لندن - سليم كرم
بدأ الجيولوجيون في عمق الجبال الحمراء في عُمان، الحفر، بحثًا عن "الكأس المقدّسة" لعكس تغيير المناخ، في طريقة فعالة ورخيصة لإزالة ثاني أكسيد الكربون من الجو والمحيطات، حيث قاموا بحفر إحدى طبقات الارض المعرّضة للكشف عن كيفية تحوّل ثاني أكسيد الكربون إلى الحجر الجيري والرخام، عملية طبيعية تلقائية تحدث منذ ملايين السنين.
ومع حشد العالم لمواجهة تغير المناخ، كان التركيز الرئيسي على خفض الانبعاثات من خلال السيارات ذات الكفاءة في استهلاك الوقود ومحطات الطاقة الأنظف، ولكن بعض الباحثين يختبرون أيضا طرقا لإزالة الكربون أو إعادة تدويره بالفعل في البحار والسماء، حيث أن مصنع الهليشيدي للطاقة الحرارية الأرضية في أيسلندا يضخ الكربون إلى الصخور البركانية، كما في مصنع الأسمدة سينوبك الضخم في الصين، الذي يقوم بتصفية CO2 وإعادة استخدامه كوقود، وفي المجموع، هناك 16 مشروعًا صناعيًا لتخزين حوالي 27 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون، وفقا لوكالة الطاقة الدولية، وهو أقل من 0.1% من الانبعاثات العالمية -
ولكن التكنولوجيا أظهرت أنّ العملية واعدة وفي ازدياد، وكشف أستاذ الجيولوجيا في جامعة أدنبرة، الذي يعمل في هيئة مناخية تابعة إلى الأمم المتحدة تدرس كيفية الحد من الكربون في الغلاف الجوي، ستيوارت هاسزلدين، أنّه "لا يمكن ضمان أي أسلوب واحد لتحقيق النجاح"، فإذا كنا مهتمين ، يجب علينا محاولة الكثير من الطرق الصعبة والقيام بالكثير والكثير من الإجراءات المختلفة.
ويجري العمل حاليًا في جبال الحجار العمانية في زاوية هادئة من شبه الجزيرة العربية، حيث يشكل تشكيل صخري فريد، الكربون من الهواء الرقيق، ويقوم بيتر كيليمن، وهو عالم جيوكيميولوجي يبلغ من العمر 61 عامًا في مرصد لامونت دوهيرتي إيرث التابع إلى جامعة كولومبيا، باستكشاف تلال عمان منذ ما يقرب من 3 عقود، مشيرًا إلى أنّه "يمكنك المشي أسفل هذه الأخاديد الجميلة ومن الممكن ان تتعمق حوالي 20 كيلومترًا "12 ميلًا" في داخل الأرض".
وتفتخر السلطنة العمانية بأكبر طبقات مكشوفة من غطاء الأرض، حيث يحتوي الغطاء الارضي على بيريدوتيت، وهو صخرة تتفاعل مع الكربون في الهواء والماء لتشكيل الرخام والحجر الجيري، وأضاف العلماء أن كل ذرّة واحدة من المغنيسيوم في هذه الصخور تتفاعل مع ثاني أكسيد الكربون لتشكيل الحجر الجيري الصلب، كربونات المغنيسيوم، بالإضافة إلى الكوارتز، مشيرين إلى أنّ هناك حوالي مليار طن من ثاني أكسيد الكربون في هذا الجبل، وهو الأمر الذي يقوم من خلال اندماج المطر والينابيع بسحب الكربون من غطاء الارض المكشوف لتشكيل الهوابط والصواعد في الكهوف الجبلية، وتنتج المسابح الطبيعية حشوات سطحية من كربونات بيضاء، وبيّن كيليمن، أنها سوف تنمو مرة أخرى في يوم واحد، وقام هو وفريقه المكوّن من 40 عالمًا بتشكيل مشروع الحفر العماني من أجل فهم أفضل لكيفية قيام هذه العملية وما إذا كان يمكن استخدامها لتنظيف جو الأرض المحمل بالكربون.
ويتلقى المشروع الذي تبلغ قيمته 3.5 مليون دولار، دعمًا من جميع أنحاء العالم، بما في ذلك وكالة ناسا، حيث إن ثاني أكسيد الكربون هو غاز الدفيئة الرئيسي الذي يقود عملية تغير المناخ، التي تهدّد عدم الاستقرار السياسي والطقس القاسي وانعدام الأمن الغذائي في جميع أنحاء العالم، وفقا لهيئة المناخ التابعة للأمم المتحدة، وقد ارتفعت مستويات ثاني أكسيد الكربون الطبيعية من 280 إلى 405 جزء في المليون منذ الثورة الصناعية، وتشير التقديرات الحالية إلى أن العالم سيكون 6 درجة حرارة أكثر سخونة بحلول عام 2100، وفي عام 2015، وقعت 196 دولة اتفاقات المناخ في باريس، واتفقت على الحد من انبعاثات غازات الدفيئة إلى مستويات من شأنها أن تبقي ارتفاع درجة حرارة الأرض إلى أقل من 2 C، وقد ضخّ ذلك إلحاحًا جديدًا للعمل الجاري في عمان، حيث أمضى فريق كيليمان 4 أشهر في استخراج العشرات من العينات الأساسية التي يأملون في استخدامها لبناء تاريخ جيولوجي للعملية التي تحول ثاني أكسيد الكربون إلى كربون.
وأوضح المشرف على عملية الحفر، نيهال وارسي، 33 عامًا، "إنها مثل اللغز، وسيتم ارسال حوالي 13 طنًا من العيّنات الاساسية من 4 مواقع مختلفة إلى تشيكيو وهى سفينة بحث متطوّرة قبالة سواحل اليابان حيث يقوم كيلمان وغيره من الجيولوجيين بتحليلها فى نوبات على مدار الساعة، وهم يأملون أن يجيبوا على السؤال المتعلّق بكيفية تمكّن الصخور من التقاط كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون على مدى 90 مليون سنة - ومعرفة ما إذا كانت هناك طريقة لتسريع الجدول الزمني.
ويعتقد كيليمن أن عملية الحفر يمكن أن تدور المياه الغنية بالكربون في قاع البحر التي تسببت حديثًا بالارتفاعات المحيطية التي تقل بكثير عن السطح، تمامًا كما هو الحال في جبال عمان، فإن الصخور المغمورة تمتص كيميائيًا الكربون من الماء، ثم يمكن تدوير المياه مرة أخرى إلى السطح لامتصاص المزيد من ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، في نوع من الحزام الناقل، وختم العلماء أن هذا المشروع يتطلب سنوات أكثر من الاختبار، ولكن كيليمن يأمل أن صناعة الطاقة، مع خبرتها في الحفر البحرية والجيوب العميقة، سوف تحقّق الفائدة.