القاهرة ـ محمود عبد الرحمن
كشف رئيس الوزراء المصري السابق حازم الببلاوي، عن سعيه في الفترة المقبلة إلى اعتزال العمل السياسي والاكتفاء بما قدّمه في خدمة الدولة المصرية، مؤكدًا أنَّ بابه مفتوح لمن يطلب رأيه أو استشارته في أي من أمور الدولة في الفترة الراهنة.
وأبدى الببلاوي في حديث خاص إلى "العرب اليوم"، رضاه عن الإنجازات التي حققها أثناء الفترة التي تولّى فيها رئاسة الوزراء بعد ثورة 30 حزيران/ يونيو، موضحًا أنَّها من أصعب المهمات التي تكلّفها طيلة حياته؛ لأنها كانت فترة مصيرية فاصلة في تاريخ الدولة المصرية الحديثة، على حد قوله.
وأكد أنَّه واجه فيها تدهورًا خطيرًا للأوضاع السياسية والاجتماعية والأمنية، إضافة إلى ملفات وأزمات مستجدة وتحديات صعبة، عمل بقدر ما استطاع على حلها، لاسيما فض اعتصامي رابعة والنهضة في 14 آب/ أغسطس 2013، مشيرًا إلى توجيهاته وتحذيراته لجماعة "الإخوان" بضرورة فض الاعتصام سلميًا، كاشفًا أنَّهم رفضوا ذلك "وكان لابدَّ على الدولة المصرية في تلك الفترة الحرجة أن تفرض هيبتها وإرادة القانون والدستور"
من ناحية أخرى، أشاد الببلاوي بأداء الرئيس عبد الفتاح السيسي وحكومته برئاسة المهندس إبراهيم محلب، واعتبر أنّها حكومة إنجاز المهام الصعبة، مشيرًا إلى أنَّها نجحت في فترة قصيرة بتحقيق إنجازات في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية.
وطالب بضرورة تنفيذ المرحلة الثالثة والأخيرة من خارطة الطريق وإجراء الانتخابات البرلمانية، مشدّدًا على الأحزاب والقوى السياسية بالعمل على أرض الواقع والنزول إلى المواطنين ومناقشة مطالبهم وآمالهم لكسب أصواتهم في الانتخابات المقبلة، مبديًا تفاؤله بسعي الأحزاب إلى تكوين تحالفات سياسية فيما بينها لضمان الحصول على أغلبية برلمانية وقطع الطريق أمام الأحزاب المتطرفة المتمثلة في رجوع "الإخوان" إلى الحكم.
كما أثنى الببلاوي، على الزيارة الأخيرة التي أجراها الرئيس السيسي إلى الولايات المتحدة الأميركية، واعتبرها تغييرًا استراتيجيًا لدى الإدارة الأميركية بقيادة الرئيس أوباما في علاقاتها مع مصر بعد 30 حزيران/ يونيو.
وأوضح، أنَّ إدارة الرئيس أوباما، أخيًرا أيقنت أنَّ عداءها مصر لن يكون في صالحها، وستدفع مزيدًا من الثمن، وسيؤدي بها في النهاية إلى خسارة دولة كبيرة محورية في الشرق الأوسط، معتبرًا اللقاء المشترك الذي جمع أوباما والسيسي، اعتراف من الإدارة الأميركية بشرعية ثورة 30حزيران/ يونيو، واعتراف أيضًا بالمكتسبات المترتبة عنها، والتي من أهمها وصول قيادة جديدة حاكمة للبلاد.
واعتبر الببلاوي، كلمة السيسي أمام الوفود المشاركة في الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ69، "تاريخية وتحمل رسائل ومعاني واضحة للجميع، منها أنَّ الشعب المصري لا سلطان عليه من أحد كان من كان"، فضلًا عن أنّها "دليل نجاح السيسي في توضيح الصورة الغامضة لدى المجتمع الدولي حول حقيقة الأحداث والأوضاع التي شهدتها مصر، فيما إذا كانت ثورة شعبية أم انقلابًا عسكريًا".
وفيما يتعلّق بـ"جماعة الإخوان المسلمين"، أضاف الببلاوي "إنَّ أميركا تخلّت عن الجماعة بعد الدعم الذي قدّمته لها منذ ثورة 25 كانون الثاني/ يناير حتى تصل إلى حكم البلاد، وتعمل على تحقيق أهدافها ومصالحها داخل المنطقة العربية"، موضحًا "إنّض هذا الدعم استمرَّ حتى بعد ثورة 30حزيران/ يونيو، إلا أنَّ أميركا أيقنت لا سبيل أمام عودة الجماعة إلى حكم البلاد مرة أخرى".
وبيّن "إنَّه لا مجال للمبادرات التي يطرحها البعض لعقد مصالحة مع عناصر الجماعة، وأي مصالحة لن تنجح ما لم تحظَ على رضا وقبول الشعب المصري، فهو مصدر السلطات"، مؤكدًا أنَّ التصالح لن يجدي نفعًا مع استمرار جماعة "الإخوان" في التخطيط ضد مصر، على حد وصفه.
واستنكر الببلاوي، كلمة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمام الأمم المتحدة، مؤكدًا أنَّ الرئيس التركي "فقد عقله وصوابه بعد أن رأى سقوط حليفه الرئيس المعزول محمد مرسي على أيدي الشعب المصري، ويخشى من تكرار السيناريو في تركيا على أيدي الشعب التركي الذي يعاني تحت حكمه من مساوئه وأخطائه".
وحذّر، من احتمالية أن تلجأ الولايات المتحدة الأميركية بعد أن تخلّت عن جماعة "الإخوان" إلى دعم حزب النور، الذراع السياسي للدعوة السلفية، مؤكدًا أنَّ أميركا ما زالت تسعى إلى تحقيق أهدافها وأطماعها في المنطقة عبر أساليب وأدوات جديدة من بينها تقديم الدعم للسلفيين، مشيرًا إلى نَّ الشعب استيقظ مبكرًا لجماعة "الإخوان"، بعد أن رأى اختطافها الوطن وسعيها إلى تحقيق أهدافها ومصالحها، مؤكدًا أنَّ استمرار حكم الإخوان للبلاد كان سيورط المنطقة بأكملها في حروب أهلية وطائفية، وهو ما انتبه إليه الشعب جيدًا وطالب بإسقاطه وأجهض مخططاته.
وأعرب الببلاوي، عن تفاؤله من المشاريع الجديدة التي تعتزم مصر تنفيذها في الفترة المقبلة، من بينها مشروع حفر قناة السويس الجديدة، والمشاريع الجديدة التي سيتم العمل عليها في صعيد مصر، موضحًا أنَّ هذه المشاريع القومية خطوة مهمة نحو التنمية والتقدم والاستقرار، لافتًا إلى أنَّ الاقتصاد المصري سيتعافى تدريجيًا بعد الأزمات التي مرَّ فيها منذ ثورة يناير، مشيرًا إلى أنَّه لابدَّ أن يشعر المواطن المصري البسيط بتغيّر ملموس في حياته في شتى المناحي التعليمية والصحية والاجتماعية ، بعد أن عانى طويلًا في الأنظمة السابقة.
وندّد، بموقف نائب رئيس الجمهورية السابق الدكتور محمد البرادعي، الذي استقال عقب فض اعتصامي "رابعة والنهضة"، مؤكدًا أنَّه تصرف شخصي؛ لكنَّه يُحسب عليه أنّه ترك أمانة ومسؤولية الوطن في ظرف تاريخي لا يحتمل التردد، مشيرًا إلى أنَّ اتصاله بالبرادعي انقطع منذ أن قدَم استقالته.
وأشاد الببلاوي، برؤية الرئيس السابق المستشار عدلي منصور، الذي حمل أمانة الوطن في حدث تاريخي، وسعى جاهدًا إلى الحفاظ على تلك الأمانة وتسليمها إلى الرئيس الذي سيخلفه، ضاربًا نموذجًا في الوفاء والوطنية، مؤكدًا أنَّه كان يلتقي الرئيس السابق عدلي منصور باستمرار للمناقشة في الأزمات والمشاكل التي تعرقل عمل سير الحكومة.
وفي ختام حديثه، طالب الببلاوي، جموع الشعب المصري بالعمل والسعي والإنتاج بعد التوقف الذي دام طيلة ثلاث سنوات من عمر الوطن، "لم ننتج فيها شيئًا مفيدًا سوى الخراب والدمار وتكبّد خسائر فادحة في الاقتصاد والاستثمار، وتوقف أغلب المصانع والشركات عن العمل والإنتاج"، مناشدًا طلاب الجامعات المصرية بالسعي إلى العلم والمعرفة منذ اليوم الأول للدراسة، وعدم الالتفاف إلى ما تخططه بعض العناصر التابعة لفصائل سياسية متطرفة "لا تود الخير والأمن للوطن وتسعى إلى تخريبه وتدميره" على حد قوله.