وصف رئيس المجلس النيابي نبيه بري الكلام عن الوصول إلى فراغ في الرئاسة الأولى وقضم من الرئاسة الثانية ليصبح في لبنان رئيساً واحداً بالافتراء. وأكد أن المجلس النيابي هو في عقد استثنائي وبصلاحيات كاملة غير منقوصة. وقال في مؤتمر صحافي عقده بعد ظهر السبت في عين التينة: "من المؤسف جداً أن نقرأ ما قرأناه ونسمع ما سمعناه سواء عبر تصاريح أو عبر تحاليل، وكأن الأمر القائم بشأن الجلسة النيابية- وهو آخر ما كنت أتوقعه- هو نتيجة الوضع السني الشعي، وهذا الأمر مقصود منه أحيانا تفريغ الرئاسة الأولى أو انتهاج سياسة قضم من الرئاسة الثانية كي يحلّ الفراغ في الرئاسة الأولى كي يصبح لبنان في المحصلة فيه رئيس واحد. وأكد أن الجلسة التشريعية ستنعقد الإثنين، في وقتها مثنياً على جميع النواب الحضور والتصويت على القانون الذين يريدونه فحق على المجلس النيابي أن يدرج كل القوانين من دون استثناء، والكلام الذي خارج هذا الإطار لا يمت إلى الدستور في أي صلة. هناك تصاريح أخرى، ومع الأسف لبعض القانونيين وبعض الزملاء النواب وعدة جهات سياسية، تعتبر أن الدعوة إلى انعقاد المجلس النيابي في الشكل الذي تمت فيه الدعوة هي خرق للدستور وضد القوانين وإلى آخره. أولا، في ما خص الموضوع السني الشيعي، يبدو وكأن الناس نسيت أنني وفي ذكرى الإمام موسى الصدر، قلت أنني شيعي الهوية، سني الهوى، لبناني وعربي المنتهى، ولست أي شيء آخر، فليبحثوا عن شخص آخر لاتهامه بمثل هذه التهم. هذه هي التربية التي تدرجنا عليها، ولا بد خلال هذه المرحلة المحمومة أن آتي على ذكر هذا الامر. ثانيا: ليبحثوا عن شخص آخر يسعى إلى الفراغ، فيبدو أنهم نسوا أنني قضيت عمري أعمل من أجل الحوار، وللملمة البلاد. وأنا عكس ما يقولون أسعى ليل نهار كي يعود الحوار، كي تعود السلطات إلى العمل، وبشهادة الجميع من دون استثناء، من الرئيس المكلف إلى الرئيس المعتذر إلى الكل، وكما تعرفون هذا هو الجو القائم. وأظن أنه ولأن سلطة الرئاسة الثانية هي التي لها علاقة بكل اللبنانيين من دون استثناء، فنحن ندفع الاثمان. بعد هذه المقدمة التي ظهرت فيها كمن يمدح نفسه، أعتذر منكم لانتقل إلى الموضوع الرئيسي وهو بعنوان "المجلس النيابي في عقد استثنائي حكماً وبصلاحيات كاملة غير منقوصة"، وهنا يقع الناس في الالتباس كي لا أقول كلاماً مغايراً . هناك مادتان في الدستور اللبناني تعتنيان بهذا الموضوع وهما المادة 33 والمادة 69. الأولى تتحدث عندما يكون هناك حكومة كاملة الصلاحيات وتملك ثقة المجلس النيابي، تعرفون أننا نعتمد البرنامج الفرنسي، وهو يقول أن هناك دورتين عاديتين الأولى تبدأ في آذار/مارس وتنتهي في آخر أيار/مايو، والثانية تبدأ في تشرين الأول/أكتوبر وتنتهي في آخر كانون الأول/ ديسمبر، فماذا يحصل في الأشهر المتبقية ؟ يقوم رئيس الجمهورية بالتوافق مع رئيس الحكومة بفتح دورة استثنائية يحددان خلالها مدتها وأشياء أخرى. هذا ما تقولة المادة 33، أما عندما يكون هناك حكومة مستقيلة، أو تعتبر مستقيلة، مثلاً في حال وفاة رئيس الحكومة أو أي سبب آخر، عندئذ نص المادة الدستورية يقول "يعتبر المجلس النيابي منعقداً حكماً بصورة استثنائية حتى تأليف حكومة ونيلها الثقة"، وبالتالي لسنا في حاجة لا لمرسوم دورة استثنائية ولا إلى صلاحيات على الإطلاق أو لتوقيت على الإطلاق. وفي الالتباس الحاصل، فهم يقيسون الحالة الأولى على الحالة الثانية. أريد أن أوضح بعض الحقائق وليس جميعها خلال هذا المؤتمر الصحافي، كي لا أصب الزيت على النار انتهى المجلس الدستوري من مهامه ،الجمعة، واتصل رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان بي ،الاثنين، وأطلعني عن أنه يريد فتح دورة استثنائية لمجلس النواب. وبدوري، شكرته على هذه المبادرة لكنني قلت له أننا لسنا في حاجة إليها لكن إذا كانت الرئاسة تريد ذلك فـ"زيادة الخير خير وزيت على زيتون". بعدها، اتصل بي رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الذي قال "أن رئيس الجمهورية تحدث معي عن فتح دورة استثنائية للمجلس ووصلني مرسوم من قبله في هذا الشأن، لكنني لا أرى ضرورة لهذه الجلسة". من جهتي، قلت له كما قلت للرئيس سليمان ونص الدستور صريح. بالنسبة إلى موضوع التشريع لا أحد يمكنه منع التشريع عن المجلس النيابي إلا الدستور. المجلس النيابي هو أم المؤسسات. ونلاحظ في الحالات التي لا يريد فيها المشرع أن يحصل التشريع لا تنطبق على الحالة التي تكون فيها الحكومة مستقيلة. فالمادة 75 من الدستور تنص :" أن المجلس الملتئم لانتخاب رئيس جمهورية يعتبر هيئة انتخابية لاهيئة اشتراعية، ويترتب عليه الشروع حالاً في انتخاب رئيس الدولة دون مناقشة أمر آخر". هناك حالات مثل هذه الحالة يمنع على المجلس النيابي أن يشرع إما الكلام عن اختيار أمر ما وترك الآخر وهنا استشهد بما قاله الاستاذ ادمون رباط وهو استاذنا كلنا. وهو يقول في رد على استشارة أرسلها إليه الرئيس حسين الحسيني ويسأله فيها عن مثل هذه الحالة :" وهذه الملاحظة من دولتكم في محلها الدستوري في شكل لا ريب فيه لان السلطة التشريعية مستقلة عن السلطة التنفيذية ويتوجب عليها أن تستمر في ممارسة صلاحياتها الدستورية بقدر ما تسمح لها الظروف، وإذا كانت السلطة التنفيذية في حالة من الشلل أو الانقسام أو الاستقالة فلا يجوز أن تشكل هذه الحالة عذراً لان تسير السلطة التشريعية على منوالها". وإلا سيصبح الامر من أخطر الأمور. الدستور يوازن بين السلطات. وصحيح أنه لا يمكنك القيام بالرقابة لعدم وجود سلطة كاملة الصلاحيات أي الحكومة المستقيلة. ويضيف رباط :" على كل حال دون ممارسة المجلس النيابي كامل سلطته التشريعية. وقال: إن الحكومة والمجلس النيابي يتممان بعضهما بعضا . وختم بري قائلا: أردت أن أتحدث في هذه الأمور لأقول أن عقد هذا المؤتمر الصحافي ليس لأرد على بعض المساس أو أحكام النيات إنما هو نفع للدستور وللقانون وأتمنى على جميع الزملاء الكرام ألا يتركوا الأمور التي تحصل في الشارع أحيانا أن تطغي على مؤسساتنا وبدلاً من أن نخفف حدة التوتر القائم لنقاومه، اتقوا الله في هذا الوطن. وانهى بكلمة للإمام موسى الصدر " قبل أن نبحث عن وطننا في مقابر التاريخ .