الصوم المتقطع، الذي يشمل الصوم الدوري أو تخطي وجبة أو وجبتين في أيام معينة من الأسبوع، من شأنه أن يساعد على تعزيز الصحة، وتقييد السعرات الحرارية، من دون الإضرار بالجسم. وتشير الدراسات إلى أن فئران التجربة التي خضعت للصوم يوماً بعد يوم تستهلك سعرات حرارية أقل مما تستهلكه عادة. وفي دراسة عام ‬2003 على فئران التجربة، أشرف عليها رئيس المعهد القومي لمختبر علم الأعصاب الشائخة، مارك ماتسون، ثبت أن الفئران التي تصوم بانتظام تتمتع بصحة جيدة أكثر من الفئران التي تخضع لتقييد سعراتها الحرارية باستمرار، وأنها تتمتع بمعدلات أقل من الانسولين والجلوكوز في الدم، التي تعني زيادة الحساسية للأنسولين وانخفاض مخاطر مرض السكري.وتنبه الأديان إلى أن الصوم غذاء جيد للروح، إلا أن فوائده البدنية لم تعرف على نطاق واسع حتى أوائل القرن العشرين، عندما بدأ الأطباء يوصون به علاجاً لمختلف الاضطرابات، مثل السمنة والسكري والصرع. وبدأت البحوث ذات الصلة بتقييد السعرات الحرارية في ثلاثينات القرن الماضي، بعدما اكتشف خبير التغذية بجامعة كورنيل، كلايف مكاي، أن الفئران التي تخضع لنظام غذائي صارم يومياً منذ سن مبكرة تعيش حياة أطول، وتصبح أقل عرضة للإصابة بالسرطان وأمراض أخرى عندما تكبر في العمر، مقارنة مع الحيوانات التي تأكل بإرادتها. البحث في تقييد السعرات الحرارية والصيام الدوري أفرز نتائج جديدة عام ‬1945، عندما أثبت علماء جامعة شيكاغو بأن التغذية يوماً بعد يوم تطيل العمر الافتراضي للفئران، وعلاوة على ذلك، فإن الصوم المتقطع «يساعد في ما يبدو على تأخير تطور الاضطرابات التي تؤدي إلى الوفاة»، وفقاً لتقرير الباحثين في جامعة شيكاغو. ويعتقد ماتسون أن الصوم المتقطع يشكل ضغطاً معتدلاً على الجسم ويعمل باستمرار على تقوية دفاعات الخلايا، ويحميها من التلف الجزيئي. وعلى سبيل المثال، فإن الصيام يزيد من مستويات «البروتينات المقترنة» التي تمنع تجمع الجزيئات الأخرى في الخلية بشكل غير صحيح. إضافة إلى ذلك، فإن الفئران التي تخضع للصوم تتمتع بمستويات أعلى من «عامل التغذية العصبية المستمدة من الدماغ»، وهو البروتين الذي يمنع الخلايا العصبية من الموت. ويرتبط انخفاض مستويات عامل التغذية العصبية المستمدة من الدماغ بكل شيء بدءاً من الاكتئاب وانتهاءً بمرض الزهايمر، على الرغم من أنه لم يتضح بعد ما إذا كانت هذه النتائج تعكس السبب والتأثير. والصوم يقوي أيضاً من عملية الهضم الذاتي، وهو نوع من الانظمة التي تساعد الجسم على التخلص من الجزيئات التالفة، بما في ذلك تلك الجزيئات المرتبطة في السابق بمرض الزهايمر والشلل الرعاش والأمراض العصبية الأخرى. أحد التأثيرات الرئيسة للصيام المتقطع هو زيادة استجابة الجسم للأنسولين، وهو الهرمون الذي ينظم مستوى السكر في الدم، إذ إن انخفاض الحساسية للأنسولين غالبا ما يقترن بالسمنة ومرض السكري وأمراض القلب، وأن الحيوانات والبشر المعمرين يتميزون بمستويات منخفضة بشكل غير عادي من الأنسولين، ربما لأن خلاياهم أكثر حساسية للهرمون، وتحتاج بالتالي لقدر قليل منه. وأظهرت دراسة حديثة في معهد سولك للدراسات البيولوجية بولاية كاليفورنيا، أن الفئران التي تتناول الأطعمة الدسمة لمدة ثماني ساعات في اليوم، وتصوم لاحقاً بقية اليوم لا تصبح بدينة أو تظهر عليها مستويات مرتفعة من الانسولين بشكل خطر. ؟ عن مجلة «ساينتفيك أميركان»