عمان- نورما نعمات
رعى رئيس الوزراء عمر الرزاز اليوم الاربعاء اطلاق الاستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية 2019-2025 التي تتوافق مع التعهدات التي اعلنتها في وثيقة أولوياتها للعامين 2019 – 2020.
وتتضمن الاستراتيجية التي أطلقت اليوم، بحضور الفريق الوزاري والجهات المعنية من القطاعين العام والخاص اربعة محاور أساسية هي، "سياسات سوق العمل، والتأمينات الاجتماعية، والخدمات الاجتماعية، والمساعدات الاجتماعية".
وتستند الاستراتيجية إلى السياسات القائمة واولويات عمل الحكومة للأعوام 2019 و 2020، في بناء منظومة حماية اجتماعية شاملة ومتكاملة تحصّن الأردنيين والأردنيات من الفقر وخطر الوقوع به وتمكنهم من العيش بكرامة الأمر الذي يتطلب تنسيق هذه الجهود وتوجيهها في سبيل حماية الأسر الفقيرة والمعرضة للفقر، والعمل على تصميم وتنفيذ برامج الحماية المتكاملة التي تلبي حاجات الأسر الفقيرة وتمكنهم من الإنتاج وبالتالي الاندماج اجتماعيًا واقتصاديًا.
وتنسجم الاستراتيجية مع أهداف التنمية المستدامة خاصة المتعلقة بالهدف الاول القضاء على الفقر والفقر المدقع بجميع أشكاله في كل مكان، والهدف الثاني القضاء على الجوع وتوفير الأمن الغذائي، والهدف الثالث تعزيز النمو الاقتصادي المطرد والشامل للجميع والمستدام، والعمالة الكاملة والمنتجة، وتوفير العمل اللائق للجميع.
وتسلط استراتيجية الحماية الاجتماعية 2019-2025 الضوء على دور الحكومة في تأمين الحماية الاجتماعية لمواطنيها وفقا للموارد المتاحة، من خلال استهداف الفقراء والضعفاء أولا، ومن ثم جميع شرائح المجتمع حسب الخدمة المقدمة من خلال ثلاثة محاور عمل رئيسة اولها العمل اللائق: تطبيق أسس العدالة في سوق العمل وتحفيز القطاع الخاص لخلق فرص عمل لائقة تمكّن أسر الفقراء والمهمشين من الحصول عليها والاعتماد على ذاتهم اقتصاديا، والادخار لمستقبلهم حتى لا يقعوا في الفقر عند التقاعد ومواجهة الظروف الطارئة التي تستجد عليهم مثل الوفاة أو التعطل أو العجز من خلال تأمينات الضمان الاجتماعي المنصف.
اما محور الخدمات الاجتماعية فيشمل تأمين جميع الأردنيين بخدمات تعليم مبكّر وأساسي ممكّن للطلاب والطالبات، ورعاية صحية أولية وقائية وعلاجية جيدة، وبرامج حماية ممكنة للأفراد فاقدي الرعاية الأسرية السليمة.
ويشمل محور المساعدات المالية والعينية الاجتماعية القضاء على أشد أشكال الفقر، من خلال تأمين مستوى معقول من الدعم والمساعدات المالية والعينية التي تعزز قدرة الفقراء على تلبية احتياجاتهم الأساسية من الغذاء والمسكن والملبس والتنقل، واستهدافهم بدقة لتعزيز كفاءة الموارد المتاحة وفعالية برامج التنفيذ، ويشمل الدعم والمساعدات التحويلات النقدية التي تقدمها وزارة المالية، وصندوق المعونة الوطنية وصندوق الزكاة.
وتهدف الاستراتيجية الى الوصول الى منظومة حماية اجتماعية شاملة وشفافة قابلة للقياس للمساءلة والمحاسبة وتعزيز الانتاجية والاعتماد على الذات من خلال توفير بيئة عمل لائق، وفرص عمل متكافئة، وقطاعات إنتاجية ذات قيمة مضافة، والوصول إلى سوق عمل منظم ومنصف بين مختلف القطاعات الى جانب تقديم الخدمة التعليمية الشاملة والممكنة والرعاية الصحية السليمة والمنصفة للمواطنين الأردنيين بكرامة.
وتركز الاستراتيجية على تعزيز التنسيق والتكامل وكفاءة الانفاق بين مختلف برامج الدعم والمساعدات والرعاية الاجتماعية من خلال الاستهداف الدقيق للفقراء المبني على المفاهيم المشتركة والغايات الموحدة ومؤشرات الأداء القابلة للقياس والتحقق، اضافة الى تكامل الأدوار بين مختلف الجهات العاملة في مجال الحماية الاجتماعية، ودعم عملية صناعة القرار المبني على الحقائق والأدلة الواقعية من خلال نظام رصد ومتابعة وتقييم.
وقال رئيس الوزراء عمر الرزاز إن توجيهات الملك مستمرة لايلاء ملف الحماية الاجتماعية الاهمية اللازمة، حيث ركز كتاب التكليف السامي للحكومة وخطاب العرش على أهمية الوصول الى دولة الإنسان، التي تعكس ثقافتنا كأردنيين.
واشار في كلمته الى ان التكافل ربما يكون الموضوع الابرز من محاور دولة الإنسان، لاسيما في هذا التوقيت والظروف الاقتصادية التي تواجه العديد من فئات المجتمع، مؤكدا ان الدول في الفترات الاقتصادية الصعبة بأمس الحاجة لاعادة النظر في كل منظومتها وبرامجها التكافلية.
أقرأ أيضا الأردن يتفق مع البنك الدولي على زيادة القرض إلى 1.4 مليار دولار
وبين "إنه وعلى الرغم من أننا، في الأردن، انجزنا على مدى السنوات الماضية نقلات مهمة في مجالات الرعاية الاجتماعية والخدمات، الا ان واجبنا يكمن بإعادة النظر في كل برامجنا، للتأكد من وجود تكامل حقيقي بينها، وعدم ازدواجيتها، مع ضرورة التركيز الحقيقي على الفئات الأكثر حاجة للدعم".
ولفت إلى أن محاور الاستراتيجية الثلاثة؛ فرصة وتمكين وكرامة، تستهدف بشكل رئيس توفير فرص عمل للشباب الأردني، وتحسين نوعية الخدمات المقدمة، ولاسيما في مجالي التعليم والصحة، إلى جانب تقديم دعم تكميلي للاسر الفقيرة.
وذهب إلى القول أن محور فرص يتعامل مع موضوع التشغيل، خصوصا أن نسبة المشتغلين من القادرين على العمل في الاردن تعتبر من أقل النسب في العالم، ما يتطلب توفير فرص عمل في القطاع الخاص واستقطاب الاستثمارات التي تشغل العمالة الأردنية.
واعتبر الرزاز، أن أخطر ما يجابه الأمم هو أن يصبح الفقر متوارثا يتناقله أفراد الأسر، وأن أهم طريقة لكسر حلقة الفقر يستند على التعليم النوعي خاصة التعليم المبكر، بما يضمن الوصول إلى العدالة وتكافؤ الفرص، وهو ما يتماشى مع استراتيجية الموارد البشرية واستراتيجية التعليم.
وأشار إلى أن محور الكرامة الذي يعتبر محوريا في الاستراتيجية، يستهدف الأسر الفقيرة التي تحتاج الى دعم تكميلي أو فرص عمل أخرى ضمن الأسرة، وقد يتعلق الموضوع بالتأمين الصحي الذي قد ينقل اسرة من الطبقة الوسطى الى الطبقة الفقيرة بسبب وجود حالة مرضية ضمن أحد أفرادها، في حالة عدم وجود تأمين صحي.
وأكد الرزاز، في هذا السياق، أن اوجه الفقر متعددة، وبالتالي فإن البرامج يجب ان تكون متعددة ومتكاملة واستراتيجية، لتحقيق نقلة نوعية في التخفيف من حدة هذا التحدي، وأعلن رئيس الوزراء أن الدعم النقدي (برنامج الدعم التكميلي) الذي بدأ العمل به بشكل تجريبي سيطلق رسميا يوم غد الخميس وسيصل الى 25 الف اسرة إضافية خلال هذه السنة، كما ان برنامج التأمين الصحي، وضمن اجراءات متكاملة، سيصل الى 50 الف اسرة غير مشمولة بالتأمين الصحي.
وتابع "إن برنامج الطاقة الشمسية لمنازل الاسر الفقيرة سيصل الى 5 آلاف اسرة هذا العام، اضافة الى دعم النقل المدرسي والنقل بين المناطق النائية ومناطق العمل ليشمل نحو 10 آلاف أسرة. وأشار إلى أنه سيتم التوسع بتطبيق برنامج التغذية المدرسية، ليصل الى 50 الف أسرة، فضلا عما تعهدت به الحكومة سابقا وبدات بخطوات لتنفيذه من تأمين 30 الف فرصة عمل في القطاع الخاص خلال السنة الحالية، لافتا الى أن جميع هذه الاجراءات والالتزامات ستحدث فرقا واثرا ايجابيا بحياة الشباب والاسر الاردنية".
ولفت إلى أن تنفيذ محاور هذه الاستراتيجية ذات البعد الوطني، تشترك فيه 10 وزارات ومؤسسات حكومية، وبما يضمن التشاركية وتكامل الجهود وتفادي الازدواجية في تطبيق منظومة الحماية الاجتماعية.
وأكد وزير التخطيط والتعاون الدولي ووزير الدولة للشؤون الاقتصادية الدكتور محمد العسعس ان الاستراتيجية جاءت منسجمة مع اولويات عمل الحكومة للعامين 2019 و 2020 من خلال محور دولة التكافل وفق نهج جديد لتقديم خدمات الرعاية والحماية والمساعدات الاجتماعية لمستحقيها يعتمد على فعالية الاداء وتكامل الادوار وكفاءة الانفاق بشفافية وعدالة.
واستعرض محاور الاستراتيجية مؤكدًا أن الاسلوب الوحيد لضمان حماية اجتماعية مستدامة هو من خلال توفير عمل لائق للاردنيين هو المحور الأول للاستراتيجية " فرصة "، وان كسر عجلة توريث الفقر عن طريق تعليم ذي جودة عالية ومتماش مع متطلبات سوق العمل هو المحور الثاني " تمكين "، وتوفير مساعدات مستهدفة واساس مستقر من الخدمات للاردنيين مثل الصحة والتعليم وغيرها هو المحور الثالث "كرامة".
ولفت إلى ان الوضع القائم والتحديات في سوق العمل يكمن بفرص عمل متدنية الأجر ومنافسة مع عدد متزايد من العمال الوافدين، حيث كانت نسبة الأردنيين من العمالة في سوق العمل الأردني 90 بالمئة في عام 2003 والآن فقط 60 بالمئة، كما انه وعلى الرغم من ان أكثر من 60 بالمئة من النساء في سوق العمل الاردني حاصلات على شهادات جامعية أو اكثر، فإن الاردن يعد من اقل الدول بنسبة مشاركة المرأة في العمل اضافة الى ان مخرجات التعليم لا توائم متطلبات سوق العمل.
وأكد مدير عام دائرة الاحصاءات العامة الدكتور قاسم الزعبي، اهمية الارقام والبيانات التي تنتجها الدائرة في عملية التخطيط وصناعة القرار في الدولة الاردنية، وعرض لبعض المؤشرات الخاصة في انفاق الاسر الاردنية ودخلها، لافتا الى ان حجم الاسر المرتفع وخاصة الاسر الفقيرة يسهم في انخفاض دخل الفرد في الاسرة.
وأشار إلى أن الدعم الحكومي المباشر الذي تقدمه مؤسسات وصناديق حكومية اسهم في تخفيض نسبة الفقر بمعدل 4 نقاط بعد ان كانت حوالي 2ر19 بالمئة لتنخفض الى نحو 15 بالمئة.
قالت وزير التنمية الاجتماعية بسمة اسحاقات، "إن الاستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية تعمل تقديم برامج الحماية الاجتماعية ومكافحة الفقر من خلال مظلة تكاملية بين الوزرات، مؤكدة ان الاستراتيجية سدت الفراغ والخلل الذي حصل خلال السنوات الماضية لعدم وجود برامج حماية اجتماعية مثمرة".
وأوضحت خلال جلسة حوارية جمعت عددا من الوزراء على هامش إطلاق الاستراتيجية، ان وزارة التنمية بدأت العمل بالتشارك مع الوزارات والمؤسسات المعنية منذ عام، بعد أن جمعت البيانات من حوالي 50 مؤسسة من خلال قاعدة بيانات وأنظمة تمنع تسرب الدعم للفئات الغنية، مبينة أن النظام المحوسب تم تجربته في العديد من المناطق بالمملكة، واسهم في فرز البيانات وترتيب الأسر بشكل تراتبي حسب شدة فقرها.
ةأشار وزير العمل نضال البطاينة إلى توجه الوزارة لإنشاء قاعدة بيانات وطنية وشاملة خلال الأسبوعين المقبلين، تستهدف الباحثين عن العمل، والمتعطلين، مؤكدا أن الوزارة ستتمكن من خلال قاعدة البيانات إلى توفير فرص عمل لائقة للأردنيين.
وقال "إن الحكومة حققت خلال العام الحالي زيادة في نسبة توظيف الحالات الانسانية من 10 بالمئة إلى 16 بالمئة، إضافة إلى تعيين 2500 أردني من خلال المنصة الإلكترونية الأردنية القطرية، مع تعيين 11 ألف و100 وظيفة في العام الحالي"، مؤكدا على المضي قدما في تحقيق ما تعهدت به الحكومة في أولوياتها من خلال توفير 30 ألف فرصة عمل لائقة خلال العام الحالي.
وقال وزير التربية والتعليم ووزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور وليد المعاني، "إن مشروع التغذية المدرسية سيساهم في إدخال الطلبة في الوضع الصحي المناسب للتعلم"، مؤكدا أن التغذية المدرسية ساهمت في الحد من تسرب طلبة المدارس والبقاء في مدارسهم.
وأضاف أن الحكومة عملت على تمكين أعداد من الطلبة من الالتحاق في التعليم العالي، من خلال توفير التمويل اللازم، عن طريق تأجيل تسديد القروض الدراسية لـ 50 ألف طالب خلال العام الحالي.
ولفت إلى أن الحكومة وفرت منحا غير مستردة بقيمة 18 مليون دينار توزع بشفافية وعدالة، كما ستعمل على توفير برامج لقروض تمتاز بفوائد قليلة ولفترات سماح طويلة.
وأشار إلى أن الحكومة تعمل على ايلاء الجامعات الأهمية القصوى، وذلك من خلال زيادة الدعم الحكومي في العام المقبل والمتمثل بـ 18 مليون دينار.
وبين المعاني أن وزارة التعليم العالي وجهت الجامعات إلى تقليص التخصصات الراكدة والمشبعة في سوق العمل، إضافة إلى فتح بعض التخصصات الجديدة بما يخدم عملية التنمية ودعم السوق المحلي، مؤكدًا أن عملية سداد مديونية الجامعات والبالغة 100 مليون تسير في الاتجاه الصحيح.
قد يهمك أيضا