القدس المحتله ـ صفا
فيها اختصار الزمن وأصل الحرائق الكبرى...انها شاهدة على العصر تضيء جميع من حولها فتسر الناظرين، كل من يراها ينهض من رماد الماضي المرير ...انها مقابر الانكليز كما يحلو لاهل غزة تسميتها. فبالنسبة لاهالي غزة ليست مجرد مقبرة في احشائها جثث لجنود اجانب وعرب ومسلمين قضوا في الحرب العالمية الاولى، بل هي متنزه للترفيه، بفعل أرضيتها المكسوة بالعشب الاخضر والأزهار التي تزين جدرانها المكسوة بالأحجار الصخرية، فضلا عن طرقاتها التي توزعت بشكل هندسي جميل، كما يقف على المحور الجنوبي لها نصب تذكاري ضخم كُسيت جدرانه ببلاط صخري ويرتفع خمسة أمتار في السماء. مساحتها عشرين دونما وهي الأكبر من بين خمس مقابر مشابهة، والتي اشتهرت جميعها باسم "مقابر الانجليز". ويعود تاريخ المقبرة إلى الحرب العالمية الأولى، عندما كان الجيش البريطاني يقاتل جيش الدولة العثمانية بقيادة الجنرال "ألمبي" على ارض غزة، والتي انتهت بفرض الانتداب البريطاني على فلسطين. فيجذب ترتيبها وأشجارها وجمال منظرها الفلسطينيين رجالا ونساء، أولادا ورجالا . ويقول حارس المقبرة لـ معا "بعض زائري المقبرة يحاولون جعل المقبرة مكانا للعب والترفيه، إلا أن القائمين عليها يؤكدون أنها ليست "متنزها" حتى وان كانت مفتوحة للجميع". كما أن المقبرة لا يقصدها الاهالي للترفيه، بل للدراسة أيضاً كما يفعل الشاب شهاب خالد من سكان مخيم النصيرات . مضيفا" انا آتي للمقبرة عندما تنقطع الكهرباء عن البيت لاكمل واجباتي المدرسية". وحارس المقبرة أبو محمد كما يعرفه الناس وهو القائم بكافة أعمال العناية والترتيب والتنظيف والتزين، منذ سنوات طويلة . يضيف "اعمل في المقبرة منذ عام"1987 المقبرة تابعة بشكل مباشر لهيئة "الكومنولث" البريطانية". وأشار الحارس بيده إلى نصب صخري كتب عليه باللغتين العربية والإنكليزية " إن هذه الأرض المقام عليها المقبرة هي هبة من أهالي فلسطين لتكون مقر الراحة الأبدية لجنود الحلفاء الذين قتلوا في حرب"1914_1918" تخليدا لذكراهم". وتابع حديثة قائلا:" تضم المقبرة قرابة 21 قبراً لمسلمين هنود، وثلاثة قبور تعود لمسلمين جزائريين، إضافة إلى أعداد من قبور تعود لجنود الحلفاء". ويؤكد الحارس أن الحكومة البريطانية منذ ذلك التاريخ تقوم بالإشراف وتمويل المقبرة إضافةً إلى المقابر الأربعة الأخرى الموجودة في قطاع غزة، كما وتخصص لها ميزانية كبيرة لتظهر بأبهى حلتها. وأشار الحارس إلى أن أقارب الجنود الراقدين قي المقبرة يأتون لزيارة قبور أبنائهم وأجدادهم من الحين للآخر، فضلا عن زيارات متكررة لبعض المسؤولين والمشرفين من هيئة "الكومنولث" ومن الاتحاد الأوروبي. وتابع الحارس حديثة قائلا:" اشعر بالسعادة بزيارات الناس سواء المحليين أو الأجانب والانجليز للمقبرة، إلا أنني اشعر بالأسى في بعض الأحيان من الزوار الذين يأتون لزيارة المقبرة ولا يحافظون على ممتلكاتها ونظافتها".