بيروت - رياض شومان
كلُّ التوقعات التي يتداولها المعنيون بالشأن البيئي اللبناني تشير الى أن هذه السنة ستكون قاسية على اللبنانيين بالنسبة الى قلة مياه الشرب والخدمة ، استناداً الى ان متساقطات موسم الشتاء الحالي استقر على ثلاثمئة ملم تقريباً مقابل ثمانمئة ملم للفترة نفسها من العام المنصرم، بحسب مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية، لاسيما
وان بحيرة القرعون التي يتراوح منسوبها عادة في مثل هذه الأيام بين 200 إلى 220 مليون م3، لا يتعدّى اليوم الـ42 مليون م3.
ولأن كل شخص في لبنان يستهلك 180 ليتراً من المياه يومياً فإن المعادلة الحسابية تخلص الى حتمية حصول أزمة مياه هذا الصيف، فإذا احتسبنا معادلة وجود 4 ملايين مواطن لبناني ونحو مليون ونصف مليون لاجئ سوري، إن لم يكن أكثر، ما يعني تفاقم استهلاك هذا المورد الحيوي، وفق ما صرّح مصدر بيئي، قبل أيام على احياء اليوم العالمي للمياه الموافق في 22 من الجاري.
ويرى المصدر أن "المياه موجودة في لبنان، لكن جزءاً كبيراً منها غير صالح للاستخدام، أو حتى للزراعة التي تستهلك أكثر من 60 في المئة من المياه. فتوفر المياه لا يعني على الاطلاق أن هذه المياه ممكنة الاستخدام. ونحن نتطلع لوجودها، كمية ونوعية".
ويؤكد أن الأمطار تؤثر على المياه السطحية وكذلك الجوفية، والثلوج تساعد في تغذية المياه الجوفية، ولكن لا ثلوج. والينابيع الموجودة التي تغذي الأنهار ستجف حكماً في الصيف، ما يعني وجود خطر لناحية توقف جريان معظم الأنهار اللبنانية، باستثناء العاصي وبعض الأنهار الكبيرة، وبحسب بعض الدراسات، قد نكون قادمين على سنتين إلى 3 سنوات جفاف، حيث إنه كل 85 سنة هناك 3 سنوات جفاف.
وإذ يكشف أن بعض الدراسات تسجّل انخفاضاً بمعدّل متر سنوياً في المياه الجوفية في حوض الليطاني والبقاع عموماً، وهذه كارثة، يأسف لما تتعرّض له الآبار الجوفية في سهل البقاع والداخل اللبناني من استنزاف جائر، ومن كارثة بيئية على الساحل اللبناني جراء حفر الآبار وتداخل مياه البحر المالحة فيها.
ويحذّر المصدر البيئي من أننا إذا استمرّينا على هذه الحال ولم نغيّر في استراتيجيات المياه وطرق ادارتها، فنحن نسير باتجاه تدمير المياه الجوفية والوصول إلى المياه غير المتجددة. وحكماً نحن متجهون إلى طرق بديلة، بينها تحلية مياه البحر.
أما الحلول بنظر المصدر البيئي، فهي تقوم على ضرورة تغيير طرق الري إلى اعتماد الري بالتنقيط، اختيار المزروعات المناسبة التي لا تستهلك الكثير من المياه، ترشيد الاستهلاك المنزلي وحسن استعمال المياه في الصناعة، الحد قدر الامكان من التسرب في الشبكات، بحيث يصل الهدر في الشبكات أحياناً إلى 56 في المئة، ما يعني ضرورة معالجة هذه المشكلة بأسرع وقت ممكن، بالاضافة إلى اقامة حملات توعية حول ترشيد الاستخدام. ومن الممكن أن تصل الأزمة إلى درجة اقفال المسابح والنشاط السياحي الذي يعتمد على المياه العذبة، ولنحوّل السباحة إلى البحر فقط.
ويدعو إلى تغيير استراتيجيات المياه في لبنان، والتوجه نحو ادارة متكاملة تقوم على الترشيد واشراك البلديات واللجان المحلية وعدم حصر ادارة هذا القطاع الحيوي بالوزارة فقط، محذّراً من أن أكبر كارثة بيئية على لبنان وعلى المخزون الاستراتيجي للمياه هي بحفر الآبار.