رام الله - وليد ابوسرحان
كشف مستشار ديوان الرِّئاسة الفلسطينيَّة لشؤون القدس المحامي أحمد الرُّويضي أن "الاحتلال يمارس التَّطهير العرقي الصَّامت في القدس، من خلال سحب هويَّات 14 ألف مقدسي، خلال الـ 10 أعوام الأخيرة، بحيث فقدوا حقَّهم في الإقامة أو العيش في المدينة المقدَّسة، التي تواصل سلطات الاحتلال تهجير أهاليها بشتَّى الوسائل والأساليب". وفي ظل ما تمارسه سلطات الاحتلال ضد أهالي القدس، بهدف دفعهم لمغادرة المدينة، في إطار السَّعي المتواصل لتهويدها، لجأ بعض سكان القدس للحصول على الجنسية الإسرائيلية، الأمر الذي يهدد الهوية الوطنية الفلسطينية لأهالي القدس، وينعكس سلبا على مستقبل المفاوضات مع الفلسطينيين، إذا ما تمكنت سلطات الاحتلال من منح أهالي القدس الجنسية الإسرائيلية، في ظل مواصلة تنفيذ المخططات التهويدية للمدينة، والتي نجحت إلى حد بعيد في طمس المعالم العربية والإسلامية في الكثير من أجزاء المدينة المقدسة. ونفى الرويضي، في حديث مع "العرب اليوم" أن "يكون هناك إقبالا بالآلاف من قبل أهالي القدس على تقديم طلبات الحصول على الجنسية الإسرائيلية بدل بطاقة هوية القدس، التي تعتبر أهالي المدينة مجرد مقيمين يستطيع وزير الداخلية الإسرائيلي سحب الإقامة منهم في أية لحظة وبأية حجة وذريعة ويتم إبعادهم خارج حدود القدس". وفيما إذا تعتقد الجهات الفلسطينية الرسمية بأن هناك خطة إسرائيلية لمنح أهالي القدس الجنسية، إلى جانب تواصل تهويد المدينة لحسم مستقبلها جغرافيا وبشريا في أية مفاوضات مع الفلسطينيين، قال الرويضي: لا شك بأن هناك استهدافا للإنسان المقدسي والاستهداف الإسرائيلي، يأخذ أشكالا مختلفة، بعضها يأتي في إطار منع البناء وفق التنظيم الهيكلي، وبالتالي هدم منازل الفلسطينيين ومنعهم من البناء، حتى في إطار الخطط التنظيمية التي تضعها سلطات الاحتلال، والتي لم تسمح لأهالي القدس الشرقية إلا بالبناء على مساحة 12.5% من مساحة القدس الإجمالية، في حين تخصص تلك المخططات التنظيمية 45% من إجمالي المساحة إلى البناء الاستيطاني، والبقية أراضي أثرية ومناطق خضراء يمنع فيها البناء إطلاقا، وذلك وفق المخطط التنظيمي الإسرائيلي لعام 2020. وأوضح الرويضي أنه "حتى في تلك المساحة، التي يسمح فيها بالبناء للفلسطينيين يتم وضع العراقيل الإسرائيلية"، مضيفا "حتى هذه الـ 12%، فيها تعقيدات، فأنت بحاجة من 10 - 15 عاما، حتى تستطيع الحصول على رخصة بناء في منطقة مسموح البناء فيها، ولذلك فإن غالبية المقدسيين يبنون بيوتهم بشكل غير مرخص، ولذلك هناك 20 ألف منزل في القدس، دون ترخيص، وأصحابها موجودون في المحاكم الإسرائيلية وهي مهددة بالهدم"، مشيرا إلى أن "العدد هو أكثر من 20 ألف منزل مهدد بالهدم، جراء عدم وجود أعداد من المنازل غير منظورة في المحاكم". وقال: هذا من جانب ومن جانب ثاني، هناك استهداف من خلال الحصار الاقتصادي والاجتماعي وحصار المؤسسات كالتعليم والصحة وغيرها، ومن بين هذه القضايا قضية الإقامة، والإقامة بمعنى أنهم (الإسرائيليون) ينظرون للفلسطينيين في القدس كأنهم مقيمين وليسوا مواطنين، وبالتالي يطبقون على المقدسيين قانون اسمه قانون الدخول لإسرائيل للعام 1952، والذي يعطي الحق لوزير الداخلية الإسرائيلي، بإلغاء الإقامة عن أي مقدسي لأسباب موضحة في ذلك القانون، مثل إذا أقام المقدسي خارج البلاد 7 أعوام متتالية أو إذا حصل على جنسية دولة ثانية. وأضاف الرويضي "ووزير الداخلية الإسرائيلي وفي أية لحظة ولأسباب أمنية يلغي إقامة أي مواطن، مثل ما حدث مع أعضاء المجلس التشريعي والأسري المفرج عنهم في صفقة شاليط"، وذلك في إشارة إلى نواب حركة "حماس" من القدس، الذين أبعدتهم إسرائيل عن القدس، وسحبت بطاقة هوياتهم الشخصية". وتابع الرويضي: هم لا يريدون فلسطينيين في القدس، ولذلك أبعدوا أكثر من 120 ألف فلسطينيا، مما يحملون هوية القدس عن القدس، من خلال عزلهم خلف الجدار العازل المقام في محيط المدينة، وهم مهددون بإلغاء إقامتهم في المدينة، مضيفا "بعض الفلسطينيين في القدس يعتقدوا بأنهم حتى يحمون إقامتهم وحتى يمنعوا الإجراءات الإسرائيلية ضدهم، عليهم الحصول على الجنسية الإسرائيلية لتحميهم، ونحن نوضح لكل هؤلاء الناس والذين يخشون على إقامتهم في القدس، ومهددة عقاراتهم ومنازلهم ويعتقدون أن مجرد حصولهم على الجنسية الإسرائيلية ستحميهم من الإجراءات الإسرائيلية بأنهم واهمون، والدليل على ذلك أهلنا داخل الخط الأخضر- الأراضي المحتلة عام 1948، الحاصلين على الجنسية الإسرائيلية لا تحميهم من هدم منازلهم وهدم قراهم وتشريدهم، في إشارة إلى "القرى المهجرة في منطقة النقب الصحراوي (جنوب فلسطين التاريخية)". وقال: الجنسية الإسرائيلية لا توفر أية حماية على الإطلاق، وأنا لا أريد تهويل الموضوع، ليس عندنا أرقام دقيقة تتعلق بعدد المقدسيين الحاصلين على الجنسية الإسرائيلية، ولا أحد يملك هذه المعلومات. كان هناك مخاطبات من مؤسسات حقوق الإنسان للداخلية الإسرائيلية للكشف عن عدد الفلسطينيين من القدس الحاصلين على الجنسية الإسرائيلية وطبعا رفضوا الكشف عن تلك الأرقام، وأنا أعتقد أن العدد ليس كبيرا، والدليل أنه عندما تحصل انتخابات بلدية إسرائيل في القدس نسبة المشاركة في صفوف المقدسيين لا تتجاوز 05.%، وأنت هنا تتحدث عن أقل من نصف% من المشاركة، وبالتالي هذه يعطيك مؤشر. لأن الخائف من إجراءات الاحتلال يريد أن يعمل من نفسه إنه مهادن للدولة، وباستطاعته أن يذهب للمشاركة، ولكن الذاهبين للمشاركة عدد قليل جدا، وهذا يؤكد أن عدد المقدسيين الحاصلين على الجنسية الإسرائيلية ليس كبير، وبعضهم يتخفى بالجنسية حتى يحمي مصالحة في ظل اعتقاده بأن ذلك سوف يحميه، وأنا أقول، إسرائيل لا تنظر إلى ذلك هي تنفذ عمليات هدم واستيطان ولا تنظر لصاحب العقار في القدس إنه حامل جنسية أم لا، ونحن نعرف حالات حصلت على الجنسية وهدمت منازلها، وبعضهم معتقل لأسباب مختلفة وبعضهم تمارس ضده إجراءات الاحتلال التي تمارس ضد باقي المقدسيين". وبشأن إذا ما لمست السطلة الفلسطينية وفق متابعتها لما يجري في القدس من "تهويد وأسرلة للمواطنين"، إذا ما هناك توجه إسرائيلي لمنح أهالي القدس الجنسية الإسرائيلية في إطار "أسرلتهم"، قال الريضي: لا، على الإطلاق، إسرائيل تسعى لمدينة يهودية، وتريد أن تمحو بعدها العربي والإسلامي والمسيحي، وبالتالي هي لا تريد فلسطينيين هنا، وكل إجراءاتها لتشريد الفلسطينيين، في النهاية هم الإسرائيلون، يتحدثون عن يهودية الدولة، وأوقفوا إجراءات لم شمل العائلة بما فيها داخل الخط الأخضر لأسباب أمنية، فكيف هم يريدون أن يعطون جنسية لمواطنين فلسطينين في القدس، وهم يعتبرون وجود هؤلاء الناس في القدس معرقل لتنفيذ مشروع التهويد الإسرائيلي. أنا لا أعتقد بأن هناك سياسية إسرائيلية لتجنيس أهل القدس، ولكن القانون الإسرائيلي يسمح وفق إجراءات معينة بأن يقدم المقدسيين للحصول على الجنسية، وأنا أستبعد بأن هناك إقبال فلسطيني أو استعداد إسرائيلي لتجنيس أهل القدس. وتابع الرويضي: أهلنا في القدس صامدون ومرابطون، وعدد الحاصلين على الجنسية أو الذين يسعون للحصول عليها نسبتهم ضئيلة جدا، وبعض ضعاف النفوس هم من يعتقدوا بأن الجنسية ستوفر لهم الحماية من إجراءات الاحتلال، لكن هم واهمون لأن الجنسية لن توفر لهم أي جدار حماية بالنسبة لإجراءات الاحتلال. وأشار الرويضي إلى أن "إسرائيل تعدل القوانين بما يحقق مصالحها وفق اعتبارات سياسية"، مشيرا إلى "إمكانية أن تعدل قانون الإقامة، مما يسمح لها بسحب الإقامة من الفلسطينيين المقيمين خارج جدار الفصل، ولكنها تقوم بذلك بشكل هادئ"، مبينا أن "سلطات الاحتلال سحبت في العشرة أعوام الأخيرة، 14 ألف هوية مقدسية من أهالي القدس، بحجة أن مركز حياتهم خارج المدينة اي لا يقيمون فيها سواء كانوا خارج الجدار الفاصل المحيط بالقدس او من فئة القاطنين بالخارج. وتابع الرويضي "خلال العشر سنوات الاخيرة هناك حوالي 14 الف مقدسي تم الغاء اقامتهم في المدينة اي سحب بطاقات هويتهم المقدسية، بذريعة انهم مقيمون بالخارج او مقيمين خارج الحدود المصطنعة لبلدية الاحتلال الاسرائيلي"، مشيرا الى ان التقديرات الفلسطينية للمقيمن خارج حدود القدس حوالي 120 الف مقدسي يعيشون في بلدة الرام وكفر عقب وام الشرايط والعيزرية وابو ديس والرام وعناتا، وهي احياء تابعة للقدس لكنها معزولة خارج جدار الفصل، مضيفا "غالبيتهم يمتلك عنوان داخل القدس لحماية حقهم بالإقامة"، بعد أن اضطرتهم إجراءات الاحتلال للبناء في تلك الأحياء التي أصلا كانت تابعة للقدس". وأوضح الرويضي أن "إسرائيل تمارس التفريغ الصامت والتطهير العرقي بآليات صامتة، دون أن تلفت الانتباه للرأي العام، ولا تخلق حالة بأن هناك ترانسفير"، مشيرا إلى أن "سلطات الاحتلال تمارس التهجير من القدس ولكن ليس بشكل جماعي، بل بشكل فردي، فالإسرائيليون لا يطردون 100 عائلة مرة واحدة، بل يقومون بذلك تدريجيا، فأنت ربما تتوجه إلى وزارة الداخلية لإجراء أية معاملة لتكتشف بأنه يتم إبلاغك بأنك مقيم في الخارج أو خارج محيط القدس، ولذلك سحبت إقامتك الممنوحة لك من خلال هوية القدس" . وأضاف الرويضي "إسرائيل تمارس الترنسفير الصامت في القدس، من خلال سحب هويات المقدسيين بشكل فردي، بحيث يتوجه المواطن للداخلية، ليجد اسمه على الكمبيوتر، بأنه تم إلغاء إقامته في القدس، أو يعود من الخارج ليتفاجأ بأنه يمنع من الدخول عبر المعابر الحدودية بذريعة أنه انتهت إقامته في القدس"، متابعا: وبالتالي هذه حالات فردية لا يعكسها الإعلام، ولا تتم بشكل جماعي ولا تظهر، ولكن إذا جمعتها، فستجد أن هناك عددا كبيرا فقدوا مواطنتهم بالقدس، وستجد أن إسرائيل تمارس التطهير العرقي بالتدريج في القدس حتى لا تلفت نظر الرأي العام، مشيرا إلى أن "الكثير من أبناء القدس المقيمين في الخارج تفاجئوا خلال عودتهم بأنهم منعوا من الدخول عبر المعابر، بحجة أنهم فقدوا الإقامة أو حصلوا على جنسية دولة أخرى". وحذر الرويضي من أن "عدد الذين سيفقدوا بطاقات هوياتهم على غرار الـ 14 ألف الذين سبقوهم مرشح للازدياد"، وقال "هناك الكثير من الحالات التي تردنا ويتصلوا معنا من خارج البلاد يقولون أن إسرائيل سحبت بطاقات هويتهم وترفض تجديد هوياتهم"، مشيرا إلى أن "هناك حالات كثيرة موجودة في الضفة الغربية، وخصوصا في صفوف المتزوجات من فلسطينيين في الضفة الغربية".