القدس المحتلة ـ معا
معاناة مرضى البصريات في قطاع غزة، خاصة من يعانون كسلاً في كلتا العينين، أو إحداهما، باعتبار أن علاجهم غير ممكن، حسبما أقرت منظمة الصحة العالمية، جعلت أخصائي علاج البصريات والحول، د. أحمد تنيرة، للبحث في طريقة علاج تمكنهم من الرؤية بشكلٍ طبيعي. ةقد بدأ مشواره ببحث علمي عن أعصاب الدماغ وعلاقتها بالرؤية ليوصله إلى علاج لمرض كسل العين بسبب انخفاض مستوى النبض العصبي الواصل للدماغ ليبدأ بإيجاد وسيلة لرفع مستوى النبض العصبي الواصل للدماغ، متمثلة في تعريض العين لإضاءة بيضاء كاملة من خلال شاشة حاسوب عادي، ومن ثمَّ يتم سحب الضوء كاملاً بعد ثانية أو أقل، مما يُحدث عملية تأقلم للعين تؤدي بها إلى إفراز الأنزيم المطلوب لوضوح الرؤية بشكلها الطبيعي، وتكون بمثابة علاج لحالات كسل العين عند من تزيد أعمارهم عن ثماني سنوات، وهو أمر لم يعهده طب العيون لا في فلسطين ولا في العالم أجمع. يتحدث تنيرة عن فكرته فيقول "ما دفعني لتبلور هذه الفكرة في ذهني هو رؤيتي لأناس كنت أراهم يأتون إلى مستشفى النصر للعيون وكنت أرى في عيونهم الحزن عندما يخبرهم الطبيب أنه لا أمل من علاجهم خاصة هؤلاء الذين يعانون من مرض الحول وكسل العينين". ويتابع "فكرة عمل الجهاز الذي قمت بتصميمه للعلاج البصري المحوسب يقوم على أساس مجموعة من فلاتر ملونة ومناشير ثلاثية الأبعاد يقوم المريض بإرتدائها ويقوم بالتعرض عبر برنامج محوسب على جهاز الحاسوب يعمل على تدريب عضلة العين والأعصاب عند المريض ويقوم بتصحيح عمل الدماغ". ويضيف تنيرة "تمثل الإنجاز الذي حققته بعد دراسة وتجريب على ما يزيد على 100 حالة، في علاج كسل العين لمن تزيد أعمارهم عن ثماني سنوات، خاصة وأن علاج كسل العين غير مقر من منظمة الصحة العالمية، ويعتبر لا علاج له". أما عن كيفية توصله لعلاج المرض فيقول "توصلت له عن طريق الصدفة؛ إذ كنت في البداية مهتمًا بالبحث بشكل معمق في الأعصاب وعلاقتها بالرؤية، وكان الاستنتاج من الدراسات والأبحاث التي قرأتها، أن مشكلة كسل العين لها علاقة بالأعصاب، وتكمن داخل القشرة الدماغية في الأعصاب أو الدماغ، ومن ثمَّ توالت عملية البحث عن الطرق المؤدية لعلاج كسل العين، لكن النتيجة التي توصلت إليها كانت مخالفة للتعريف الموجود في الكتب الطبية، وبدأت بعلاج الدماغ أولاً؛ كون العين خالية من المشاكل، كانت الخطوة الأولى الكشف عن أن كسل العين ناتج عن عدم إفراز الدماغ أنزيمًا معينًا، فحاولت إيجاد طريقة تعمل على إفراز هذا الإنزيم، وتؤدي مع الاستمرار والمتابعة إلى علاج الرؤية البصرية لدى المريض". ويكمل تنيرة حديثه "وجدت أن تعريض العين للضوء يزيد النبض العصبي للدماغ، ويجعلها قادرة على إفراز الأنزيم الذي يؤدي عدم إفرازه إلى الإصابة بكسل العين. وقفت بدايةً على طبيعة إدخال العين للضوء، وكيفية استقباله من الدماغ، وهذا ما منحني البداية للتفكير في الآلية التي سيكون عليها علاج كسل العين ليزيد من إمكانية إفراز الأنزيم الموضح للرؤية، والمساعدة على رؤية الأشياء بشكلها الطبيعي". يقوم العلاج بدايةً على العلاج البصري العادي للمرضى، سواء تقويم الحول، أو استخدام نظارة لضعف البصر، ومن ثمَّ معالجة وضوح الرؤية باستخدام تقنية الحاسوب المبتكرة، والقائمة على تعريض العين لفترات متتابعة لضوء أبيض يساعد الدماغ على إيجاد أعلى نبض عصبي؛ لتتمكن من إفراز يعمل على توضيح الرؤية. ويتميز بسهولة تطبيق هذا الانجاز؛ إذ إنه لا يكلف أكثر من جهاز حاسوب عادي، ونظام تتابعي من الأوقات، وبالإمكان الحصول على نتائج سهلة دون التعرض لأذى أو أعراض جانبية سوى صداع خفيف في بدايات العلاج؛ كونه يعتمد على التركيز البصري في شاشة الحاسوب. وعن التحديات التي واجهته يؤكد أنه واجه عقبتين رئيسيتين وهما الوعي العربي، وليس الفلسطيني فحسب، عن تخصص البصريات الطبية، واعتقادهم أنه يقتصر على عمل النظارات الطبية، وتحديد نوعيتها، وثانيهما التعامل مع الفئات الطبية الأخرى. وفي رده على سؤال ما إن حاولت جهات خارجية باستمالته كي تستثمر مشروعه لصالح الدول الأجنبية التي لم تستطع لحتى هذه اللحظة لأن تتوصل لعلاج المرض يوضح أن عميدة كلية الدراسات العليا بجامعة اسكتلندا "إيلسون سونيفرا " قامت بزيارتهم في مركزهم الطبي المتواضع لتعرض عليه بأن يأخذوا هذه التقنية للخارج لكنه رفض الفكرة إيمانا منه بأن أبناء شعبه هم من يستحقون مثل هذه التقنية لمعالجتهم منوها أن هناك مرضى من خارج القطاع يتمنون أن تفتح المعابر كي يتمكنوا للعلاج من أمراض الحول وكسل العينين. وفي نهاية لقاء معا معه يتمني تنيرة ايصال الفكرة على مستوى دولي، وان تنتشر فكرته خارج قطاع غزة وأن يحاول نشرها في مجلة محكمة دوليًا للبحث، بشكل رسمي وعلمي ولن يكتفي بالتوقف عند هذا الحد من الدراسات بل سيتابع أبحاثه والتوسع في مجال العلاج البصري، والرؤية العصبية؛ كونه تخصصًا نادرًا على مستوى الشرق الأوسط.