مخاطر قد تؤدي إلى فناء الجنس البشري

تميل الثقافة العالمية للتركيز على الاحتمالات المثيرة التي ستتسبب في فناء الجنس البشري من على سطح الأرض، مثل التفكير في اصطدام كويكب يجول في الفضاء بالأرض، أو أن تغزو الكائنات الفضائية الأرض، وما دامت نهاية البشرية تعد أمرًا محتملاً، فإن التركيز على هذه السيناريوهات السابقة قد يتسبب في عدم الانتباه إلى تهديدات جدية نواجهها في عالمنا اليوم، ربما في مقدورنا تجنبها.

التهديدات البركانية

في عام 1815 أدى ثوران بركان "جبل تامبورا"، في إندونيسيا، إلى مقتل 70 ألف شخص، ونثر الرماد البركاني في طبقات الجو العليا، وتسبب هذا الرماد في حجب ضوء الشمس والحد من وصوله إلى الأرض، فانخفضت حرارة الأرض وحدث ما عرف باسم "عام بلا صيف".

وفي إندونيسيا أيضا مازالت بحيرة توبا في جزيرة سومطرة، شاهدا على قصة أكثر مأساوية. فقد تشكلت هذه البحيرة بسبب ثوران بركان ضخم قبل 75 ألف عام، والذي امتد تأثيره إلى جميع أنحاء العالم في ذلك الوقت.

ويُعتقد أن الحادث أدى إلى تراجع دراماتيكي في أعداد البشر الأوائل الذين سكنوا الأرض، لكن شكك بعض العلماء بهذه الفرضية مؤخرا.

اقرا  ايضَا:

علماء يُراقبون خطر ارتفاع الصهارة ببركان يلوستون في أميركا

وفي الوقت الذي تثير فيه فرضية ثوران بركاني ضخم الذعر، لا يجب علينا القلق كثيرا من حدوث هذا. فالبراكين الضخمة والكوارث الطبيعية الأخرى، مثل اصطدام كويكب بالأرض أو انفجار نجم في مجرتنا، أمور غير متوقعة الحدوث في عام 2019 أكثر من أي عام أخر. بل هي أمور ليست مرجحة جدا.

كما تسبب فوران بركان جبل تامبورا في عام 1817 بمقتل أكثر من 70 ألف شخص. وتسبب ثوران بركان إيافيالايوكل في أيسلندا عام 2010، الذي لم يقتل أي شخص، تعطيل حركة الطيران فوق أوروبا لمدة ستة أيام.

تغير المناخ

وبالنسبة للتهديدات الأخرى غير الطبيعية، لا يمكن التغاضي عن العديد من التهديدات التي يتسبب فيها البشر للحياة على سطح الأرض. على سبيل المثال، أدرجت كل من منظمة الصحة العالمية والمنتدى الاقتصادي العالمي تغير المناخ وآثاره كأحد أهم المخاطر التي تتحسب لها في 2019.

كانت محادثات الأمم المتحدة الأخيرة قد أدركت أن تغير المناخ كان بالفعل "مسألة حياة وموت" بالنسبة للعديد من مناطق العالم. بينما يعتقد الكثيرون، بمن فيهم السير ديفيد أتينبورو، صانع الوثائقيات والكاتب البيئي ومحرر كتب الأطفال العلمية، أنه يمكن أن يؤدي إلى انهيار الحضارات وفناء "الكثير من العالم الطبيعي".

وحول رصد أحداث سابقة في الطبيعة، فعندما استكشف العلماء الخطر المحتمل لمفاعل سيرن (التابع للمنظمة الأوروبية للأبحاث النووية)، فقد بحثوا عن بيئات مشابهة حدثت في النجوم.

ويستخدم العلماء نماذج معقدة لطبقات الجو لاستكشاف مستقبل مناخ الأرض، أما بالنسبة للتهديدات التي لا يمكن وضعها في نماذج، يستنبط العلماء بعض الرؤى من خلال المشاركة سيناريوهات لعبة الحرب والممارسات الأخرى.

وتحافظ الحكومة البريطانية على سجل للمخاطر الوطنية، منها الفيضانات والفضاء والطقس والأمراض.

فالتهديدات معقدة ومتنوعة، من موجات الحرارة القاتلة وارتفاع مستويات البحار إلى انتشار المجاعات والهجرة على نطاق هائل حقاً.

 الذكاء الاصطناعي (AI)

وتتراوح السيناريوهات المحتملة لهذا الخطر بين أسلحة سيبرانية متطورة يمكن أن تضع بيانات ومعلومات أمة بأكملها في موضع مساومة وطلب فدية، وبين أيضا خوارزميات آلية ومستقلة عن سيطرة البشر يمكن أن تتسبب دون قصد في انهيار سوق الأسهم.

وهناك تهديد آخر هو احتمال نشوب حرب نووية.

وإذ يركز الكثيرون على التوترات المتزايدة بين القوى العالمية، فإن التقنيات الجديدة تشكل خطرا وقد تجعلنا أقل أمانًا.

ويرجع ذلك إلى "التشابك" والتداخل بين الأسلحة النووية والأسلحة التقليدية ووجود خطر أن يتسبب الذكاء الاصطناعي في إطلاق حرب نووية.

وفي عام 2017، أدى الهجوم الإلكتروني "وونا كراي"، الذي كان يسعى للحصول على مبالغ فدية إلى تعطيل أجزاء من هيئة الصحة الوطنية البريطانية ومنظمات أخرى حول العالم، هلى الرغم من أنه غير متطور نسبيا.

ونظرا لأن كل شيء نعتمد عليه يعتمد أيضا على نظام كهربائي وحوسبة وإنترنت فعال، فإن كل ما يمكن أن يتسبب في تلف هذا الأنظمة، سواء بسبب التوهج الشمسي أو انفجار نووي في طبقات الجو العليا، قد يتسبب في أضرار بالغة الانتشار.

الأوبئة العالمية

وثمة خطر آخر يبدو متنامٍ، وهو الأوبئة العالمية. ويُعتقد أن مرض الأنفلونزا، على سبيل المثال، يمكن أن يقتل حوالي 700 مليون شخص ويكلف الاقتصاد العالمي 500 مليار دولار في العام الواحد، كما تجري الصين تجارب للوقاية من مرض أنفلونزا الطيور.

وتعد المناطق السكانية عالية الكثافة وكذلك المجموعات البشرية المتنقلة والرحالة أكثر الفئات عرضة لسلالات جديدة من الأنفلونزا تنتشر بسهولة. وهذا يثير المخاوف من تفشي الوباء مستقبلا، مثلما انتشرت الأنفلونزا الأسبانية عام 1918، وتسببت في مقتل 50 مليون إنسان.

لكن مع هذه المخاوف فإن انتشار برامج التطعيم وتحصين البشر ضد هذه الأمراض بجانب إجراءات الوقاية الأخرى يساعد بصورة كبيرة في الحد من هذا الخطر.

خطر الإنقراض

وعلى الرغم من أن هذه التهديدات حقيقية، إلا أن الخطر الأعظم الذي نواجهه في عام 2019، عندما ننظر إلى الأمر من منظور عالمي، ربما يكمن في مكان آخر.

ومع وجود ثمانية مليارات شخص يعيشون على الأرض، نعتمد بشكل متزايد على النظم الكونية لبقائنا. وتمتد هذه النظم من البيئة، التي توفر لنا الطعام والماء والهواء النقي والطاقة، وتصل إلى الاقتصاد العالمي الذي يحول هذه الموارد الطبيعية إلى سلع وخدمات.

ومع ذلك، فإن انخفاض مستويات التنوع البيولوجي وكذلك الإفراط في البنية التحتية وسلاسل الخدمات والتوريد، فإن العديد من هذه الأنظمة ربما وصلت إلى نقطة الانهيار. ويزيد التغير المناخي السريع الأمور سوءا.

في ضوء ذلك، قد لا يكون من الضروري تحديد المخاطر العالمية بحجم الكارثة التي تسببها، ولكن من خلال قدرتها على تعطيل هذه الأنظمة الحيوية.

منع الكارثة
ربما تكون هناك طرقا جديدة للحد من هذا الخطر.. ثمة حكاية قديمة عن كنوت، ملك الدنماركيين، الذي حاول دفع البحر ليتراجع عن الشواطئ. يمكن لشعور مشابه بالعجز أن يسيطر علينا بسهولة عندما ننظر إلى كوارث مستقبلية محتملة.

بيد أن الحقيقة هي أن الدنماركيين نجحوا في إبعاد البحر عن الشواطئ طوال أجيال: من خلال تشييد السدود وتجفيف الأهوار لحماية أنفسهم من المد القادم.

فمن الأفضل في بعض الأحيان حماية أنفسنا عبر التفكير في طرق تجعل البشر أكثر مرونة في التعامل مع الكوارث المقبلة. وهذا الأمر قد يمنحنا أفضل الوسائل لضمان أن عام 2019 وما بعده، ستكون آمنة لحياة البشر.

وقد يهمك ايضَا:

شاطئ في هاواي يتحول إلى اللون الأسود بفعل الحمم البركانية

بركان جزيرة "أناك كراكاتو" في إندونيسيا "على حافة الموت"