مسقط - العرب اليوم
زيارة إلى متحف التاريخ الطبيعي في العاصمة العمانية، الذي يتبع وزارة التراث والثقافة، ويكشف عن مشروع نادر من نوعه في المنطقة، إذ جرى تخصيص حافظة متكاملة في صيغة علمية منظمة لذاكرة النباتات في البيئة العمانية بأنواعها المختلفة وعائلاتها وانتماءاتها البيئية وسط تضاريس تتميز بالاختلاف والتنوع الذي يقابله بالضرورة تنوع مماثل في نوعية وشكل وطبيعة وتاريخ النباتات في سلطنة عمان .
هنا تعيش مع التاريخ الطبيعي للكائنات النباتية، إذ "المستحفظ الوطني العماني" للأعشاب والنباتات الذي يضم أعدادًاً هائلة من العينات النباتية تتفاوت بين النادرة والشائعة، مشكّلة مرآة عاكسة للتعدد والتنوع البيئي والنباتي .
بدأ المستحفظ بنحو 800 عينة نباتية فقط، كان أهداها خبير أسترالي يدعى الدكتور جون مكونكي قبل 32 عامًا خلال زيارته إلى السلطنة ضمن فريق للمسح النباتي، ومنذ ذلك الحين راحت أعداد النباتات التي تحفظ للدراسة والأرشفة تتزايد، إلى أن وصلت العينات النباتية إلى أكثر من 13 ألف عينة، تشكل في جملتها مرجعا مفتوحاً للباحثين والعلماء، إلى جانب مجموعة أخرى من العينات التي تحفظ للدراسة، من بينها السراخس والطحالب البحرية، وهي أنواع من أعشاب بحرية، وخلايا من مجموعة الطحالب المائية والمستنقعات والفطريات وعشبة البحر، إذ يضم "المستحفظ" مئة وخمسة عشر من الفصائل النباتية، وستمئة وخمسة عشر نوعاً، وألفاً وستمئة وأربعة وثمانين صنفاً .
تُتّبع سياسة "المستحفظات العالمية" في تصنيف النباتات بالاستعانة بخبراء من مختلف الجهات والمؤسسات المحلية والعالمية، إذ يقسم المستحفظ حسب التقسيم العلمي إلى 5 مجموعات، من أهمها أحادية الفلقة، وأخرى ثنائية الفلقة وهو الطابع أو التصنيف المميز لمعظم النباتات البرية في السلطنة منها البقوليات وأشجار الغاف والسمر والسدر والاقنثيات والغافيات والغسوليات والقطيفيات، فضلاِ عن فطريات كبدية عبارة عن كائنات دقيقة جداً تعيش على الصخور في المناطق الرطبة تحت الأشجار ومعظمها غير ضار، إلى جانب بعض الفطريات الضارة التي جُمعت لأسباب التصنيف والدراسة والبحث .
يتعاون المستحفظ الوطني العماني للأعشاب والنباتات مع مؤسسة "دارون" البريطانية منذ سنوات عدة، مستهدفاً تصنيف الطحالب البحرية في محافظة ظفار التي تضم مجموعات كبيرة، إذ تم اكتشاف العديد منها لأول مرة معروفة باسم "الحزازيات"، والتي تعد المجموعة الخامسة في تصنيف المستحفظ حيث 806 عينات من الطحالب البحرية مقسمة إلى ثلاثة أنواع "الحمراء والخضراء والبنية" تكمن أهميتها العلمية في استخدامها لصناعة الغذاء والأدوية الطبية والمستحضرات المتنوعة، ويتم حفظها في خزانات عقب تجفيفها وتثبيتها على ورق أعد خصيصاً لهذا الغرض، إذ لا يتغير لونه، فضلاً عن احتوائه على نسب من المواد التكوينية للورق، حفاظاً على العينات، وتثبيت النباتات بالخيوط القطنية والأشرطة الصمغية، وتختلف كل طريقة حسب نوعية العينة المراد حفظها، ويخضع المستحفظ للتعقيم السنوي منعاً لانتشار الآفات التي تؤثر في النباتات، إلى جانب حفظه تحت درجة حرارة ورطوبة ثابتتين للحفاظ على العينات النباتية لأطول فتره ممكنة .
العينات النباتية المجففة تحفظ وترتب أبجدياً حسب العائلة والجنس في ملف واحد يحتوي كل منها على بطاقة تعريفية تضم الاسم العلمي بالعربية والإنكليزية، واسم العائلة أو الرتبة التي تنتمي إليها، ووصف عام لها ومكان وتاريخ والشخص الذي جمعها .