يعد الاعتدال في تناول الغذاء دون إفراط من أهم النصائح لصحة جيدة، ورغم حرص البعض على تناول المكملات الغذائية إلا أن الاعتدال في تناولها أمر مطلوب ايضا، فالفيتامينات والمعادن هي من أهم المواد التي يحتاجها جسم الإنسان ليتمتع بصحة جيدة، و يجب أن نتذكر دائما أن المكملات الغذائية لابد أن يصاحبها نظام غذائي سليم، وإذا كنا تتناول غذاءً صحيًا، فإننا على الأرجح لسنا بحاجة للمكملات الغذائية، ولكن يمكن تناول جرعة منخفضة من المكملات الغذائية، فمعظم المكملات متعددة الفيتامينات والمعادن متواجدة بشكل لا يزيد على 100% من القيم اليومية المطلوبة، وهي جرعة آمنة نسبيا، إلا أن المكملات التي تدعي "قدرتها الفائقة" –والتي تحتوي على جرعة أعلى كثيرًا مما نحتاج إليه- تباع أيضًا دون وصفة طبية في الصيدليات، وبعض الأسواق المركزية ومتاجر الأغذية الصحية وعبر شبكة الإنترنت ، وسواء كانت هذه المكملات تزودنا بعنصر غذائي واحد أو تجمع بين عدة فيتامينات ومعادن فإن المكملات عالية القدرة (التي تزيد كثيراً على القيم اليومية) من الممكن أن تكون ضارة. فما السبب الذي يجعلنا نشتريها إذا لم نكن بحاجة لكل هذا القدر ؟ والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو عن حجم مخاطر تناولها، فتناول العناصر الغذائية الموجودة بالمكملات بكميات مفرطة قد يكون لها آثار جانبية غير مستحبة مثل الإعياء والإسهال وسقوط الشعر. وهناك عناصر أخرى قد تعرضك لمخاطر أكثر حدة على سبيل المثال حصوات الكلى أو تلف الكبد أو العصب وتشوهات الأجنة بل والوفاة أحيانًا. ومن المعروف أن الأطفال هم الأكثر تأثراً نتيجة للجرعات الزائدة من الفيتامينات والمعادن وذلك مقارنة بالكبار، فعند تناول جرعات عالية من بعض أنواع المكملات الغذائية فقد يكون ذلك مميتاً للأطفال. فالطريقة التي يتعامل بها الجسم مع الجرعات الكبيرة من العناصر الغذائية التي تزودك بها المكملات تعتمد على عوامل عديدة منها حجم الجسم وحجم الجرعة ( المقدار وعدد مرات تناولها) ومدة الاستمرار في تناولها ، حيث إن هذه من أهم عوامل تحديد سمية المادة. ويشير اختصار. UL إلى الحد الأقصى من كمية العناصر الآمنة لمعظم الأصحاء من الناس وتناول مقدار أكبر من هذا قد يزيد من خطر التعرض لبعض المشكلات الصحية. فمثلا .. من المعروف أن الفيتامينات القابلة للذوبان بالدهون (A,D,E,K) تختزن داخل الجسم، لذلك فإن تناول مستويات مرتفعة من بعضها لفترة زمنية طويلة من الممكن أن يتسبب في التسمم، وعلى سبيل المثال الكميات الزائدة من فيتامين د قد يتسبب في تلف الكلية وانخفاض الكثافة العظمية، كما أن الإفراط في تناول فيتامين أ ولمدة طويلة قد يسبب تلفاً بالعظام والكبد ونوبات صداع وإسهالاً وتشوهات بالأجنة. كما قد تشكل مكملات الفيتامينات القابلة للذوبان في الماء(C,B) وبعض المعادن خطورة، عند تناولها بكميات فائضة عن الحد وعلى مدى فترة زمنية، فعلى سبيل المثال تناول فائض من فيتامين ب الذي قد ينصح به للمساعدة في تخفيف توتر ما قبل نزول الدورة الشهرية، حيث إن هناك بعض الأدلة على أن الجرعات الكبيرة من فيتامين ب تحقق الراحة من أعراض متلازمة ما قبل الطمث PMS ، ويعتقد كثير من النساء أن الجرعات الكبيرة من فيتامين ب غير ضارة حيث إنه فيتامين قابل للذوبان في الماء، لكن الحقيقة هو أنه قد يسبب تلفاً بالعصب غير ممكن إصلاحه عند تناوله بجرعات تزيد على مستوى الحد الأعلى القابل للاحتمال UL وهو 100 مجم يوميًا. وكما هو الحال مع الأمثلة السابقة فإن الجرعات بالغة الارتفاع من فيتامين ج قد تتسبب في الإصابة بالإسهال وحصوات الكلى لدى المصابين بأمراض الكلى ومشكلات بالمثانة، كما أن في بعض الأحيان قد يصف الطبيب جرعات عالية من النياسين لفائدته في خفض مستوى الكوليسترول المرتفع بالدم، إلا أن ذلك قد يتسبب في تلف الكبد بسبب الجرعات المرتفعة من النياسين، كما أن زيادة مقدار حمض الفوليك في إمكانها أن تخفي أعراض الأنيميا الخبيثة، مما يتسبب في تفاقم المرض دون أن يكتشف. الجرعات الكبيرة من بعض العناصر الغذائية قد تؤدي إلى نقص عناصر أخرى على سبيل المثال: تناول جرعة عالية من الكالسيوم قد يحبط عملية امتصاص الحديد وغيره من العناصر الغذائية الصغرى. الجرعات العالية من فيتامين ه يمكن أن تؤثر على عمل فيتامين ك وتزيد من قوة مفعول العقاقير المضادة للتجلط مثل warfarin ، كما أن تناو ل حمض الفوليك يمكن أن يخفي أعراض نقص فيتامين ب، كما أن تناول مكملات الزنك بجرعات تزيد على الحد الأقصى UL يمكن أن تقلل من مستوى الكولسترول "الجيد" وتدمر المناعة وتقلل من نسبة النحاس في الدم. وباستثناء قلة من الناس يعانون من حالات طبية نادرة، فإن قليلاً من الناس يحتاجون لما هو أكثر من 100% من حصصهم الغذائية الموصى بها RDAs من أي عنصر غذائي. إن الجرعات الكبيرة من الفيتامينات أو المعادن لا توصف إلا في حالات صحية معينة بعد تشخيص الأطباء لها وحتى في هذه الحالة فإن استعمالها يجب أن يتم تحت الرقابة من طبيب.