر اسمها الحقيقي) تجربتها مع الفيروس منذ خضوعها للفحص إلى الانتصار عليه، قائلة "أنا وزميلاتي السبع نعمل في قسم العلاج الرؤي وكنت أتولى متابعة حالة المريض الياس برجي (79 عامًا) المُصاب بالسرطان الذي تشارك الغرفة مع جان خوري. كل شيء كان طبيعيًا إلى أن خضع المريض برجي من بلدة أميون شمال لبنان لفحص كورونا، بعد وفاة جان خوري وكانت النتائج ايجابية.، عندها مباشرة أجرينا أنا وزميلاتي فحص PCR وأتت النتائج إيجابية ومن هنا بدأت رحلتي مع الفيروس المستجدّ في مطلع الشهر الحالي".
لم يتأخّر المستشفى في التحرّك سريعًا، فطلب من الممرضات الثمانية اللواتي خالطن المريضين جان خوري والياس برجي ترتيب أوضاعهن من أجل الانتقال إلى جناح خاص داخل المستشفى خصصه لهن لقضاء فترة العزل الصحي الى حين انتهاء مدة الأربعة عشر يومًا، وهي المدة المطلوبة لضمان خروج الفيروس من جسم المريض.
صدمة لعائلتي
لعل الامتحان الأصعب الذي واجهته أمل بعدما علمت بإصابتها بإبلاغ أهلها بأنها وقعت في شباك الفيروس القاتل ليس لأنها أهملت الإرشادات المتّبعة لتجنّبه بل لأن واجبات عملها هي التي فرضته عليها.
وفي هذا السياق، قالت "خبر إصابتي وقع كالصاعقة على أهلي، خصوصًا عندما وضّبت حقائبي للمغادرة إلى قسم العزل في مستشفى المعونات".
آلام نفسية لا جسدية
أما عن أسبوعي الحجر الصحي، فأكدت أن الأمر كان صعبا، قائلة "كنت أتألّم نفسيًا لا جسديًا، لأنني انعزلت عن العالم الخارجي. عن أهلي وأصدقائي وحياتي الاجتماعية. كانت فترة عصيبة لأنني أمضيتها وحيدة داخل أربعة جدران. زميلاتي الممرضات كن يأتين بالطعام الينا ويضعنه على باب القسم الخاص بنا من دون ان يختلطن معنا. لكن رغم ذلك لم أخف من الفيروس لأنني ممرضة وأجريت أبحاثًا عديدة عنه، كما أن أهلي كانوا يدعمونني باتصالاتهم اليومية للاطمئنان علي".
إلا أن اللافت في قصة أمل (في العقد الثاني من عمرها) كما أكدت للعربية "أنها لم تشعر بعوارض كورونا (سعال، حرارة مرتفعة آلم في المفاصل وضيق تنفّس) كي تُجري فحص PCR ، لكن مخالطتها مريضًا مصابًا بالفيروس أجبرتها على الخضوع للفحص"، وهو ما يؤكد ما يقوله أطباء كثر بأنه فيروس "خبيث" يتسلل إلى الجسم ولا تظهر عوارضه إلا بعد فترة زمنية قد تتجاوز الـ21 يومًا.
وتابعت "لم أشعر بشيء من هذه العوارض حتى طيلة الحجر الصحي، ربما لأن جهاز مناعتي قوي، في حين أن بعضًا من زميلاتي الممرضات شعرن بسعلة خفيفة مع حرارة طفيفة. حتى إننا لم نضع مصلًا طيلة فترة الحجر، ولم نتناول أي أدوية خاصة. فقط تلك التي يأخذها أي شخص عادي يشعر بآلام بسيطة في الحنجرة او الرأس".
رسالة أمل
وفي رسالة "أمل" توجّهت الممرضة العشرينية إلى الخائفين من فيروس كورونا بالقول "لا تدعوا الخوف يغلبكم. كورونا فيروس مثله مثل الفيروسات الأخرى مع فارق بسيط سرعة انتشاره. نسبة الشفاء منه أعلى بكثير من نسبة الوفاة حتى إن الانفلونزا أخطر منه. لا داعلي للهلع والمطلوب الالتزام بإجراءات الوقاية منها غسل اليدين بانتظام والابتعاد عن التجّمعات هذه الفترة".
وختمت أمل تجربتها مع الفيروس، قائلة "أنا اليوم أكمل حياتي بشكل طبيعي بعد أن أنهيت فترة الحجر الصحي وخضعت مرّة ثانية لفحص PCR وكانت النتيجة سلبية. سأعود للعمل إلى المستشفى قريبًا".
قد يهمك ايضا:لبنان يخوض "معركة النَفَس الطويل" لمواجهة انتشار "كورونا"