دمشق - لبنان اليوم
تصارع فرق الإنقاذ في مدينة جبلة بغرب سوريا، الوقت بإمكانات محدودة، بينما توشك عمليات البحث في أعقاب الزلزال المدمّر على إتمام أسبوعها الأول، ويتضاءل الأمل بالعثور على ناجين.وفوق مبنى مدمّر تم سحب شخصين منه على قيد الحياة الجمعة، يتجوّل كلب مدرب على البحث لمدة 30 دقيقة، فيما يخيّم الصمت على المكان المنكوب. لكن الكلب يعود أدراجه من دون أن ينبح، ما يعني أنه ما من ناجين في الأرجاء.
يتكرّر المشهد يومياً في أحياء جبلة، حيث دمّر الزلزال مبنى من 5 طبقات كان يقطنه أكثر من 52 شخصاً، خرج 14 شخصاً منهم فقط أحياء، بينهم سيدة توفيت في طريقها إلى المستشفى بعدما تم سحبها مع ابنها من تحت الركام وسط صيحات التهليل والفرح الجمعة.ويقول علاء مبارك رئيس الدفاع المدني في مدينة جبلة الواقعة بمحافظة اللاذقية الساحلية لوكالة الصحافة الفرنسية: «لا أتوقع وجود أي أمل» بالعثور على ناجين.ويضيف: «رغم ذلك، كلما نضرب ضربة، نتوقف ونسأل: (هل من أحد حي) هنا؟».
وجبلة من المدن السورية المتضررة بشدّة جراء الزلزال الذي ضرب سوريا ومركزه في تركيا المجاورة، متسبباً بمقتل أكثر من 28 ألف شخص في البلدين، أكثر من 3500 منهم في سوريا. وبلغت قوة الزلزال 7.8 درجة وتبعته هزات ارتدادية عدّة.وقتل الزلزال في محافظة اللاذقية وحدها أكثر من 600 شخص، وفق سلطات محلية.وكلب البحث المدرّب الذي جال موقع البناء المدمر مراراً، هو أحد كلبين وصلا إلى المدينة ضمن فرقة بحث وإنقاذ إماراتية تابعة لشرطة أبوظبي.
والكلبان من بين قلة من الكلاب المدرّبة في المنطقة، إلى جانب كلاب روسية عملت في موقع آخر.وتتبع فرق البحث المحلية وتلك الوافدة من لبنان وإيران أساليب عمل بدائية وتفتقر إلى تقنيات مسح وبحث عصرية. وغالباً ما يستخدم عناصرها المجارف أو المعاول أو حتى أيديهم في عمليات البحث.واستنزفت سنوات الحرب الطويلة اقتصاد سوريا ومقدراتها. ولم تعد المرافق الخدمية قادرة على توفير احتياجات البلاد، لا سيما الكهرباء، في ظل شح متواصل في الوقود، ما يدفع فرق الإنقاذ الأجنبية إلى الاعتماد على مواردها الخاصة.
والفريق الإماراتي الذي وصل إلى جبلة يوم الجمعة، يتألف من 42 عنصراً مجهزين بتقنيات حديثة، بينها أجهزة استشعار وكاميرات بحث متطورة وكلبان مدربان وحاوية وقود.ويقول مبارك: «لو كانت لدينا هذه المعدات، لأنقذنا مئات الضحايا وربما أكثر».ويوضح أن الدفاع المدني في جبلة «لم يتلقَّ أي عتاد منذ أكثر من 12 عاماً... كله بات قديماً»، لافتاً إلى أن «أكثر من 90 في المائة من عتادنا بات خارج الخدمة».وعلى بعد 500 متر، يشرف مهندس يعمل في إطار مؤسسة تنفيذ الإنشاءات العسكرية، على عمليات البحث تحت ركام مبنى آخر مدمر.
ويقول لوكالة الصحافة الفرنسية، متحفظاً عن ذكر اسمه كونه غير مخول التصريح: «ليس لدينا أي معدات حديثة (...) على غرار تلك المخصّصة لكشف الفراغات والبحث والاتصال».ويوضح: «عملنا بمثابة اجتهاد شخصي. (نحن أشبه) بيد عاملة وورش لقصّ الحديد وإزالة الأنقاض».وفي أحياء المدينة الضيقة والأكثر تضرراً جراء الزلزال، يتجمهر مئات الأشخاص حول فرق الإنقاذ ويقدّمون لها المعلومات عن ضحايا لم يُعرف شيئاً عن مصيرهم بعد.
ويراقب آخرون عمليات البحث من نوافذ منازلهم الملتصقة بالأبنية المدمرة أو المتصدعة بشكل كبير، إلى درجة أن الكلب المدرّب قد يركض باتجاههم، بوصفهم الأحياء الأكثر قرباً منه.وبملامح تعكس ألماً كبيراً، يراقب محمّد الحمادي الفريق الإماراتي، بينما يحفر في منزله الذي حوّله الزلزال فتاتاً، وأتى على والديه وشقيقه الذي كان نائماً على سرير قربه في الغرفة ذاتها.ويقول الشاب البالغ 23 عاماً لوكالة الصحافة الفرنسية: «سقط المبنى فوق رؤوسنا، طُمرتُ كلياً»، موضحاً أن عناصر الإنقاذ انتشلوه بعدما شاهدوا إصبعه من تحت الردم.
وبينما يشرف على عمليات البحث المكثّف، يوضح رئيس الفريق الإماراتي المقدّم حمد الكعبي لوكالة الصحافة الفرنسية، أن المرحلة الراهنة «نسميها المرحلة الرابعة وتعد مرحلة متقدمة من البحث والإنقاذ، ويكون بالطبع العدد الأكبر من الناجين» قد تمّ سحبه.لكنّ ذلك لا يمنعه من القول إن «احتمالية (وجود ناجين) موجودة وتستمر إلى 6 أو 7 أيام».
قد يهمك ايضاً