حسني مبارك رئيس مصر الأسبق

مر تسعون عامًا، من بينهم ثلاثين عامًا في حكم مصر، وخمسة أعوام في سجونها على خلفية قضايا عدة فيما عُرف إعلاميًا بـ"محاكمة القرن" نظرًا لوجود رئيس جمهورية أسبق خلف القضبان، رفقة نجليه ووزير داخليته، وعلى خلفية إتهامهم بـ”قتل المتظاهرين في ثورة يناير” إلا أن المحكمة حكمت في النهاية ببراءته. وتسعون عامًا في حياة رئيس دولة هي الأبرز في المنطقة العربية والشرق الأوسط، شاهد على أحداث منذ إندلاع حروب تطهير البلاد وأراضيها في سيناء، وحتى اغتيال رئيس كان نائبه يومًا ما، مرورًا بثلاثين عامًا في حكم الدولة المصرية حتى محاكمته أمام قضاء الدولة، حياة عاصفة بالأحداث والأزمات.

لذا وفي يوم ميلاده الـ 90، نستعرض أبرز 10 أزمات طاردت حسني مبارك طوال حياته :
1- منصور حسن كان عقدة مبارك :
وتحدثت الكثير من الكتب في هذا الشأن، يأتي أبرزهم : كتاب “الصعود واالسقوط.. من المنصة إلى المحكمة ” للكاتب المعروف صلاح منتصر، والذي أكد خلاله أن حسني مبارك كان يمهد الطريق لنفسه ليصبح رئيس مصر المقبل، إلا أن عقدته في نظام حكم الرئيس الراحل أنور السادات، كانت تتمثل في “منصور حسن”.

يحكي الدكتور علي السمان، في مذكراته “أوراق عمري”، ويقول عن منصور حسن: ” أنه أحد أبرز أعضاء "نادي الصامتين" فهو معروف بصمته، لكن غير المعروف على وجه التحديد ما إذا كان صمته الطويل، والذي لم يخرج عنه إلا قليلًا، طواعية منه أو مفروضًا عليه مثل عشرات الشخصيات والرموز البارزة في مصر ".

وفي رواية في تلك المذكرات، سرد السمان أن السيدة الأولى جيهان السادات، لم يطلعها السادات على أسرار الدولة أو أية قرارات مهمة، إلا أنها كانت تتجسس عليه بمعرفة سكرتيره الخاص فوزي عبد الحافظ، وكانت سبب كبير في تقديم نائب السادات وقتها مبارك استقالته احتجاجًا على الصلاحيات التي تم منحها لوزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية منصور حسن على حساب مبارك.

وضمن روايات السمان، أكد بأن السيدة جيهان السادات كانت تخطط لأن يكون رجل الدولة المقبل بعد السادات، هو منصور حسن، وكشفت مذكرات السمان أن السيدة الأولى أوقعت بين السادات ومبارك لأنها كانت تريد منصور حسن نائبًا للسادات بدلًا من مبارك، حتى نشب خلاف قوي بين السادات ومبارك فتنحى مبارك جانبًا وترك منصبه لمدة أسبوع كامل.

وفي الوقت نفسه وقعت حملة اعتقالات سبتمبر/ايلول الشهيرة، ووفقًا لرواية عدد من الشخصيات الإعلامية البارزة، أن منصور حسن اعترض بشدة على تلك الحملة، فكان أول خلاف قوي بينه وبين السادات، وبعد هذا الخلاف عاد كل شئ كما السابق، حيث تقلص وجود منصور حسن السياسي ليقتصر على دوره البرلماني فقط، اما عن مبارك فذهب إليه السادات في قريته وأعاده لمنصبه كنائب له.

حادث المنصة واغتيال السادات :
في حادث غادر وساذج، ما زال إلى الآن يُدهش من يتابعه في مقاطع الفيديو الخاصة به، وعلى الرغم من أن الجناة تم رصدهم من خلال المشاهد المصورة التي تم التقاطها لهذا الحادث، إلا أن الأكثر غرابة أن العديد من بين الرموز السياسية التي حضرت واقعة اغتيال الرئيس السادات لم تدلٍ بشهادتها بالأساس أثناء التحقيقات.

يأتي أبرز هؤلاء، سكرتير الرئيس الراحل فوزي عبد الحافظ، وكذلك المشير أبو غزالة، أما نائبه وقتها الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، فقد تحدث بعد 14 يومًا من الواقعة، حيث وقعت حادثة الاغتيال يوم 6 أكتوبر/تشرين الأول 1981، وادلى مبارك بشهادته يوم 20 أكتوبر/تشرين الأول 1981.

ويقول مبارك في حديثه لصحيفة “نيويورك تايمز” عن تلك الواقعة الآليمة: ” حينما رأيت الرئيس السادات ممددًا على الأرض جريحًا لم أعد أرى ما أمامي تمامًا كما لو أن ستارة سوداء حجبت النظر عني، أشياء كثيرة دارت في رأسي وكان أكثرها إلحاحا، هو ماذا سيحدث الآن؟ وعندما أيقنت من يأس الطب وعجزه عن إنقاذ الرئيس، فكرت في الانسحاب، واجتمع المكتب السياسى، ولم أتكلم كلمة واحدة وتركت أعضاء المكتب يتكلمون الواحد بعد الآخر، وأصروا جميعًا على اختيار شخصي مرشحًا لرئاسة الجمهورية وكان فى رأيهم أنني استطيع أن أحفظ للبلاد وحدتها وأوفر لها أمنها واستقرارها “.

واستكمل : "كنت بجوار الرئيس السادات، مفيش سنتيمترات، العرض الجوي بدأ، والطائرات تحلق في أعلى، وبعد ذلك فوجئنا بإحدى السيارات تتوقف مع إطلاق رصاص، نزل منها شخص يمسك بندقية ويطلق منها الرصاص كان هناك ساتر في المنصة ارتفاعه حوالى متر ونصف احتمينا خلفه، حتى أنهم اقتربوا جدًا بجوار المنصة وكانوا بيضربوا، ولم أرٍ الإسلامبولي وهو يضع المدفع الرشاش كما يظهر في الصور فوق رخام الحاجز، كل واحد كان مهتمًا بنفسه واختبأ خلف الساتر وبعد توقف إطلاق النار بدقيقة أو دقيقتين كان جسد الرئيس السادات على الكرسي ".

3- انتفاضة الأمن المركزي 1986 :
تعد من أبرز الأزمات التي نالت من مبارك بعد توليه رئاسة الجمهورية، حيث خرج الآلاف من مجندي الأمن المركزي في معسكر الجيزة على طريق الإسكندرية الصحراوي، بعد تسريب شائعات بينهم بوجود قرار سري بمد سنوات الخدمة من ثلاث إلى خمس سنوات، الأمر الذي رفضه المجندين وخرجوا إلى منطقة أهرامات الجيزة حتى تطورت الأوضاع ووصلت الاعتراضات إلى المحافظات، كان الأشد اشتعالًا في أسيوط.

استمرت الأحداث في الاشتعال لمدة أسبوع تقريبًا، وتم إعلان حظر التجوال في شوارع القاهرة والمحافظات وتم اعتقال عدد كبير من المجندين في الأمن المركزي، تعامل مبارك مع تلك الازمة بإقالة اللواء أحمد رشدي وزير الداخلية وقتها وقام بعزل عدد كبير من القيادات الامنية وأتخذ قرارات لتحسين أحوال المجندين، ومن هنا أتخذ مجموعة قارارت بتحديد نوعية الجنود الذين يلتحقون بالأمن المركزي.

4- حرب الخليج بين العراق والكويت :
كان لمبارك مؤتمر عالمي شهير وهو يعلق على تلك الحادثة، التي أكد بأنه أصيب بـ "شلل في تفكيره"، بسبب تصرفات صدام حسين رئيس العراق الأسبق بعدما أبلغوه بأن العراق اعتدى على الكويت واشتعلت الحرب بينهما.

في تلك الأزمة بين البلدين العربيين، سعى مبارك بشكل كبير في لحل الأزمة العربية الناشئة بين الطرفين، رفقة الشيخ زايد خادم الحرمين الشريفين المغفور له، وسرد مبارك تفاصيل يوم الغزو العراقي على الكويت، مؤكدًا أنه في يوم 1 أغسطس/آب 90 كان قد عقد اجتماع مطول مع الرئيس العراقي للاستماع لموقفه والوصول لحلول، وبعدها غادر إلى الكويت للاستماع للطرف الثاني والتوصل لحل وسطي.

وتابع مبارك في كلمته، انه تفاجئ في فجر اليوم نفسه الذي كان فيه في دولة الكويت، بأن المسؤولين يبلغونه بأن العراق قام بغزو الكويت، وهنا انفعل مبارك بشدة خلال المؤتمر الصحفي قائلًا: ” دولتين عربيتين وأعضاء جامعة الدول بيضربوا في بعض !”، ودعا وقتها رفقة الشيخ زايد لقمة عربية عاجلة فانفعل مبارك للمرة الثانية في المؤتمر وقال: ” قولتله قمة عربية أية ! كل قمة عربية بنطلع وإحنا بتشتم بعض وإحنا بنتطاول على بعض، علشان كدا تلاقونا مش عاوزين نعقد قمم عربية أساسًا”.

5- حادثة اسقاط الطائرة المصرية قبال المحيط الإطلنطي في أميركا :
تلك الحادثة المعروفة إعلاميًا بـ”حادثة الرحلة 990″، كانت في أكتوبر/تشرين الأول 99، وكان على متن الطائرة قرابة 217 شخصًا إلا أن الطائرة وبشكل مفاجئ تحطمت قبالة الشواطئ الأميركية ولم يكشف بعد عن المتورطين في تلك الواقعة المؤسفة، إلا أن هيئة السلامة الأميركية وقتها إتهمت مساعد الطيار “جميل البطوطي” بتعمد إسقاط الطائرة لأنه كان ينوي الانتحار، واعتمدت الهيئة في تقريرها على الجملة التي رددها البطوطي قبل سقوط الطائرة بلحظات، فقال : “توكلت على الله “

إلا أنه وفقًا لشهادة أحد الطيارين الألمان على خط ملاحي قريب جدًا من الطائرة المصرية وقت حدوث تلك الكارثة، أكدوا أنهم شاهدوا جسمًا غريبًا يمر بالقرب من الطائرة قبل وقوع الكارثة بثوانٍ ومن ثم شاهدوا سقوط الطائرة في المحيط وانفجارها في الحال.

أما عن أحد أقارب “البطوطي”، فقد أكد أن الطائرة التي من المفترض كانت عائدة من نيويورك إلى القاهرة، كانت مستهدفة بسبب وجود ود عسكري عالي المستوى يتكون من 33 شخصًا على متنها بالإضافة إلى ثلاث من خبراء الذرة، وسبعة خبراء في مجال النفط.

وفي روايات مختلفة، أكد خالد رفعت بأن البطوطي أجرى ثلاث اتصالات مع اسرته بسبب تأخر إقلاع الطائرة المنكوبة لمدة ساعتين بدون أي سبب واضح، لكن وبعد سقوطها تم الكشف عن سر تأخر إقلاعها كل هذه المدة حتى يصل الجسم الغريب في موعد محدد ليصطدم بالطائرة المصرية.

6- غرق عبارة السلام 98 :
يُقال أن حريقًا نشب في محرك السفينة، وانتشر بسرعة البرق في أرجائها، الأمر الذي أدى لاستخدام مضخات تقوم بسحب المياة من البحر الاحمر عبر خراطيم إلى داخل السفينة تمهيدًا لإطفاء الحريق، إلا أن الجميع تفاجئ بأنها لا تعمل، استمر الوضع حتى اختل توازن السفينة بسبب تجمع مياهه المكافحة على جانب واحد ما ساهم في انقلابها.

كان على متن عبارة السلام 1415 شخصًا من بينهم 1310 من الرعايا المصريين بالإضافة إلى طاقم الملاحة المؤلف من 104 فرد، كما كان على متن السفينة 115 أجنبي من بينهم 99 سعوديًا، كان معظم الموجودين على متن العبارة مواطنين مصريين عائدين لقضاء فترة أجازتهم من السعودية إلى مصر، وعدد من بينهم عائد بعد قضاء مناسك العمرة.

7- سقوط طائرة تقل 135 سائحًا فرنسيًا في البحر الأحمر :
وفي عام 2004، وفي تمام التاسعة صباحًا، كانت كافة المحطات التلفزيونية تجتمع على عرض خبر واحد فقط، ألا وهو مقتل 148 شخصًا وهم ركاب طائرة كانت تقل على متنها 135 راكبًا فرسيًا و13 من أفراد الطائرة وهو طقم مصري، وكانت متجهة إلى باريس من مطار شرم الشيخ، وسقطت عقب إقلاعها بلحظات في البحر الأحمر.

8- وفاة حفيده.. نجل علاء مبارك :
كانت وفاة حفيد الرئيس الأسبق حسني مبارك، ونجل علاء مبارك، محمد علاء مبارك لها أثر قوي على حالة الرئيس الأسبق، وقتها تم الإعلان أن الوفاة تمت بسبب فيروس نادر جدًا، وتوفي الطفل الصعير حفيد مبارك وهو يلعب في حديقة منزله على الفرس.

وفي رواية لأحد الصحافيين البارزين، قال: ” أن علاء عندما دخل بصحبة جمال ورفع النعش من مسجد آل رشدان سقط على الأرض مغشيا عليه وشهق شهقة تقترب من شهقة الموت، وكاد أن يلقى ربه من الحزن “، وتابع في حديث تلفزيوني له: ” هذا الطفل مات بطريقة طبيعية ولم يسقط من على الفرس ولم يكن مريضا، وإنما أصيب بفيروس نادر جدا يصيب واحدا من كل مليون شخص، وهذا قدر، ولم يكن هذا الطفل مريضا كما أشيع، وإنما مات في ثانية بينما كان يلعب”.

9- ثورة يناير/كانون الثاني والتنحي :
وفي يوم 11 فبراير/شباط، وبعد 18 يومًا من اندلاع ثورة يناير/كانون الثاني 2011، خرج اللواء الراحل عمر سليمان لإعلان تنحي الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك عن رئاسة الجمهورية، وتكليف القوات المسلحة بقيادة شؤون البلاد، وكانت أخر خطاب للرئيس الأسبق مبارك قبل إعلان التنحي بثلاث أيام تقريبًا فيما عُرف بـ”الأربعاء الأسود” كان قد خرج وتحدث للمواطنين المصريين بأنه لم يكن ينتوي الترشح بالأساس لفترة رئاسية جديدة، مؤكدًا أنه الوطن باقٍ والأشخاص زائلون مهما حدث.

10- محاكمة مبارك وأولاده جمال وعلاء :
وفيما عُرف بـ"محاكمة القرن" بعدما تم القبض على الرئيس الأسبق مبارك ونجليه جمال وعلاء مبارك، ووزير داخليته حبيب العادلي، تم إعادة المحكمة أكثر من مرة، كان أول حكم فيها بالسجن المؤبد للرئيس المصري ونجليه وحبيب العادلي، بعد إتهامهم بقتل المتظاهرين في ثورة يناير 2011، إلا أن بعد الطعن اكثر من مرة قضى مبارك 5 سنوات داخل السجون المصرية قبل أن يتم الإفراج عنه ونجليه مع استمرار حبس حبيب العادلي على خلفية قضايا أخرى.