الاحتلال الإسرائيلي يستهدف المزارعين الفلسطينيين

تتواصل معاناة المزارعين الفلسطينيين شرق مدينة غزة والذين تقع أراضيهم في محاذاة الأراضي المحتلة، حيث يقوم الاحتلال الإسرائيلي باستهدافهم بشكل مباشر مما أدى إلى استشهاد العديد منهم خلال الآونة الأخيرة، إضافة إلى قيام آلياته بتجريف محاصيلهم الزراعية، وأشجار الزيتون التي يقضي المزارع وقته طويلاً لرعايتها فيما يصر المزارعون على مواصلة العمل في مزارعهم وأراضيهم، متحدين بذلك إجراءات الاحتلال الإسرائيلي وجبروته.
وتعتبر معاناة مزارعو منطقة شرق غزة، كحال المناطق الحدودية في القطاع من شماله حتى جنوبه، إلا أنّ ما يميز تلك المنطقة هو قربها المباشر من أراضي الـ48  ووجود موقع ناحل عوز العسكري شرق حي الشجاعية، ووجود أبراج عسكرية قريبة من المكان، وقد شهدت المنطقة العديد من التوغلات الإسرائيلية والاعتداءات انطلاقًا من الموقع.
وأكّد أحد المزارعين أحمد أبو سكران والذي يعمل في مجال الزراعة منذ أكثر من 20عامًا "ليس لدي عمل آخر سوى زراعة الأرض وفلاحتها لتوفير لقمة العيش لأبنائي في ظل الحصار المفروض على القطاع، ولا أملك خيارات أخرى لتلبية احتياجات أبنائي وعائلاتهم سوى مهنة الزراعة، وأنّ مهنة الزراعة هي مهنة متوارثة عن والدي، ولا نستطيع التخلي عنها في ظل وجود البطالة".
ويسرد المزارع أبو سكران معاناته "الوضع هنا صعب جدًا، حيث يتم إطلاق النار بشكل دائم على المزارعين بالمنطقة، وأن المزارع يحمل روحه على كفه نتيجة اعتداءات قوات الاحتلال وخطورة المكان في تلك المنطقة، فالخطر يهدد حياتنا كمزارعين بصورة يومية"، مبيناً أن أرضه تعرضت للتجريف أكثر من مرة.
وذكر أبو سكران، أنه "في كل مرة يقوم الاحتلال بتجريف الأرض نعيد زراعتها، مما يكلفنا كثيراُ في ظل عدم وجود مؤسسات داعمة، والأرض في الوضع الطبيعي لا تكفي لسد رمق الأسرة مما يزيد الوضع تعقيداً"، مشيراً إلى أنّ المنخفض الجوي الأخير كبده خسائر كبيرة نتيجة المياه التي غمرت أرضه 16 حيث كان لديه 16 إلف رأس ملفوف لم يبق منهم شيء سوي 100 رأس.
وأشار أبوسكران إلى، أنّه يقوم بزراعة العديد من المحاصيل منها "البندورة، الكوسا، الباميا، الباذنجان" موضحًا أنّ الخضروات أسعارها رخيصة جدًا حيث أنّ طن البندورة يباع بـ400 شيكل للمصنع بالإضافة إلى أنّ هناك العديد من الإمراض التي تصيب المحاصيل الزراعية وخصوصًا محصول البندورة ففي الوضع الطبيعي ينتج الدونم 8 طن ،إلا أنّه حاليًا ينتج أقل من 5 طن.
بينما تعرضت أرض المزارع صالح الخيسي، للتفجير أكثر من مرة ولإطلاق النار عشرات المرات وهو يقوم بزراعة أرضه التي لا تبعد سوى عشرات الأمتار عن الحزام الأمني.
وبين الخيسي أنه "نعيش يومياً حالة من الترقب والخوف بسبب الاعتداءات الإسرائيلية، وقيام الاحتلال بإطلاق نيران أسلحته الرشاشة بشكل عشوائي مما يعرض حياتنا للخطر"، لافتًا إلى أنّ "الاحتلال دمر أرضي المزروعة بالزيتون والبالغ مساحتها نحو 31 دونم، قبل 5 أعوام، واليوم نقوم بزراعة المحاصيل الخفيفة التي لا تحتاج إلى جهد كبير".
وأشار الخيسي إلى أنّ " الـ 300 متر التي ادعي الاحتلال أنه سمح للمزارعين بزراعتها باتفاق مصري فلسطيني بعد معركة "حجارة السجيل"، كذبة لم يلتزم الاحتلال بها وأي إنسان يقترب المنطقة يتم إطلاق النار عليه، مطالبًا وزارة الزراعة بدعم صمود المزارع الفلسطيني ليتمكن من مواصلة عمله والتشبت في أرضه.
ونوه الخيسي "ليس لي بديل عن زراعة الأرض بالرغم من كل المخاطر التي تحيط بنا من كل جانب"، موضحًا أنّ الجمعيات الأهلية والمختصة في مجال الزراعة لا تقدم الدعم الكافي للمزارعين.
وأكد المزارع على دلول من منطقة الزيتون، أنّ مزارعو الأراضي الحدودية دائماً ما يتعرضون للخطر وتهديد سلامتهم الشخصية، لكنهم يتمسكون بأرضهم لأن البديل عن ذلك تهجير ونهب إسرائيلي جديد للأرض.
وتبلغ مساحة أرض دلول أكثر من 8 دونمات، وتقع على مسافة 600 متر فقط بالقرب من فلسطين المحتلة عام 1948، ومبنيًا أنّ أرضه الزراعية تجرفت أكثر من مرة، وبعد ذلك يقوم بزراعتها من جديد، في إشارة إلى الإصرار والعزيمة والصمود في وجه المحتل.
وألمح دلول إلى، أنهم يتعرضون وبشكل دائم للاستهداف والملاحقة من دبابات وأبراج المراقبة على طول الحدود، حيث يتواصل عليهم إطلاق النار والقذائف بشكل هستيري، لافتًا إلى أن المزارعين يحاولون الاستفادة من أراضيهم رغم أن موسم الحصاد بات مغامرة.
واتفق المزارعون، أن معظم المناطق الحدودية تعاني من قلة الدعم والمساندة وتقديم العون بالرغم من حالة الاستهداف المتواصلة من قبل الاحتلال مطالبين بضرورة إعطاء المزارعين في المناطق الحدودية المزيد من الاهتمام، وتقديم المساعدة، لتعزيز صمودهم.
ويشير مدير عام السياسات والتخطيط في وزارة الزراعة أبوشمالة، أن وزارته توفر وتبذل ما تستطيع من أجل تعزيز صمود المزارع الفلسطيني في أرضه من خلال تقديم المساعدات وإقامة مشروعات داعمة لهم، لافتًا إلى أن القطاع الزراعي يعد الأكثر تضررًا من فرض الاحتلال الإسرائيلي للمنطقة الأمنية.
ويوضح أبو شمالة، أنّ أكثر من 25 ألف دونم من مساحة الأراضي الزراعية على امتداد المناطق الحدودية يمنع فيها الزراعة بشكل نهائي، فيما إذا قورنت بالمساحة الكلية فإنها تعد مساحة كبيرة، مشيرًا إلى أن منع المزارعين من مقاربة أراضيهم، تسبب لهم بخسائر كبيرة لهم
ورغم عظم التحديات والمخاطر إلا أنّ مزارعي المناطق الحدودية يرسمون كل يوم حكاية صمود وإرادة وتحد للمحتل الغاصب.