الخرطوم ـ عبد القيوم عاشميق
قُتل 23 سودانيًا وأصيب أكثر من 55 آخرين في انفجار جديد للأوضاع المتأزمة بين قبيلتي البني هلبة والقمر في ولاية جنوب دارفور، وأدت المواجهات التي بدأت، الأربعاء، إلى إحراق مدينة كتيلا وفرار نحو 20 ألف من سكانها إلى محلية تلس المجاور، فيما دانت حكومة جنوب دارفور الاعتداءات وجددت في بيان لها، الخميس، دعوتها للأطراف المتصارعة بوقف أعمال العنف والجنوح إلى السلام، كما دان "مجلس الأحزاب السياسية" في جنوب دارفور أعمال العنف وحث المجلس الأطراف على ضبط النفس والهدوء. وهذا و تُعد هذه الموجة من العنف امتحانًا حقيقيًا لوالي جنوب دارفور الجديد اللواء آدم محمود جار النبي الذي تم تعينه خلفًا لحماد إسماعيل لمعالجة الخلل الأمني والسيطرة على الصرعات القبلية التي تشهدها الولاية من حين لآخر. وكانت قد وقعت القبيلتان العربيتان (القمر والبني هلبة) اتفاقا الشهر الماضي نص على وقف لإطلاق النار وكافة أشكال العدائيات وفض التجمعات والحشود على أن تباشر السلطات الحكومية دورها في مراقبة الحدود العازلة بين الجانبين ، ويعد اتفاق وقف العدائيات الموقع هو الرابع من نوعه بين الطرفين. فيما اتهم المتحدث باسم قبيلة القمر أبكر التوم حكومة ولاية جنوب دارفور بالتراخي والتساهل مع قبيلة البني هلبة، وقال في تصريحات للصحافيين "إن القوات الحكومية انسحبت قبل دقائق من بدء الهجوم تاركة المنطقة وسكانها لنحو 1000 من المسلحين الذين ينتمون إلى البني هلبة والذين استخدموا سيارات الدفع الرباعي والخيل والجمال وكافة أنواع الأسلحة". ومن جانبها تقدمت القبيلة باحتجاج رسمي لحكومة جنوب دارفور وبمذكرة إلى البعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي العاملة في دارفور ( يوناميد ) وقال مصدر في جنوب دارفور فضل عدم الكشف عن اسمه لـ"اللعرب اليوم" " إن جذور الصراع تعود إلى تمتع قبيلة القمر بصلاحيات إدارية وفقا لتقسيمات سياسية داخل المنطقة التي تقع تاريخيا ضمن نفوذ قبيلة البني هلبة. من ناحية أخرى قال مستشار حكومة ولاية جنوب دارفور الدكتور عثمان إبراهيم "إن الأوضاع مستقرة الآن في أعقاب العنف الذي اندلع الأربعاء" ، وأعترف بحدوث خسائر نتيجة للمواجهات بين القبيلتين لكنه قال "إنه لا يملك إحصائيات أو أرقام دقيقة بعدد القتلى والجرحى، وأعداد النازحين الذين فروا من القتال ، ثم عاد وأكد أن حكومة الولاية سيطرت على الموقف ، ونفي أن تكون حكومة الولاية منحازة إلى أي طرف وأبدي استغرابه للاتهامات التي أطلقها البعض. و أضاف "إن الحكومة قامت بتشكيل لجان للصلح ووفرت موازنة كاملة لعملية المصالحات بالإضافة إلى نشرها لعدد من القوات ، و إن إطلاق مثل هذه الاتهامات لا يخدم التعايش القبلي بين مكونات جنوب دارفور". وفي سؤال لـ"العرب اليوم" عما إذا كان يعتقد أن حكومة الولاية أمام اختبار حقيقي أجاب مستشار والي جنوب دارفورقائلا : "والي جنوب دارفور الجديد بخلاف أنه رجل سياسي فهو ينتمي إلى المؤسسة العسكرية وبمقدوره وحكومته معالجة الخلل الأمني خاصة وأن تحقيق الأمن من أولويات حكومة جنوب دارفور". وألمح إلى أن الصراعات القبلية ظلت حالة تعاني منها كل ولايات دارفور تقريبا نتيجة للخلل الاجتماعي وظروف الصراع في الإقليم ، وأتهم مستشار حكومة ولاية جنوب دارفور الحركات المسلحة بالتورط في تاجيج هذه الصراعات وزرع الفتن ، مدللا على أن الحركات تعتقد أن القبائل العربية منحازة إلى جانب الحكومة في الصراع الدائر في دارفور لذا قامت بمحاولات كان الهدف منها استقطاب هذه القبائل لصالح أجندتها أو جعلها محايدة بحيث لا تقاتل هذه القبائل الحركات المسلحة ، وعندما فشلت في ذلك بدأت في زراعة الفتن بين القبائل العربية ( البني هلبة والقمر و التعايشة والسلامات والمسيرية ). و في الختام أكد الدكتور عثمان إبراهيم أن الحكومة منتبهة إلى ذلك المخطط تماما وتعمل الآن على تجاوزه.