قامّ لصوص الأسلاك النحاسية في ريف اللاذقية بقطعها فباتت أعمدة التيار الكهربائي بلا أسلاك، حتى أنهم لم يتركوا سلكا واحدا، باعوها نحاسا لتجار الخردة، الذين نقلوه بدورهم إلى خارج الحدود السورية، وذلك مقابل ملايين الدولارات التي قبضها لصوص كابلات النحاس، وأكثر منها قبضها تجار المادة بين سورية والدول المجاورة، ولم يجدوا سلطة تقف في وجههم، رغم قيامهم بفعلتهم في وضح النهار، وتحت ضوء الشمس، بينما قامت  بعض كتائب الثوار العاملة في ريف اللاذقية، بضبط عدد من هؤلاء اللصوص، ولكنهم وجدوا بعض ممن شفع لهم. و حظي موضوع قطع الأسلاك الكهربائية باهتمام كبير من المواطنين، والمشايخ، وثوار الجبل، واتفق أغلبهم على توصيفها بالسرقة الموصوفة، ووجوب محاكمة السارقين ومعاقبتهم، ولكن هناك من حاول التماس العذر لهؤلاء، واصفًا إياهم ب "الجياع الباحثين عن ثمن طعام". ومن جانبه قال  أحد المتهمين بالسرقة، علاء في 16 من عمره، و الذي لم ينكر فعلته، لكنه بررها قائلا "والدي مريض، أجرى منذ فترة قريبة عملية القلب المفتوح، يحتاج لدواء يكلفنا شهريا مبلغ 7500 ليرة سورية، بعنا كل ما في المنزل ثمنا للدواء، لم يبق لدينا ما نأكل، أو ننام عليه، لم أجد طريقة أخرى". وأضاف علاء "لم يسبق أن سرقت، لكنها الحاجة، وقد تبت بفضل الله عنها، اشترى لي أحد المحسنين، آلة لنشر الحطب، أنا اليوم أقطع الحطب وأبيعه، أشتري دواء والدي وأعيل أخوتي وأهلي". كما توجد قصص كثيرة من لصوص الأسلاك، تتشابه مع قصة علاء، ولكن هل يبرر لهم ذلك السرقة؟ الشيخ أبو مازن أجاب عن التساؤل: إنها سرقة موصوفة ومثبتة، ويستحق مرتكبوها المحاكمة والعقاب شرعا وقانونا، ولا يعفي السارق سوء حالته المادية، وحاجته لثمن الدواء أو الطعام. ويضيف " لكن لا بأس لو نظر للحالة من باب الإنسانية دون إعفاء، ويستحق العقوبة المشددة من كان وضعه المادي مقبولا". ودفع استياء المواطنين من سرقة كابلات الكهرباء، لتقديم الشكاوي للمحاكم العاملة في المنطقة، كما نقلوها لقيادات الفصائل الثورية المسلحة للاقتصاص منهم، وتبقى الخسارة الكبرى، في فقدان إمكانية توصيل الكهرباء بشكل شامل للقرى، في حال توفرت المولدات الكبيرة، يوما ما قريبا كان أم بعيدا. وتحدث أحد سكان المنطقة ويدعى أبو يعرب "عشرات السنين، ونحن نطالب النظام الفاشي بتوصيل الكهرباء إلى قرانا، لماذا سمح الثوار، والقائمون إداريا على المنطقة بقطع الأسلاك؟ إنها أملاك عامة، كان من الواجب الحفاظ عليها، سنحتاج سنين طويلة لتمديد غيرها، قد لا يتيح لي العمر مشاهداتها مرة ثانية". و لم يتوان اللصوص عن نشر الأعمدة الكهربائية، التي لم يتمكنوا من الصعود عليها، أو استسهالا للوصول إلى النحاس المقصود، وخسرت الشبكة الكهربائية عشرات الأعمدة، عدا عن الأسلاك النحاسية.