أكثر ما ينشغل به الأطباء بعد وضع الأم مولودها، هو التأكد من سلامة صحته ووظائفه. ولم يعد دور الأطباء اليوم مقصوراً على إخبار الأم ما إذا كانت قد رُزقت بولد أو بنت، بل إنهم يمنحونها تقريراً مفصلاً يخبرها بكافة تفاصيل صحة مولودها الجديد، بما فيها ما إذا كان بديناً أم لا، وما إذا كان عرضة للإصابة بالسمنة لاحقاً أم لا!وبالرغم من أن وقاية الأطفال الرضع من السمنة تبدأ عادة بعد الولادة، فإن باحثين دوليين يقولون إن هناك عدداً من العوامل التي تخول التنبؤ بمدى لياقة المولود، وما إذا كان معرضاً للإصابة بالسمنة بعد الولادة بنسبة دقة تتراوح بين 71% و85%.وقد نُشرت في العدد الأخير من مجلة “بلوس وان” دراسة تُعدد جملة عوامل تساعد في تحديد مخاطر إصابة المولود بالسمنة ومن بينها مؤشر الكتلة الجسمية للأبوين، ووزن الطفل مباشرة بعد الولادة، وعدد الكيلو جرامات التي أضافتها الأم إلى جسمها خلال فترة حملها، وعدد أفراد الأسرة داخل البيت، ودرجة تعليم وثقافة أم المولود، وما إذا كانت هذه الأم تدخن خلال فترة الحمل أم لا. وقد وجد هؤلاء الباحثون أن مخاطر إصابة المولود بالسمنة لاحقاً تتأثر بشكل كبير بمؤشر الكتلة الجسمية للأبوين كليهما، وليس للأم فقط. فإذا كان أحدهما أو كلاهما يعاني من السمنة، فإن احتمالات إصابة ابنهما الرضيع بالبدانة ترتفع. ولكن توجد عوامل أخرى تُحدد ما إذا كان المولود مرشحاً للالتحاق بزمرة البدناء من عدمه، وذلك مثل كون أمه كانت مدخنة خلال فترة الحمل وما إذا كانت أماً متعلمة وتتمتع بثقافة أمومة وتربية عالية أم أنها تفتقدها.ويقول الباحثون إن أقل المواليد عُرضة للبدانة هم أولئك الذين يولدون في بيوت يبلغ معدل عدد أفرادها خمسة أشخاص، وأولئك الذين لا تتعدى أوزانهم فور ولادتهم ثلاثة كيلوجرامات، ومن يتمتع آباؤهم بوزن مناسب ولياقة جيدة، ومن تمتنع أمهاتهم عن التدخين خلال فترة الحمل. ويفيد الباحثون أن نسبة الإصابة بالسمنة في مرحلة الطفولة تصل عند الولادة إلى 0,13%.وإذا بلغ وزن الطفل عند ولادته أربعة كيلوجرامات فما فوق عند الولادة، ونشأ في بيت من ثلاثة أفراد من بينهم أب بدين وأم يفوق مؤشر كتلتها الجسمية 35، وواصلت أمه التدخين خلال الحمل وكانت متدنية الثقافة والتعليم والمهارات المهنية، فإن نسبة مخاطر إصابته بالسمنة ترتفع إلى أكثر من 77%. ويفيد الباحثون أن الرضاعة الطبيعية تُساعد في تقليل مخاطر إصابة الأطفال بالسمنة، وأن الرضع الذين لا يتناولون أطعمة صلبة قبل بلوغ ستة أشهر أقل عُرضة للإصابة بالبدانة. وغني عن التذكير في هذا الصدد أن مشاهدة القنوات التلفزية وتناول المشروبات الغازية والمحلاة من أكثر مسببات السمنة لدى الأطفال. وكانت دراسة سابقة قد أشارت إلى أن الآباء الذين يعجزون عن تحقيق أمن غذائي نوعي لأطفالهم عبر تزويدهم على نحو منتظم بالأطعمة الصحية يُسهمون في رفع مخاطر إصابة أبنائهم بالسمنة أثناء الطفولة.ويضيف الباحثون أنه حتى لو كانت المرأة بدينة قبل الحمل، فإن واجبات الأمومة تقتضي منها بذل جهد كاف لإنقاص وزنها والامتناع عن التدخين عساها تُقلل مخاطر إصابة مولودها بالسمنة.وبالرغم من ذلك، يُحذر الباحثون الأمهات من مغبة محاولة إخضاع أطفالهم الرضع لحمية غذائية. فحرمان الطفل في سنواته الأولى من السعرات الحرارية يمكن أن يتسبب للطفل في الكثير من الأضرار الصحية.