تلوث المياه الجوفية غالبًا مايسبب الإسهال وتهيج المعدة
بكين ـ مازن الأسدي
وعدت الحكومة الصينية بمعالجة "قرى السرطان" وهي المناطق شديدة التلوث التي ارتفع فيها معدل الأمراض مثل سرطان المعدة، نتيجة نقص المياه الصالحة للشرب والنظيفة، إذ لاتشكل المياه الصالحة للشرب سوى 6% من إجمالي المياه الصالحة على وجه الأرض، ولكن كل سكان الأرض يعتمدون عليها، فالملايين من
الناس في الدول النامية يعتمدون بشكل كبير على المياه الجوفية وذلك من خلال الآبار الضحلة المحفورة ، وتلك الآبار سهلة التلوث بالنفايات الكيماوية الناتجة عن الصناعة والتعدين، وكذلك المبيدات الحشرية المستخدمة في الزراعة والنفايات البيولوجية المتخلفة من القمامة، فإن المواد الكيماوية ليست فقط تؤثر على الذين يشربون المياه، بل تلوث التربة وتدخل في السلسلة الغذائية.
وإن تلوث المياه الجوفية غالبًا مايسبب الإسهال وتهيج المعدة والذي قد يؤدي إلى حالات صحية خطيرة ، وتراكم المعادن الثقيلة والملوثات العضوية قد تؤدي إلى السرطان والتشوهات الخلقية وغيرها من أضرار خطيرة.
وتعتبر قرية هونغ يويوهي في مقاطعة شاندونغ, رمزًا للحركة البيئية المتزايدة بعد أن تبين أن المنطقة تعد واحدة من أعلى معدلات الإصابة بسرطان المعدة في العالم، ويعتقد أن الآبار في القرية قد تكون ملوثة بسموم نتيجة صهر الألومنيوم القريب، والتي تلوث الهواء عبر المضخات.
وقال قروي, الذي عرف نفسه بالسيد تشانغ, لصحيفة فينانشال تايم "كانت المياه في أنهارنا نظيفة جدًا قبل عشر سنوات، وأنظف بكثير من المياه كما هي عليه اليوم".
وقد جذبت ورطة القرية اهتمام الناشط دينغ فاي، الذي لديه فوق الثلاث ملايين تابع على موقع weibo ،مما يجعل من الصعب على السلطات تجاهل اتهاماته من أن أصحاب المصهر يضخون مياه الصرف عمدًا.
وفي العام 2009 قال دينغ فاي" إذا استمرت الأمور على حالها، فسيٌحكم علينا بالهلاك، وإذا لم يتم حل قضية تلوث المياه الجوفية، فذلك لن يؤدي فقط إلى هلاك الناس، ولكنه سيؤدي أيضًا إلى تدهور الرعاية الصحية بسبب ارتفاع معدل مرضى السرطان التي تسببها هذه القضية".
وأضاف "اضطرت السلطات في الشهر الماضي الاعتراف بوجود قرى السرطان"، وأكد تقرير من وزارة البيئة أنه "مازال يوجد إنتاج واستهلاك مواد كيماوية ضارة على نطاق واسع في الصين والتي تعد ممنوعة في كثير من الدول المتقدمة".
وقد ذٌكر في التقرير" أن هذه المواد الكيماوية السامة تسببت في الكثير من حالات الطوارئ البيئية المتعلقة بتلوث المياه والهواء، بل هناك بعض الحالات الصحية الخطيرة والاجتماعية أيضا، مثل ظهور مرض السرطان في قرى منفردة في مناطق نائية".
وقد أصابت حالات قرى السرطان في أماكن أخرى الرأي العام مثل: تشن زكوين، المزارع الصيني الذي تجرأ وتحدي البيئة المحلية بالسباحة في الأنهار الملوثة في محافظته، مما أدي إلى تعرضه للضرب المبرح، وقالت عائلته إن "الضرب كان عقابًا لعدم صمته".
وكان تشن من بين عدد من رجال الأعمال المحليين من بلدة بانك ياو في مقاطعة تشغيانغ الذين قدموا لمركز الحكم المحلي الرسمي إحدى وعشرون ألف جنيه إسترليني للغطس في المياه . وقد تم لقاء تلفزيوني بعدها مع المسؤول والذي سخر من وعده بالسباحة في النهر المذكور.
ومن وجهة نظر منظمة:GreenPeace East Asia, يوجد ثلاثمائة وعشرون مليون شخص لا يحصلون على مياه نظيفة في الصين، ومائة وتسعون مليون شخص يشربون من مياه شديدة التلوث بكيماويات سامة.
وفي العام 2009 , قالت الناشطة من منظمة: GreenPeace East Asia, ماريا ذاو "ذهبت لزيارة أسرة تعيش في قرى السرطان في الصين في مقاطعة جيانغسو، وعندما رأيت المزارع وانغ على السرير كنت في حالة صدمة كاملة، وكانت أضلاعه تموج في جوف صدره، وندبات جراحية شديدة على بطنه، وكان يعاني من سرطان الأمعاء".
وقال أهله "إن سرطان وانغ كان ناجمًا عن تلوث المياه من مجمع مصانع كيماوية تحيط بقريته".
وأضافوا أن "المياه في مضخات مزارع أسرة وانج سوداء اللون ومغطاة بطبقة سميكة من زبدة السموم، والمزارعون الصينيون ليس لديهم سوى استخدام المياه الملوثة لري محاصيلهم.
وقالت الناشطة زاو "إن البائعين في المدن يبيعون محصولهم من الأرز لمدن أخرى على أنه أرز مروي بالمياه النظيفة".
وقال خبير التلوث، زاهاو زاهينغيون من مجمع البحث العلمي للعلوم البيئية إن " ارتفاع معدل الأمراض السرطانية من أهم مخاطر تلوث المياه الجوفية".
إن تلوث المياه الجوفية دخل في حالة الأزمة الشديدة، وكتب الجغرافي لي ليو في مجلة بيئي حول قرية السرطان لونغلينج في مقاطعة شانكسي، ويبلغ عدد سكانها 154 فرد، وأول ضحايا مرض السرطان في هذه القرية كان عام 1974 ، وبحلول عام 2001 كان قد مات 36 قروي بالسرطان وحوالي 22 لقوا حتفهم بسرطان المخ وأمراض القلب وأن هنالك فقط أربع عائلات من 30 عائلة لم يكن بينهم ضحايا سرطان، في حين قتل السرطان أربع عائلات أخرى كاملة.
وإن وجود مصانع الأسمدة والحديد بالقرب من القرى، اعتبرت سببًا من أسباب تفشي مرض السرطان في القرى والدليل على ذلك وجود أثار مواد كيماوية على الطرق والمباني والمزارع وعلى المحاصيل.
وأضاف الجغرافي لي ليو أن "سجلات الحكومة أظهرت أن معدلات الإصابة بالسرطان 1.3 و 2.1 % من كلتا القريتين
وهو أعلى بكثير من المعدل الوطني البالغ 0.07% .
إن الغضب حول التلوث انتشر في أرجاء المنطقة، "فقد كتبت صحافية قناة الجزيرة، ليزا فليتشر على "تويتر" إن تلوث التربة في الصين يعد حالة سرية وتخيل مدى سوؤها فإن الحالة سيئة لدرجة أن الصين تعترف بوجود قرى السرطان، وتعهد الحزب الشيوعي الحاكم أنه سينفق المال لحل مشكلات تلوث المياه والتربة في الدولة التي تفسد حياة الكثير من الصينيين الفقراء".
وقال رئيس مجلس الدولة، ون جياباو, الذي كان يتحدث في المؤتمر الوطني" وردًا على توقعات الناس من وجود بيئة معيشية جيدة، فنحن يجب أن نعزز بشكل كبير التحسن البيئي وحماية البيئة، فإن حالة البيئة الإيكولوجية تؤثر على مستوى الناس والأجيال المقبلة وكذلك مستقبل أمتنا.