بغداد-نجلاء الطائي
فجرت التصريحات التي أطلقها بعض النواب العراقيين عن تبعية خور عبد الله، للعراق موجة استنكار نيابي واسع، من أعضاء مجلس الأمة "البرلمان" الكويتي، مطالبين بتحرك حكومي واضح وعاجل للرد على ما أسموه "الاستفزازات العراقية" في هذا الشأن.
ووصف عدد من النواب الكويتيين تصريحات نظرائهم العراقيين، بأنها "غير مسؤولة"، مشددين على أن الحدود بين الكويت والعراق تحكمها قرارات الأمم المتحدة. وخلال يناير/ كانون الثاني الماضي، قررت الحكومة العراقية، استكمال التزاماتها في تطبيق اتفاقية تنظيم الملاحة البحرية في خور عبد الله مع الكويت، ما أثار عاصفة من ردود الفعل السياسية من قبل نواب ووزراء عراقيين حاليين وسابقين، فسّروا القرار بأنه تنازل من بغداد، عن "خور عبدالله" ومنحه للكويت.
وطالب النائب الكويتي صالح عاشور، الحكومة الكويتية بتشكيل غرفة عمليات وفريق رصد لما يحدث بالعراق اتجاه الكويت، وعدم التساهل لمواكبة الحدث بدقة، وإعطاءه أولويه قصوى على سواه. وأما رئيس لجنة الشؤون الخارجية البرلمانية في البرلمان الكويتي علي الدقباسي، فكشف أن "لجنة الشؤون الخارجية البرلمانية ستعقد، الإثنين، اجتماعًا وستنظر بالتحرشات العراقية المعتادة".
وأضاف الدقباسي، "أطلعت على تصريحات النواب العراقيين وهي حلقة من مسلسل الاعتداءات المتكررة على الكويت، وهي تصريحات غير مسؤولة، لاسيما أن العلاقة بين العراق والكويت مبنية على قرارات مجلس الأمة ذات الصلة عند تحرير الكويت". وأوضح "دائما ما نوجه الحكومة الكويتية، ونشدد على ضرورة أن يكون التعاون مع العراق مبنيًا على هذه القرارات، فنحن نتوقع مثل هذه التصريحات التي تطلق من نواب أو تيارات أو من متشددين أو إرهابيين".
وتابع النائب وليد الطبطبائي، أن "مشكلتنا مع الجار الشمالي العراق أزلية، وليست مرتبطة بشخص صدام حسين أو عبد الكريم قاسم، أو غيرهما، فهناك من يصطاد في الماء العكر بيننا وبين العراق". وأضاف أن "موضوع الحدود بيننا وبين العراق جاء بقرار أممي، ولا يملك العراق أن يعطينا شبرًا من أرضه ولا نملك نحن كذلك أن نأخذ شيئا من أرضه". وأشار الطبطبائي، إلى أنه قدم أسئلة برلمانية إلى الحكومة الكويتية بشأن موضوع خور عبدالله، والتصريحات العراقية.
وبين أنه "يدرس حاليا تقديم طلب لمناقشة تداعيات هذا الموضوع، واستيضاح سياسة الحكومة في التعامل معه خلال ساعة بجلسة 14 فبراير/شباط الجاري، على أن تكون في جلسة سرية". وقال النائب خالد الشطي، "يجب حل هذا الأمر بين الحكومة الكويتية والحكومة العراقية طبقًا لقرارات مجلس الأمن الدولي، وألا نسمح للغوغاء بأن تؤثر على المحادثات بين البلدين، هناك اتفاقيات وقوانين دولية حسمت هذا الموضوع، فلا مجال اليوم إلا للاستماع إلى لغة القوانين والاتفاقيات الدولية، كما أن مصلحة البلدين ومستقبل المنطقة يجب أن تنطلق من منطلقات الحكمة والحوار والقانون".
وطالب النائب رياض العدساني، الحكومة الكويتية "بأخذ الحيطة والحذر وعدم التهاون بالتظاهرات والاحتجاجات العراقية على خور عبدالله، وأن تتخذ التدابير اللازمة والتعامل مع هذه القضية بحكمة وجدية". وأضاف، أن "الكويت حريصة وملتزمة دائما بتطبيق الاتفاقيات والقرارات الدولية".
وأوضح أن "هناك اتفاقية تنظيم الملاحة، وكذلك قرار دولي لترسيم الحدود البرية وجزء من الحدود البحرية، وهو القرار الأممي الذي صدر بموجب الفصل السابع من الميثاق ويوجب التزام البلدين". أما النائب ناصر الدوسري، فقال إن "الادعاءات العراقية التي أطلقها بعض النواب وتلقفتها العامة من الشعب العراقي حول خور عبد الله الكويتي مرفوضة رفضا قاطعا".
وتابع "يغيب عنهم أنه سمي بهذا الأسم "خور عبد الله"، نسبة إلى حاكم الكويت عبد الله الصباح، المتوفى في العام 1813". وأضاف "لتعلم الحكومة العراقية ومن يحاول إثارة الفتنة بين الشعبين أن الكويت التي دافعت عن حدودها قديمًا وحديثًا غير عاجزة اليوم أيضا عن ردع كل من تسول له نفسه المساس بأمنها". وقال النائب مرزوق الخليفة إن "على الخارجية الكويتية اتخاذ مواقف أكثر جدية وعدم التهاون أمام المظاهرات العراقية، المطالبة بحق الكويت التاريخي والسيادي بخور عبدالله".
والثلاثاء الماضي، تظاهر المئات من العراقيين في محافظة البصرة، احتجاجًا على اتفاقية تنظيم الملاحة في قناة "خور عبد الله" على الخليج العربي بين بلادهم والكويت، والموقعة في عهد الحكومة السابقة. والنائب صفاء الهاشم، قالت إن هذه المظاهرات "ذكرتني بمظاهرات ميناء مبارك الكبير، لتكون ورقة ضغط لمزيد من المساعدات".
ففي 2011، تظاهر العشرات من العراقيين في البصرة، احتجاجًا على إعلان الكويت تشييد ميناء مبارك الكبير، في جزيرة بوبيان قبالة السواحل العراقية، بدعوى أنه سيغلق المنفذ البحري العراقي (الوحيد). وفي الشأن ذاته، طالب النائب عبد الله فهاد العنزي، الحكومة باستدعاء السفير العراقي، والاحتجاج على المزاعم بشأن خور عبدالله، والاعتذار عن مؤتمر المانحين للعراق.
ونفى نائب وزير الخارجية الكويتي خالد الجارالله، اتهامات وجهت لبلاده أنها اجتزأت أرضًا عراقية من "خور عبدالله" الحدودي بين البلدين. وقال الجارالله، إن "بلاده لم تتجاوز على أي شبر من الأراضي العراقية، كما أنها لا تقبل بأن يتم تجاوز شبر من أراضيها". وأضاف "من المؤسف فعلا أن نسمع مثل هذه الأحاديث من قبل مصادر في العراق". وأوضح أن "الأمور ليس فيها جديد على الإطلاق، ونحن اُتهمنا بأن الكويت اجتزأت من أراضي العراق وأنها استولت على خور عبدالله".
ووقعت الكويت والعراق "اتفاقية خور عبد الله" عام 2012، ونصّت على أن الغرض منها "التعاون في تنظيم الملاحة البحرية والمحافظة على البيئة البحرية، في الممر الملاحي في خور عبد الله، بما يحقق مصلحة كلا الطرفين". ويقع خور عبد الله، في شمال الخليج العربي ما بين جزيرتي "بوبيان" و"وربة" الكويتيتان وشبه جزيرة "الفاو" العراقية، ويمتد إلى داخل الأراضي العراقية مشكلًا خور "الزبير" الذي يقع به ميناء "أم قصر" العراقي.
ووضعت الحكومة العراقية في 2010، حجر الأساس لبناء ميناء "الفاو الكبير" على الجانب العراقي من الخور، فيما بدأت الحكومة الكويتية ببناء ميناء "مبارك الكبير" على الجانب الكويتي في الضفة الغربية للخور بجزيرة بوبيان.
واتفاقية "خور عبد الله" هي جزء مكمل لاتفاقية دولية حدوديّة بين العراق والكويت، تم المصادقة عليها في بغداد، نوفمبر/ تشرين الثاني 2013، تنفيذًا للقرار رقم 833 الذي أصدره مجلس الأمن في عام 1993، بعد عدة قرارات تلت الغزو العراقي للكويت في 1990، واستكمالاً لإجراءات ترسيم الحدود بين البلدين. وأدت الاتفاقية إلى تقسيم قناة "خور عبد الله" بين البلدين، والواقعة في أقصى شمال الخليج العربي بين شبه جزيرة الفاو العراقية وجزيرة بوبيان الكويتية. وتجددت الانتقادات للاتفاقية بعد أن قرر مجلس الوزراء العراقي الأسبوع الماضي، تخصيص مبالغ مالية لإعادة تحديد النقاط البحرية في "خور عبد الله" وفقا لبنود الاتفاقية.