واشنطن ـ وكالات
كما هو معروف فإن غالبية أمراض العظام والمفاصل والعمود الفقري يتم البدء في علاجها عن طريق خطة علاجية غير جراحية تتكون من العلاج الطبيعي والأدوية المسكنة والأدوية المضادة لالتهاب العضلات والمفاصل والأدوية المرخية للعضلات وجلسات العلاج الطبيعي واستخدام الأجهزة المساندة مثل الأحزمة الطبية أو العكاكيز أو الأربطة المختلفة. ولكن في عدد غير قليل من الحالات فإن هذه الخطة العلاجية غير الجراحية قد لا تكون كافية في إزالة الأعراض وإعادة المريض أو المريضة لحياته بشكل طبيعي وتخفيف الآلام التي يشعر بها. كما أنه في بعض الحالات قد يستجيب المريض أو المريضة للعلاج غير الجراحي لسنين طويلة ثم تزداد شدة المرض نتيجة للتطور الطبيعي للمرض بحيث تصبح هذه الأدوية والمسكنات غير فعالة. وفي هذه الحالات يتم اللجوء إلى التدخل الجراحي من أجل علاج المرض وإنهاء المشكلة بشكل دائم ونهائي. بالإضافة إلى الفئة التي ذكرناها سابقاً فإن هناك فئة من المرضى قد لاتناسبهم الخطة العلاجية التي تتطلب استخدام الأدوية والمسكنات لفترات طويلة لما قد تحمله هذه المسكنات من آثار جانبية تؤثر سلباً على المريض. وهنا أيضاً يتم اللجوء إلى التدخل الجراحي. للأسف الشديد فإنه خلال البضعة عقود السابقة تكونت قناعات وأفكار لدى كثير من الناس عن خطورة العمليات الجراحية بصفة عامة. فمثلاً قد يسمع أحد المرضى بأن شخصا ما قد تمت له عملية جراحية معينة ولم يتم الشفاء بشكل كامل أو قد تكون حصلت له بعض المضاعفات ومن هنا يتخوف هذا المريض من إجراء العملية الجراحية. والمعروف طبياً أن أي تدخل جراحي قد تكون له مخاطر أو مضاعفات محتملة ولكن لكل مضاعفات محتملة يتم أخذ احتياطات قبل العملية الجراحية وبعد العملية الجراحية لتفادي هذه المضاعفات. ولهذا السبب فإن العمليات الجراحية وبصفة عامة سواءً في جراحة العظام أو في التخصصات الأخرى تحمل والحمدالله نسبة نجاح كبيرة هذه الأيام تفوق 90% ونراها تتم يومياً وبأعداد كبيرة في جميع المستشفيات. وللأسف الشديد فإن كثيرا من المرضى يقاومون ويرفضون التدخل الجراحي ويعانون من مشاكلهم الصحية حتى تتفاقم بشكل كبير وتصبح غير قابلة للعلاج حتى بالتدخل الجراحي. وفي هذه الحالة يكون المريض أو المريضة ضحية الإشاعات والمعلومات الخاطئة والثقافة الخاطئة التي أدت إلى رفضه وامتناعه لتقبل التدخل الجراحي إلى أن تتفاقم الحالة وتصبح غير قابلة للعلاج بأي طريقة كانت. وسنذكر لكم بعض القصص الواقعية التي حدثت لمرضى تم التأخر في إعطائهم العلاج المناسب وأدى ذلك إلى تفاقم الحالات. وهذه حالة حقيقية لرجل في العقد السابع من العمر حضر مع زوجته إلى العيادة وهو متفائل وروحه المعنوية عالية جداً ويشتكي من ألم شديد في مفصل الركبتين أدى إلى شبه إعاقة له حيث إنه لا يستطيع مجاراة زوجته ولا يستطيع الخروج والسفر معها والقيام بالأنشطة الاجتماعية والخاصة في حياته اليومية. وقد ذكر بأنه يشتكي من آلام الركبتين لفترة طويلة ولكنه كان يتناول الأدوية المسكنة ولكن في السنتين الأخيرتين أصبح لا يستطيع تحمل الألم وأصبح لايستطيع مجاراة زوجته وأصبح غير قادر على القيام بأنشطته اليومية. وقد تبين في الفحص السريري أنه يعاني من خشونة متقدمة في الركبتين وتم إجراء أشعة سينية أظهرت بوضوح تام وجود خشونة متقدمة في الركبتين تم إهمال علاجها لفترة طويلة وقد كان واضحاً من الأشعة السينية أن الحالة كان يجب علاجها عن طريق التدخل الجراحي قبل سنوات عدة. وقد ذكر المريض بأنه كان متخوفاً ورافضاً للتدخل الجراحي نتيجة الأخبار والمعلومات التي يسمعها من العامة والتي تذكر بأن التدخل الجراحي سوف يؤدي إلى إعاقة له وإلى عدم القدرة على المشي وإلى عدم القدرة على ثني الركبة وغير ذلك من المعلومات الخاطئة. وبعد أن شرح للمريض طبيعة العملية الجراحية وميزاتها والاحتمالات المتوقعة لحدوث مضاعفات تقبل العملية بل وأصر عليها في أقرب فرصة لكي يستطيع العودة لممارسة حياته بشكل طبيعي بعد انقضاء الفترة التأهيلية. وكما هو طبيعي في مثل هذه العمليات فإنه يجب قبل إجراء هذه العمليات عرض المريض على طبيب التخدير وعلى طبيب الأمراض القلبية ليتم التأكد من أنه يستطيع تحمل التدخل الجراحي. وكانت المفاجئة بأن هذا المريض لايمكن إجراء الجراحة له لأنه لن يستطيع تحمل التخدير نتيجة ضعف في عضلات القلب ونتيجة أمراض الضغط والقلب المزمنة لديه. وللأسف الشديد فإنه لم يتم إجراء الجراحة لهذا المريض وتم إخباره بالسبب وراء ذلك وبأنه يجب عليه الاستمرار في تناول المسكنات والتأقلم على الحياة مع تقليص النشاط قدر الإمكان. وبالطبع فإن المريض كان مستاءً ونادماً على عدم إجراء العملية في وقت مبكر عندما كان قلبه في وضع أفضل وكانت صحته العامة بوضع أفضل بحيث يتحمل إجراء مثل هذه العملية الجراحية. ولذلك فإن التأخر في إجراء العملية لسنوات قد أدى إلى أن تتفاقم حالة الركبتين وأيضاً إلى أن تكون صحته العامة غير قابلة لتقبل التخدير وبتالي حرمته من الاستفادة من التدخل الجراحي.