ربما لم يكن على الممثل والمخرج الأميركي بن أفليك حلْق لحيته الكثة بعد الفوز بجائزة الأوسكار عن فيلم «أرجو». ولعل إطلاق لحية وشاربين كثيفين هو المظهر المفضل حصرياً للمتمردين على طقوس هوليوود، أو المؤمنين حقاً بأن عدم إزالة شعر الوجه يزيده وسامة وجاذبية، أو صحة وعافية. وقد أظهرت دراسة أسترالية حديثة أن اللحية تحمي الرجل من الأشعة فوق البنفسجية الضارة، وأن أصحاب اللحى هم أقل الناس عرضة للإصابة بسرطان الجلد. يعد سكان أستراليا أكثر سكان قارات كوكب الأرض إصابة بسرطان الجلد. ما دفع العلماء والباحثين فيها إلى تكثيف بحوثهم من أجل الإحاطة علماً بكافة الأسباب التي تجعل الأستراليين يتصدرون قائمة المصابين بسرطان الجلد في العالم. وقد كشفت آخر هذه الدراسات أن شعر الوجه يحمي الرجال نسبياً من تضرر بشرتهم من أشعة الشمس فوق البنفسجية الضارة. ويقول أستاذ الفيزياء الإشعاعية في جامعة كوينزلاند الجنوبية بمدينة توومبا في أستراليا الدكتور ألفيو باريسي «عندما يُبقي الرجل شعر وجهه وأعلى ظهر عنقه دون حلق، فإن عامل الحماية من الأشعة فوق البنفسجية (UPF) يتراوح لديه ما بين 2 إلى 21 من أصل 50. وهذا يعني أنه يقلل امتصاص بشرته للأشعة فوق البنفسجية بنسبة تتراوح بين 50 إلى 95%». وعلى سبيل المقارنة، فإن عامل الحماية من الشمس (SPF) الذي يتحقق عند استخدام مرهم معتمد طبياً للوقاية من الأشعة فوق البنفسجية هو 30. أجرى الدكتور باريسي وزملاؤه اختباراً حول أسباب الإصابة باحمرار الجلد الناتج عن زيادة تدفق الدم إلى الشعيرات الدموية في الطبقات السفلى من النسيج الجلدي، أو التعرض لأشعة الشمس فوق البنفسجية الحارقة، والتي تزيد مخاطر الإصابة سرطان الجلد من نوع الورم غير الميلانيني. ويقول باريسي إن «لشعر الوجه فعالية أكبر في كبح الأشعة فوق البنفجسية «ب» (UVB)، وفعالية أقل في صد الأشعة فوق البنفسجية «أ» (UVA)، هذا علماً أن الأشعة «أ» تُعد من أسباب الإصابة بسرطان الجلد وشيخوخة البشرة، في حين يُؤدي التعرض للأشعة «ب» إلى الإصابة بحرقان البشرة فقط». وشملت الدراسة ثلاثة رؤوس «مانيكان». وربط الباحثون بكل رأس جهازاً دقيقاً لقياس الجرعة الإشعاعية للأشعة السينية، أو الإشعاع الذي يتم امتصاصه في فترة معينة وفي مناطق مختلفة تشمل الشفة العليا والفك العلوي والفك الأوسط والفك السفلي والذقن. ثم ألبس الباحثون بعد ذلك لحية لكل وجه «مانيكان». إذ وضعوا لأحد الوجوه لحية كبيرة شبيهة بتلك التي يعرف بها الممثل الأميركي خوان فينيكس، بينما جعلوا لوجه ثان لحية قصيرة خفيفة، في حين تركوا الوجه الثالث حليقاً دون شعر. ووُضعت الوجوه الثلاثة على منصة دوارة في مكان يقع خارج حرم جامعة كوينزلاند الجنوبية. وأُخذت مقاسات إشعاع الأشعة فوق البنفسجية من على كل وجه بعد تعريض الوجوه الثلاثة للشمس مدة ساعة. وجُمعت بيانات الجرعات الإشعاعية المخزنة في كل وجه طوال سنة كاملة، أي على مر كل فصول العام. وأظهرت النتائج أن شعر الوجه قلل من كمية الأشعة فوق البنفسجية التي تعرض لها الجلد الواقع تحت اللحية والشارب، علماً أن درجة الحماية كانت مرتبطة بطول شعر الوجه وكثافته، وزاوية تموقع الشمس في السماء، ومواضع الوجه. فالشفة العليا على سبيل المثال تمتص أكبر قدر من الأشعة فوق البنفسجية