تحتل ظاهرة الانتحار المرتبة الثالثة في وفاة المراهقين والشباب ممن تتراوح أعمارهم ما بين 10و24 عاما، حيث يتسبب في قرابة 46 ألف وفاة سنويا. وترتفع نسبة الإقبال على الانتحار بين المراهقين بعد الفشل في التجارب العاطفية. وأظهرت التقارير أنه في السنوات الـ 45 الماضية ارتفعت معدلات الانتحار بنسبة 60 بالمئة في جميع أنحاء العالم. ووضع الباحثون العديد من النظريات التي تقف وراء ارتفاع معدلات الانتحار. وكانت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها قد أصدرت في وقت سابق تقريرا بينت فيه أن الانتحار في سن المراهقة قد زاد للمرة الأولى منذ 15 عاما. وتشير الأرقام إلى أن أكثر من 78 بالمئة ممن يقدمون على الانتحار في العالم العربي تنحصر أعمارهم ما بين 17 و40 عاما وأن أكثر من 69 بالمئة من أعداد المنتحرين كانت لديهم ضغوط اقتصادية قاسية. وقالت دراسة أمريكية اعتمدت على مقابلات مع آلاف المراهقين الأميركيين أن واحدا تقريبا من بين كل 25 مراهقا حاول الانتحار وأن واحدا من بين كل ثمانية فكروا في التخلص من حياتهم. وقال باحثون، نشرت نتائجهم في دورية الطب النفسي للجمعية الطبية الأمريكية، إن هذه الأرقام مماثلة لانتشار التفكير الانتحاري ومحاولاته المسجلة من جانب البالغين وهو ما يشير إلى أن سنوات المراهقة هي بالأخص فترة التعرض لخطر الانتحار. وقال ماثيو نوك أستاذ الطب النفسي الذي شارك في الدراسة بجامعة هارفارد "ما يقوله البالغون هو أن اخطر وقت يبدأ فيه التفكير في الانتحار هو مرحلة المراهقة". واعتمدت النتائج على مقابلات شخصية مع قرابة 6500 مراهق في الولايات المتحدة واستبيانات أجاب عليها آباؤهم. وأظهرت الدارسة أن أكثر من 12 بالمئة من المراهقين فكروا في الانتحار وأن أربعة بالمئة خططوا للانتحار في حين حاول أربعة بالمئة التخلص من حياتهم. ووجد نوك وزملاؤه أن جميع المراهقين تقريبا الذين فكروا في الانتحار أو حاولوا يعانون من اضطراب نفسي. وخضع أكثر من نصف هؤلاء المراهقين بالفعل للعلاج عندما سجلوا سلوكهم الانتحاري وهو ما وصفه نوك بالأمر المشجع والمقلق معا. وأظهرت دراسة حديثة نشرت في دورية صحة المراهقين "أن التفكير في التخلص من الذات قد يبدأ في وقت مبكر جدا من الحياة، إذ يمكن أن يبدأ المراهقون في التفكير في الانتحار في فترة الدراسة الثانوية أو حتى قبلها. وبينت الدراسة أن قطاعا كبيرا من المراهقين فكروا في الانتحار بل وحاولوا فعلا الشروع في ذلك قبل الالتحاق بالدراسة الثانوية، ووجد الباحثون أن الانتحار في مرحلة المراهقة والطفولة مرتبط بشكل وثيق بالاكتئاب في وقت تنفيذ محاولة الانتحار. وأوضح الباحثون أن المرضى الذين ينتهي بهم المطاف بالمرض النفسي أو المرض العقلي تبدأ الأعراض لديهم مبكرا منذ مرحلة الدراسة الإعدادية، وهو الأمر الذي جعل الدول المتقدمة تبدأ برامج الصحة العقلية والعلاج النفسي مبكرا ما دون الدراسة الثانوية. وتوصلت دراسة طبية إلى أن المراهقين الذين يجدون صعوبة ومشقة في القراءة بصورة ملحوظة، يمكن أن يكونوا الأكثر عرضة للسلوكيات والأفكار الانتحارية بالمقارنة مع أقرانهم ممن يجيدون القراءة والكتابة. وكشفت الأبحاث التي أجريت في جامعة "بودابست" المجرية، أن المراهقين الذين يعانون من مشكلات في القراءة معرضون بمعدل ثلاثة أضعاف للسلوكيات والأفكار الانتحارية، وستة أضعاف للانقطاع عن التعليم. وكانت الأبحاث الطبية، قد أجريت على أكثر من ألف طالب، عانى بعضهم من مشكلات في القراءة. وقد تم تتبع هؤلاء الطلبة على نحو ثلاثة أعوام. وأشارت المتابعة إلى ارتفاع معدلات السلوكات والأفكار الانتحارية بنسبة 18 في المئة بين الطلبة الذين لايتقنون القراءة، بالمقارنة مع نحو أربعة في المئة بين الطلاب الذين يتقنون القراءة. كما لوحظ معاناة الطلاب، الذين لايتقنون القراءة أيضاً، من مشكلات نفسية تراوحت ما بين القلق والتوتر ونوبات اكتئاب.