امرأة جنوب العاصمة الجزائرية وسط شكاوى من تعرض البلد لـ«نزوح بشري»

رفضت السلطات الجزائرية انتقادات حقوقية تتعرض لها بسبب عمليات الترحيل الجماعي لآلاف المهاجرين الذين ينحدرون من جنوب الصحراء. وقال مسؤولون حكوميون إن بلدهم "يواجه حملة تشويه غير مسبوقة"، وشدّدوا على أن "الجزائر ظلت دائمًا أرض لجوء وهجرة للأفارقة". وقال حسن قاسمي، المدير المكلف بالهجرة في وزارة الداخلية، في تصريحات إلى صحافيين يوم الأحد، إن 90 ألف مهاجر غير شرعي يدخلون الجزائر سنويًا. وعدّ ذلك "نزوحًا بشريًا" وليس مجرد "هجرة عادية"، موضحًا أن ذلك "يشكل مصدر انشغال حقيقي للسلطات الأمنية والسياسية".

وأوضح أن الداخلية أحصت 400 ألف رعية أجنبي يقيمون في الجزائر "بطريقة غير قانونية"، مشيرًا إلى "أننا أمام نزوح مكثف للسكان من بلدان أخرى، وليس تدفقاً لمهاجرين". وفي استهجان للانتقادات التي تتعرض لها السلطات في هذه القضية، تساءل قاسمي: "هل يوجد بلد يقبل مثل هذا النزوح لمهاجرين غير شرعيين على ترابه؟"

واستنكرت سعيدة بن حبيلس رئيسة "الهلال الأحمر الجزائري"، التابع للحكومة، ما وصفتها بـ"حملة التشويه التي شنتها بعض المنظمات غير الحكومية التي اتهمت الجزائر بالترحيل التعسفي لمهاجرين غير شرعيين من دول أفريقيا الواقعة جنوب الصحراء"، في إشارة إلى "الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان" و"منظمة العفو الدولية"، وهما التنظيمان الحقوقيان الأكثر تفاعلاً مع عمليات ترحيل المهاجرين السريين، من طرف الحكومة الجزائرية

وأفادت بن حبيلس بأن هذه المنظمات "أخطأت الهدف، لأن بلدنا هو المؤهل أكثر من أي طرف آخر، لتقدير حجم الأخطار المحدقة به، ولا يقبل دروسًا من أحد ولا أن يتم اتهامه بالمعاملة السيئة تجاه هؤلاء الأشخاص". وتحدثت عن "استغلال معاناة هؤلاء الأشخاص (أي المهاجرين المرحّلين) لأغراض سياسية وحزبية". ولم توضح بن حبيلس ماذا تقصد، لكن يفهم من كلامها أن الانتقادات تأتي بالأساس من بلدان أجنبية لا تعجبها مواقف الجزائر من قضايا دولية. وهذا التفسير نادرًا ما يرد على ألسنة مسؤولي وزارة الخارجية.

وأضافت بن حبيلس في تصريحات صحافية: "بدل التحامل على الجزائر، التي طالما تقيّدت بالقانون الإنساني الدولي، ينبغي على هذه المنظمات البحث عمن تسبب في هذه الكارثة الإنسانية وفي تدفق المهاجرين بهذه الكثافة". وقال وزير الداخلية نور الدين بدوي، الشهر الماضي، إن "موجات المهاجرين غير الشرعيين، الذين يصلون يوميًا إلى حدودنا الجنوبية، كلّفتنا 20 مليون دولار وهؤلاء يشكلون خطرًا على أمننا واستقرارنا"، في إشارة إلى الإنفاق على إيوائهم في مراكز إدارية مؤقتة، تمهيداً لإعادتهم إلى بلدانهم. وندد بدوي بـ"أطراف تستغل ملف الهجرة للضغط على الجزائر".

ورد الوزير أيضاً على انتقادات الحقوقيين، فقال إن "موقف الجزائر واضح ولا يقبل المساومة، فيما يتعلق بالتدخل الخارجي في الشؤون الداخلية للدول، أو التدخل العسكري الذي ظهرت نتائجه الكارثية في ليبيا ومالي، وما نجم عنه من انتشار للإرهاب والجريمة المنظمة والصراعات العرقية، وهو ما تعمل الجزائر لحله بالطرق السلمية والسياسية بالتنسيق مع دول الجوار".
وجاء ردّ فعل قاسمي وبن حبيلس بعد 24 ساعة من تداول لائحة في وسائل الإعلام، وقّعها 400 حقوقي وناشط سياسي ومن المجتمع المدني، تضمنت تنديدًا بـ"عمليات الطرد الجماعي (التي بدأت نهاية العام الماضي) التعسفي التي استهدفت آلاف الرعايا جنوب الصحراء، الذين يوجد من بينهم أشخاص يعانون من أمراض". وينحدر المرحّلون، بحسب اللائحة، من غينيا الاستوائية وبوركينا فاسو وبنين ومالي وساحل العاج والسنغال والنيجر ونيجيريا وليبيريا وكاميرون وسيراليون. وقال أصحاب الوثيقة إن المرحلين نقلتهم السلطات إلى الحدود الجنوبية، المشتركة مع مالي والنيجر: "وتخلت عنهم هناك بمناطق صحراوية عرضة لكل المخاطر".