يعكف مجلس النواب المغربي على إعداد نظام داخلي جديد أكثر صرامة حيث يمنع كل التصرفات التي قد تضر بصورة المؤسسة التشريعية في البلاد، أو التي تحط من قدر العمل البرلماني لنواب الأمة، من قبيل منعهم من استخدام الأجهزة الإلكترونية، وأيضا قراءة الجرائد وإجراء المكالمات الهاتفية تحت قبة البرلمان. ويتجه البرلمان المغربي أيضا إلى تجريم كل الأقوال أو الأفعال التي تمس بالحياة الخاصة للنواب البرلمانيين، فضلا عن حظر الإشارات البذيئة أو السباب والشتم أو الكلام النابي الذي يتضمن تحقيرا أو تهديدا للغير، وذلك في محاولة من البرلمان لتحسين صورته التي قد تضررت كثيرا في الآونة الأخيرة، نتيجة تبادل بعض الخطابات البذيئة بين نواب برلمانيين، أو انتشار صورة نائب كان يلعب الورق خلال التصويت على مشروع قانون المالية لسنة 2013. الباس والنقاشات وقال الدكتور عبد السلام بلاجي، نائب برلماني عن حزب العدالة والتنمية الحاكم، إن النظام الداخلي لمجلس النواب يعد من التشريعات التي لا تصدر إلا بالإجماع، مشيرا إلى أن أعمال العقلاء يجب أن تظل مُنزهة عن العبث، فالجلسات العامة في البرلمان لا ينبغي أن تشهد بعض التصرفات التي لا تليق بمؤسسة لها مكانتها وهيبتها. وتابع بلاجي، في تصريحات لـ "العربية.نت"، أن اللباس مثلا يجب أن يكون لائقا بحرمة البرلمان، حيث لا يمكن للبرلماني أو رجل الإعلام أن يلج قاعة مجلس النواب بملابس رياضية مثلا أو ملابس مخلة بالحياء والآداب، لا تتفق مع المعايير التي تجعل اللباس مقبولا مع العرف السائد في المجتمع. وأردف النائب أن النقاشات التي تجري تحت قبة البرلمان، سواء كانت تشريعية أو رقابية أو دبلوماسية، تقتضي نوعا من التركيز والانتباه، فإذا كان داخل القاعة نائب برلماني يطالع جريدة بطريقة مثيرة للانتباه، فهذا يعني أن حضوره كغيابه. وذكر بلاجي أن هناك إرادة لدى الجميع في تقنين بعض السلوكيات داخل مجلس النواب بطريقة تضمن هيبة وحرمة المؤسسة التشريعية. ولفت البرلماني إلى أنه من الأمور التي يرى أنه يتعين أن تكون في النظام الداخلي للبرلمان ما يسمى "أخلاقيات ممارسة العمل التشريعي" التي تهم مثلا الجانب المالي، من قبيل تلقي الهدايا، مستدلا بالكونغرس الأمريكي الذي يسن أن ممثل الأمة لا يجب أن يحصل على هدايا تفوق مبلغا معينا، وإلا تحولت تلك الهدايا إلى ملكية المؤسسة التشريعية. أخلاقيات العمل البرلماني وقال الدكتور عثمان الزياني، أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري، إن النظام الداخلي المقترح يتماشى مع الخطاب الملكي الأخير الموجه للبرلمان، والذي تحدث عن ضرورة اعتماد مُدوَّنة للسلوك ولأخلاقيات العمل البرلماني، مشيرا إلى أن اعتماد إجراءات عقابية لبعض السلوكيات مسألة إيجابية للغاية ستساهم إلى حد كبير في تحقيق مجموعة من النتائج المثمرة. وأوضح الزياني، لـ "العربية.نت"، أن من شأن تطبيق النظام الداخلي، القطع مع كل ما من شأنه أن يسيء الى سمعة البرلمانيين والمؤسسة البرلمانية على حد سواء. وزاد المحلل بأن مثل هذه الإجراءات يمكن أن تدفع بالبرلمانيين إلى التركيز على الأداء، وبذل المجهودات في سبيل الرفع من مستوى الأداء العام للبرلمان المغربي في مجالات التشريع والرقابة، وأيضا على مستوى العمل الدبلوماسي، وذلك بدل الانشغال بالممارسات والسلوكيات غير المجدية التي لا تخدم العمل البرلماني من بعيد أو من قريب.