جندي أميركي يحمل قذائف يورانيوم مستنفد خلال الغزو الثاني الأميركي للعراق
لندن ـ سليم كرم
كشف تقرير أعدته جماعة سلام هولندية أن "عملية تطهير ما يزيد عن 300 موقع في العراق لايزال ملوثا باليورانيوم المستنفد، ستتكلف ما لا يقل عن 30 مليون دولار". وحذر التقرير الذي قامت بتمويله وزارة الخارجية النرويجية، من أن "تلوث اليورانيوم المستنفد، وهو مادة سامة ينتشر في الوقت الراهن
في أوساط الجماهير، ولاسيما الأطفال بسبب الإجراءات الرقابية الضعيفة على تجار الركام والخردة المعدنية التي تتضمن تلك المادة السامة". وتضمن التقرير أيضًا "أدلة على الذخيرة والأسلحة التي كانت تحتوي على اليورانيوم المستنفد، كانت تطلق على سيارات النقل والركاب الصغيرة، وعلى البنايات وعلى غيرها من مواقع البنية التحتية المدنية، بما في ذلك وزارة التخطيط العراقية في بغداد، الأمر الذي يلقي بظلال من الشك على التأكيدات الرسمية الأميركية التي كانت تؤكد أن "القوات الأميركية لم تستخدم هذه الأسلحة إلا ضد السيارات المدرعة العراقية". وجاء في التقرير أن استخدام اليورانيوم المستنفد في المناطق السكانية، يبعث على القلق وينذر بالخطر. وأضاف التقرير أنه "من المرجح اكتشاف المزيد من المواقع الملوثة باليورانيوم المستنفد السام".
وذكرت صحيفة "الغارديان البريطانية" أن "الطائرات والدبابات خلال الحربين اللتين شنتهما الولايات المتحدة وحلفاؤها على العراق خلال عامي 1991 و2003 ، قد ألقت ما يقرب من 400 طن من القذائف التي كانت تحتوي على مادة اليورانيوم المستنفد السامة". يذكر أن أغلب تلك القوات التي شاركت في الحربين كانت أميركية. وتؤكد الحكومة البريطانية أن "القوات البريطانية ألقت ما يقل عن ثلاثة أطنان من تلك الذخيرة التي تحتوي على تلك المادة السامة".
ومن المعروف أن اليورانيوم المستنفد هو عبارة معدن ثقيل مشع وسام كيميائيًا، ويتم إنتاجه من نفايات المفاعلات النووية. ويتم استخدام هذا المعدن في صناعة الأسلحة، لأنه مادة شديدة الصلابة وقادرة على اختراق المدرعات.
ومع ذلك، فإنها يمكن أن تلوث البيئة ، كما أنها تتسبب في تعرض السكان المدنيين لمشكلات صحية خطيرة، ويشير أطباء عراقيون إلى "زيادة عدد حالات الإصابة بالسرطان، كما تقوم منظمة الصحة العالمية بالتحقيق في تقارير تشير إلى إصابة المواليد بتشوهات خلقية بسبب استخدام مثل هذه الأسلحة".
وترفض كل من الحكومتان الأميركية والبريطانية "الاعتراف بتأثير تلك الأسلحة على الصحة، وكانت كل من فرنسا وإسرائيل، قد انضمتا إلى الولايات والمتحدة وبريطانيا للتصويت ضد قرار للجمعية العامة للأمم المتحدة في كانون الأول/ديسمبر الماضي الذي يدعو إلى فرض إجراءات وقائية على استخدام الأسلحة المصنوعة من اليورانيوم المستنفد، وهو القرار الذي حظي بموافقة 155 دولة".
ويؤكد التقرير الصادر عن جماعة آي كيه في باكس كريستي، وهي جماعة سلام كنسية في مدينة أوترخت في هولندا، أن "التقارير التي تزعم أن استخدام اليورانيوم المستنفد كان يعادل 100مرة حوادث مفاعل تشيرنوبيل، أو أنه كان يستخدم كوسيلة للإبادة الجماعية، إنما هي تقارير تفتقد إلى الأسس العلمية، ومع ذلك، فإن تقرير جماعة السلام الهولندية يؤكد أن "المشكلات الصحية التي يعاني منها السكان المدنيون في العراق حقيقية، وأنه لابد من التعامل معها بجدية".
وقد اعتمد التقرير على نتائج ثلاث زيارات استقصائية إلى العراق خلال الفترة ما بين عامي 2011 و 2012 .
ويستشهد التقرير بما توصل إليه مركز الوقاية من الإشعاعات التابع للحكومة العراقية، والذي حدد في العام 2006 ما بين 300 إلى 365 موقعًا ملوثًا إشعاعيًا. ومعظم هذه المواقع تقع في إقليم البصرة جنوب العراق.
وقد انتقد المشرف على الدراسة ويم زويغنبرغ، "الولايات المتحدة بسبب امتناعها عن التأكيد بشأن ما إذا كانت قد أطلقت أسلحة من اليورانيوم المستنفد". وقال إنه "من غير الواضح تمامًا عدد المواقع التي قد تكون مازالت ملوثة، ومن غير الواضح أيضًا حجم المخاطر التي تواجه السكان المدنيين من جراء ذلك".
وأضاف أن "الاستخدام الواضح لأسلحة اليورانيوم المستنفد في المناطق العامرة بالسكان ضد عدد من الأهداف خلال العام 2003، قد زاد من تلك المخاطر". وأوضح أن "انتشار تلك المخاطر في أوساط المدنيين العراقيين يتطلب مساعدات دولية".
وتؤكد الحكومة البريطانية في إصرار أنها "ستواصل استخدام أسلحة اليورانيوم المستنفد كلما دعت الضرورة لذلك"، ويقول المتحدث باسم الحكومة البريطانية إنه "لا يوجد دليل علمي موثوق فيه أو أدلة طبية تؤكد أن اليورانيوم المستنفد يؤثر سلبًا على الصحة، ولهذا السبب فإن بريطانيا من بين الكثير من الدول التي لا تؤيد اتخاذ إجراءات وقائية عند استخدام هذه الأسلحة". وقال إنه "وعلى الرغم من أن القوات البريطانية لا تستخدم هذه الأسلحة منذ العام 2003، لكنه من الخطأ حرمانها من احتمال استخدامها في المستقبل".
وعلى الرغم من تطهير بعض المواقع، لكن التقرير يؤكد أن "الكثير من المواقع لايزال ملوثًا، ومن المنتظر اكتشاف مناطق جديدة ملوثة" ، ونسب التقرير إلى مسؤول في مركز الوقاية من الإشعاع قوله إن "الموقع الواحد يحتاج إلى ما يقرب من 150 ألف دولار لإزالة التلوث".
ويؤكد التقرير أن "الحكومة العراقية ليست لديها الموارد للتعامل مع هذه المشكلة، كما أنها عاجزة عن التحكم في تجارة الركام المعدني".
وقد رفضت وزارة الدفاع الأميركية الرد على التساؤلات المثارة بشأن هذا التقرير.