ينطلق سيد عبدالله بسيارته الأجرة وسط الشوارع المزدحمة.. يستخدم هاتفه المحمول ويدير مذياع السيارة. مشهد يبدو عاديا يتكرر مرات لا تحصى كل يوم . حتى تعلم أنه أبكم أصم. وفي مصر حيث الزحام المروري الشديد تلعب أبواق السيارات دورا رئيسيا في حركة السير لكن هذا لا يعيق سيد "الاخرس" كما يطلق عليه أبناء قريته بمحافظة الفيوم جنوب غربي القاهرة. فهو يستخدم آلة التنبيه كغيره من السائقين كما أنه يصل للكثير من زبائنه عبر هاتفه. ويقول محمد حرحش وهو سائق بنفس القرية "الاخرس" من أمهر سائقي الاجرة. يحس بصوت آلة التنبيه. ولو شغلت أم كلثوم أو قرآن مثلا داخل السيارة يميز بينهما بالاشارة. حتى المحرك يشعر بأي عطل فيه." ويقول أقرباؤه إنه يتسم بذكاء ملحوظ وكأنه يملك حاسة سادسة. ويعمل الفتى الاسمر النحيف على سيارة فرنسية الصنع من طراز بيجو يعود تاريخ صنعها لعام 1979. عبد الحليم مراد هو أحد زبائن سيد ويقول إنه لا يحتاج للذهاب للوجهة المطلوبة سوى مرة واحدة ليحفظ بعد ذلك اتجاهه عن ظهر قلب. ورغم أن سيد لا يعرف القراءة والكتابة فإنه يحفظ أرقام زبائنه على الهاتف بحيث لا يحتاج لقراءة أسماء أصحابها. ورغم عدم أهليته للحصول على رخصة قيادة بسبب إعاقته التي نتجت عن إصابته بحمى وهو رضيع يجازف سيد بقيادة سيارته البيضاء في مناطق أبعد من القرى الصغيرة المحيطة بقريته. ذات مرة أوقفه ضابط مرور وسأل ركاب سيارته لماذا يركبون مع سائق أبكم أصم فأجابوا بأنهم يأمنون على أنفسهم معه أكثر من غيره.