بدأ رئيس الوزراء الجزائري، عبد الملك سلال، السبت، زيارة إلى ولاية بشار، في أقصى جنوب غرب البلاد للإعلان عن مشاريع استثمارية جديدة بهدف التخفيف من وطأة الإحتجاجات الشعبية التي بدأت تشهدها بعض ولايات الجنوب الصحراوي. ودفع هذا الوضع الحكومة الجزائرية إلى عقد اجتماع وزاري طارئ لاتخاذ سلسلة من الإجراءات لمصلحة منطقة الجنوب في الصحراء والتي تتألف من 13 ولاية من أصل 48 ولاية جزائرية، تشكل 80% من المساحة الإجمالية للجزائر، وهي ولايات نفطية بامتياز إلا أنها متأخرة من حيث التنمية على نظيرتها في الشمال. وتأتي زيارة سلال إلى بشار، بعد يوم فقط من تجمع احتجاجي نظمه عاطلون عن العمل في ولاية ورقلة جنوب البلاد شارك فيه الآلاف، ودعوا فيه إلى المساواة في التنمية والعمل رافعين شعارات من قبيل "الجزائر للجميع"، "نريد حقنا في خيرات البلاد والبترول"، "‬نرغب‮ ‬في‮ ‬العيش‮ ‬الكريم‮"‬،‮ "‬لا‮ ‬للإقصاء‮ ‬والتهميش‮ ‬طوال‮ ‬نصف‮ ‬قرن‮ ‬من‮ ‬الزمن‮" ‬و‮"‬دوام‮ ‬الحال‮ ‬من‮ ‬المحال‮".‬ واعتبر وزير الداخلية الجزائري، دحو ولد قابلية، أن البطالة تعد "المشكل الرئيسي" المطروح في ولايات الجنوب، داعيا إلى تكوين "كامل وسريع" لصالح الشباب العاطل الذي ليس له مؤهلات. واعترف ولد قابلية بأن هناك شركات اقتصادية في ولاية ورقلة تنشط بالمنطقة تقوم بالتوظيف "بطرق ملتوية ومن دون موافقة من وكالة التشغيل بالولاية". وحذر الوزير من أنه "في حال عدم احترام هذا الإجراء فإن التوظيف يعتبر باطل ولاغ". وأكد أن قطاع المحروقات "لا يمكنه تلبية كل طلبات العمل بالجنوب" لافتا إلى ضرورة توجيه طلبات الشغل الى قطاعات أخرى كالزراعة والصناعات التقليدية. وقال الوزير إن الحكومة ضخت 495 مليار دينار (قرابة 7 مليارات دولار) في الفترة ما بين 2000 و2012 لتنمية ولايات الجنوب. وشدد على أنه "ليس هناك أية مشاكل سياسية في الجنوب والذين يتحدثون عن ذلك يخطئون الطريق". وقد أصدر رئيس الوزراء تعليمة تتعلق بتسيير سوق العمل في ولايات الجنوب تهدف إلى ضمان تسيير شفاف وصارم له أعطت الأولوية إلى اليد العاملة المحلية وخاصة اليد العاملة غير المؤهلة تأهيلا عاليا، بالإضافة إلى رفع كل القيود التي تحول دون تطور المؤسسات المصغرة في ولايات الجنوب بما يسمح بتطوير روح المقاولة لدى شباب هذه المناطق. وقرر سلال تخفيض نسبة الفائدة على القروض الممنوحة من طرف البنوك في اطار أجهزة دعم انشاء نشاطات مصغرة التي تسيرها الوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب والصندوق الوطني للتأمين على البطالة، فضلا على إجبار وزارة الطاقة لشركات تابعة لها في الجنوب على تفضيل التعامل مع المؤسسات المصغرة المنشأة في الجنوب. كما قرر منح 20% من الصفقات العمومية إلى المؤسسات المصغرة في الجنوب. وتخشى الحكومة من تحول المطالب الإجتماعية والإقتصادية لسكان الجنوب إلى مطالب سياسية تغذيها جهات خارجية في ظل اضطراب الوضع الأمني على الحدود الجنوبية للبلاد مع مالي والساحل ككل. وقد حذر الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة من خطورة تعرض أمن البلاد للخطر جراء الوضع الأمني المتأزم في مالي. وقال بوتفليقة في خطاب وجهه لمناسبة الذكرى 42 لتأميم المحروقات (24 فبراير/شباط 1971) "نواجه تحديات أخرى، نرى أمننا يتعرض للخطر بين الفينة والأخرى جراء الوضع السائد في مالي على حدودنا الجنوبية وبسبب إرهاب لا يؤمن شره ولا نتهاون لحظة في محاربته".