الرياض ـ وكالات
أوضح الدكتور عبدالله محمد كعكي، رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية لطب الألم، ورئيس قسم التخدير والعناية المركزة في كلية الطب بجامعة الملك عبدالعزيز، أن 60 % من مرضى السكري في السعودية يعانون من آلام اعتلال الأعصاب. وعرّف كعكي في محاضرة للإعلاميين -ضمن إطار فعاليات حملة “تعرف على ألمك وتغلب عليه” للتوعية بمضاعفات مرض السكري وعلاجها الذي استضافته الجمعية السعودية لطب الألم”- آلام اعتلال الأعصاب لدى مرضى السكري، بأنه شكل من أشكال اعتلال الأعصاب الناتج عن سوء السيطرة على مستويات السكر في الدم، حيث أكدت دراسة حديثة أن أكثر من 65,3% من الأشخاص المصابين بداء السكري في المملكة العربية السعودية الذي تصل نسبتهم إلى أكثر من 28% يعانون من هذه المشكلة المؤرقة في مرحلة معينة من مراحل حياتهم، وعادة لا يتم تشخيص المرض في الوقت المناسب”. وذكر أن هذه النسبة مرتفعة نوعاً ما بالمقارنة مع الدول الغربية خصوصاً، كما بينت الدراسة أيضاً أن معدل انتشار آلام الأعصاب لدى الذين يعانون من آلام الظهر المزمنة في الشرق الأوسط تصل إلى ٥٥ % مقارنة مع الدول الغربية التي تتراوح فيها ما بين ٢٥-٣٧%. وقدم الدكتور كعكي شرحاً علمياً مبسطاً للسبب وراء حدوث هذه الآلام، وهو نتيجة تأثر خلايا الأعصاب عندما يصل السكر في الدم إلى مستويات عالية؛ حيث ترسل الأعصاب التالفة – التي تصبح مثارة – إشارات متلاحقة إلى المخ والنخاع الشوكي، مسببة الشعور بآلام مبرحة، مؤكدأً أن هذه الحالة لها تأثير سلبي كبير على حياة المريض الذي يصعب عليه ممارسة أبسط الأنشطة اليومية مثل التنقل والحركة والعمل وغيرها من الأنشطة الاجتماعية. وعن أبرز التحديات الحالية التي تزيد من صعوبة هذه المشكلة قال الدكتور كعكي إن وصف وتحديد نوعية الألم بشكلٍ خاطئ الذي غالباً ما يعتقد أنه آلام جسدية عادية، ينتج عنه التشخيص الخاطئ للحالة أو عدم تشخيصها بداية، وذلك نتيجة التوجه لغير المتخصصين طلباً للعلاج، لذلك تستمر معاناة المريض دون أن يتم التعامل مع المشكلة بشكل سليم. وأضاف الدكتور الكعكي أن طبيعة هذه الآلام تختلف اختلافاً كلياً عن أية آلام أخرى نظراً لكونها ناشئة عن اختلال وتلف في وظائف الأعصاب وبالتالي لا تفيد معها مسكنات الآلام العادية ولا مضادات الالتهاب من أدوية الروماتيزم وغيرها، بل يجب وصف الأدوية المتخصصة من قبل المختص المشرف على علاج المريض، ووفقاً لإحصائيات الجمعية الأمريكية للسكري فإن 25% من مرضى آلام اعتلال الأعصاب فقط هم الذين يتم تشخيص حالاتهم، وأن 56% منهم لا يعلمون بإصابتهم باعتلال الأعصاب الناتج عن السكري، وأن المرضى الذين يعانون من هذه المشكلة يعانون أيضا من مجموعة أعراض متزامنة مثل صعوبة النوم، والقلق وغيرها. وحذر الدكتور كعكي من الأعباء المالية التي يمكن أن تنجم عن التأخر في تشخيص وعلاج هذا المرض الذي تتمثل أهم أعراضه في الإحساس بتنمل اليدين والقدمين، والشعور بألم كالصعق الكهربائي، وأخرى كوخز الإبر والحرقان، مع ملاحظة أن هذه الآلام تزداد عند ملامسة الجلد للملابس أو حتى غطاء النوم، مشيراً إلى أن مجموع تكاليف الرعاية الصحية لعلاج مرضى السكري الذين يعانون من آلام اعتلال الأعصاب قد تصل إلى ثلاثة أضعاف تكاليف علاج مرضى السكري الذين لا يعانون من هذه الآلام. وقدّم رئيس الجمعية السعودية لطب الألم تصوراً واضحاً حول كيفية التعامل مع هذه المشكلة الصحية، موضحاً أن المحافل الطبية العالمية وعلى رأسها الأكاديمية الأمريكية لطب الأعصاب، وجمعية الألم الكندية، والاتحاد الأوروبي لجمعيات الأعصاب، والرابطة الدولية لدراسة الألم، وغيرها، أوصت كافة الأطباء باستخدام عقار “بريجبالين” كخط أول فعّال في علاج آلام اعتلال الأعصاب، وأمثاله من العقاقير المؤثرة على الأعصاب. وفي الختام، خرجت ورشة العمل بعددٍ من التوصيات من أبرزها أهمية العمل على رفع معدلات التشخيص الصحيح باستخدام الطرق التشخيصية الصحيحة المعتمدة طبياً، ولعل أهمها استبيان المسح التشخيصي المعروف باسم “DN4“ التي سهلت على الأطباء عملية التشخيص وساعدتهم في التشخيص الدقيق، كما ركزت على دور الإعلام في رفع مستويات الوعي لدى المرضى والعامة حول طبيعة وأسباب آلام اعتلال الأعصاب.