الملك عبد الله الثاني

شهد العام 2017 أحداث سياسية واجتماعية واقتصادية وأمنية، حجزت لها مكاناً في التاريخ الأردني، منها من وضع الأردن على خارطة الحدث العالمي، منها من أثار نقاشاً واسعاً داخل المجتمع لن ينقضي غالباً مع انقضاء العام. وترك فوز الرئيس الأميركي دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة الأميركية، أثره على السياسية الأردنية، فتحركت الدبلوماسية الأردنية، لتفتح قنوات مع الإدارة الأميركية، نجحت في أن يكون الملك عبد الله الثاني أول زعيم عربي يلتقي ترامب بعد تنصيبه رسمياً، وذلك في 2 فبراير/شباط الماضي.

وأمنياً، حقق الأردن نجاحاً استخبارياً، عندما تمكن في مطلع مارس/آذار، من اعتقال خلية إرهابية تتبع لتنظيم (داعش) الإرهابي، داخل الأراضي السورية، ونفذت هجومًا إرهابيًا في 21 يونيو/حزيران 2016 استهدف نقطة عسكرية تابعة للجيش الأردني على الحدود ونتج عنها مقتل 7 مرتبات من القوات المسلحة والأجهزة الأمنية.

وفي 4 مارس/آذار الماضي، نفذ الأردن عقوبة الإعدام بحق 14 محكوماً، بينهم10  أدينوا بجرائم إرهابية. وكشفت الإعدامات عن تراجع في مناهضة عقوبة الإعدام، حيث لم تبرز أصوات معارضة للعقوبة. وعلى الصعيد السياسي، استضاف الأردن في 29 مارس/آذار القمة العربية، في دورتها الثامنة والعشرون، في البحر الميت. وعكست القمة مكانة الأردن السياسية، حيث شارك في القمة 16 زعيماً عربياً، وانتهت القمة بـ" إعلان عمّان" الذي جاء توافقياً لم تتحفظ علي بنوده أي دولة، كما أنه أعاد للقضية الفلسطينية أولوية.

وسياسياً أيضاً، والملك التقي بالرئيس ترامب في 5 ابريل/نيسان الماضي، في أول قمة رسمية بين الزعيمين، حاملاً مخرجات القمة العربية، وفيها حثت الملك ترامب على عدم نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس.

وعلى صعيد الأزمة السورية، أعلن الأردن في 9 يوليو/ تموز، توصله التوصل إلى اتفاق مع كلاً من الولايات المتحدة الأميركية، وروسيا، تم بموجبه إعلان الجنوب السوري المتاخم للحدود لأردنية منطقة وقف أطلاق نار، وهي اتفاق حقق الأهداف الأردنية في إبعاد المليشيا الطائفية عن حدوده، وسهل عودة اللاجئين السوريين إلى بلداتهم وقراهم نتيجة لتراجع الأعمال القتالية فيها.

وتطور وقف إطلاق النار ليصبح في نوفمبر/ تشرين الثاني، منطقة خفض تصعيد، بهدف استدامة الأمن والشروع في انخراط الجنوب السوري في الحل السياسي. ومن أكبر الأحداث الأمنية، ذات البعد السياسي، الجريمة التي ارتكبها في23  يوليو/تموز ضابط إسرائيلي برتبة دبلوماسي، عندما قتل أردنيين داخل شقة مستأجرة لصالح السفارة الإسرائيلية في عمّان.

وأثارت الجريمة الرأي العام الأردني، وتسببت في أزمة سياسية بين الأردن وإسرائيل، حيث اشترط الأردن لعودة البعثة الدبلوماسية الإسرائيلي محاكمة القاتل، الأمر الذي لم يتحقق للآن.

وفي 17 يوليو/تموز، أصدت محكمة أمن الدولة الأردنية، حكماً بالسجن المؤبد على جندي قتل في 4 نوفمبر/تشرين ثاني 2016 ثلاثة جنود أميركان داخل قاعدة عسكرية في الأردن، وهو الحكم الذي تسبب في توتر بين عشيرة الجندي والسلطات الأردنية، وهو التوتر الذي استمر قرابة الشهر ونتج عنه أعمال شغب، قبل أن يصار إلى تطويق تداعياته.

ومن الأحداث الفارقة التي شهدها العام 2017، إلغاء المادة 308 من قانون العقوبات الأردني، والتي كانت تتيح للمغتصب الإفلات من العقوبة في حال تزوّج من ضحيته، وذلك في 1 أغسطس/آب لماضي، عندما صوت مجلس النواب على إلغائها الأمر الذي أعتبر نصراً للحركة النسوية الأردنية.

وإضافة، لإلغاء المادة المثيرة، عدلت جملة من القوانين لتعزز الحماية الجزائية للفتيات والنساء، كما منحت التشريعات الأمهات حق الموافقة على إجراء العمليات الجراحية والعلاجية والطبية لأولادهن. وفي أغسطس/آب، أيضاً، وتحديداً في منتصفه، شهدت الأردن أجراء  أول انتخابات مركزية في تاريخها، وهي الانتخابات التي تم خلالها انتخاب مجالس محلية هدفها وضع الخطط التنموية في مناطقها، بهدف تعزيز المشاركة الشعبية في صناعة القرار التنموي.

وشهد العام 2017 انخفاضاً ملحوظاً في جرائم القتل الأسرية بحق الفتيات، حيث تشير أرقام شبه رسمية  إلى تسجيل 16 جريمة قتل راح ضحيتها نساء على يد أحد أفراد العائلة خلال عشرة أشهر من العام 2017، مقابل 26 امرأة خلال العام الماضي، و17 امرأة خلال العام 2015 للفترة نفسها، الأمر الذي أرجعته الحركة النسوية إلى تغليظ العقوبات على الجناة، مطالبة بمزيد من التشدد في معاقبة المجرمين.

ولكن سجل ارتفاع في حالات الانتحار، فقد سجل خلال الأشهر التسعة من العام حدوث 104 حالات انتحار، فيما سجلت محاولات الانتحار 388 محاولة، بحسب إحصائيات المعلومات الجنائية في مديرية الأمن العام، وأرجعت الدراسات دوافع الانتحار في الدرجة الأولى إلى الأمراض والمشاكل النفسية فيما رصدت دوافع أخرى مثل الأسباب العاطفية والمالية والإحباط.

وعلى الصعيد الاقتصادي، واصلت الحكومة الأردنية، رفع الضرائب، حيث أقدمت في فبراير/شباط الماضي، على زيادة الضرائب على جملة من السلع والخدمات، بشكل أثر على حياة الناس، فيما قدمت مشروع موازنة للسنة المالية 2018. وتتضمن فرض المزيد من الضرائب، ورفع الدعم من سلعة الخبز، كما برز خلال العام مصطلح " الاعتماد على الذات" بعد أن توقفت الدول عن منح الأردن المساعدات.

ويودع الأردن العام 2017 وسط تفاعل مستمر رفضاً لاعتراف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، حيث تسعى الدبلوماسية الأردنية لحشد التأييد العالمي لرفض القرار الأميركي، فيما تتواصل الاحتجاجات الشعبية على القرار، وسط دعوات لالغاء معاهدة السلام الأردنية- الإسرائيلية إعادة النظر في العلاقات مع الولايات المتحدة الأميركية.