القاهرة ـ خالد حسانين
تسيطر حالة من الجدل على الأوساط السياسية المصرية بين المؤيدين والمعارضين لمشروع قانون التظاهر، الذي أعده مجلس الوزراء، والذي من المقرر عرضه على مجلس الشورى لمناقشته، الثلاثاء المقبل، فبينما وجه حقوقيون انتقادات واسعة لمشروع القانون، مشيرين إلى أن المشروع يخل بجميع المعايير المرتبطة بحرية التعبير، والحق في التجمع السلمي، فضلاً عن إخلاله بالحد الأدنى للتشريعات الدولية المنظمة لممارسة الحقوق والحريات، تسعى الحكومة ومعها نواب حزب "الحرية والعدالة" الحاكم لمناقشة القانون وإقراره، أملاً منهم بأن يكون كفيلاً بالقضاء على التظاهرات، التي يرون أنها تعطل الإنتاج والعمل في المصالح الحكومية، وتقلص الفرصة أمام الحكومة لتحقيق أي إنجاز. فمن جانبه، يرى نائب رئيس "المنظمة المصرية لحقوق الإنسان" الدكتور أحمد عبد الحليم أن قيام مجلس الشورى بمناقشة وإصدار قانون كهذا "أمر غير مقبول"، قائلاً "مجلس الشورى لم يكن من اختصاصاته التشريع، ونتحدث هنا عن عيوب كثيرة في هذا القانون، منها تعريف التظاهر والتجمهر، وكذلك موضوع الإخطار في كل حالة تظاهر في أي مكان عام أو خاص، حتي داخل النقابات، فلابد حينئذ من إخطار وزارة الداخلية، والتي قد ترى مثلاً أنه خطاب سياسي، يدعو للفتنه من وجهه نظرها، وهناك معايير وثغرات عديدة قد تجعل الداخلية ترفض التظاهر، مثل الإخلال بالنظام أو الأمن العام، و يدخل فيها تقديرات مطاطة، كذلك السماح للشرطة باستخدام السلاح لتفريق التظاهرات، وهذا أمر خطير، وهناك من يتحجج بالدول الأوربية، ونقول أن تلك الدول بها ثقافة ديمقراطية على مدي عقود طويلة، كما أن طريقة تفكير الشرطة بها مختلفة تمامًا عنا، وهنا نقول أن حرية التظاهر أصبحت في خطر، وسيتم وضع قيود على المتظاهرين، من حيث الشعارات والهتافات، وكذلك شروط وزارة الداخلية". وأضاف عبد الحليم "أرجو ألا يتم وضع نصوص مسبقة، وأن يتم النقاش النقاش بشأن القانون في إطار حوار مجتمعي وطني، ولا داعي للعجلة في إصداره الأن، لأن ذلك سيخلق فجوة عدم ثقة بين السلطة والمعارضة". كذلك وصفت العضو المعين في مجلس الشورى وعضو "المجلس القومي لحقوق الإنسان" الدكتورة منى مكرم عبيد مشروع قانون التظاهر بأنه "قمعي و يمنح سلطات واسعة لقوات الأمن بالمخالفة لحقوق الإنسان"، كما أعلن رئيس لجنة حقوق الإنسان في مجلس الشوري إيهاب الخراط عن معارضته لهذا القانون، قائلاً "للأسف، مجلس الشورى تحول إلى بوابة لتمرير القوانين القمعية، من خلال الغالبية الإخوانية والسلفية التي تسيطر على المجلس". كا يؤكد المتحدث باسم "حركة 6 أبريل" خالد المصري أنهم ضد أي قانون يقيد حرية التظاهر، باعتبارها من أهم مكتسبات الثورة، قائلاً "القانون يناقش حاليًا في مجلس الشورى، ثم سيعرض على المحكمة الدستورية العليا، وسنعمل جاهدين على رفض أي مواد لا يتم الاتفاق عليها، أو تحد من حرية التظاهر، ونحن مع أن تكون هناك حماية للمتظاهرين، في إطار التظاهر السلمي والحضاري، ولسنا ضد ذلك، لكن أن يكون الإخطار قبلها بثلاثة أيام، و يكون هناك تدخل في أعداد المتظاهرين أو الشعارات أو مكان التظاهر، فكل هذا يضع قيودًا على حرية التظاهر، وسنقف لها بالمرصاد". وعلى الجانب الأخر، يدافع استاذ القانون وعضو اللجنة التشريعية في مجلس الشورى الدكتور رمضان بطيخ عن القانون قائلاً "نحن الأن في ثورة، ونعيش حالة من الفوضى، والمواطن من حقة أن يشعر بالاستقرار، وهذا يتطلب قانونًا ينظم تلك الفوضى السائدة في الشارع المصري، فما يحدث في كثير من الأحيان يعد فوضى وليس تظاهرًا، وهذا القانون يلزم الدولة بحماية المواطن، وحماية المال العام والملكيات الخاصة، فحرمة المواطنين هي مسؤولية الدولة، والقانون يترك حق التظاهر السلمي دون قيود، طالمًا كان دون استخدام للسلاح، كما لابد أن تكون شعارات التظاهر قانونية، وهذا يحتاج لموافقات إذا كانت تخل بالأمن العام". وتابع بطيخ قائلاً "بالنسبة لإخطار الجهات للحصول على الموافقة، فهذا أمر ينظمه القانون، ولن يصل إلى حد مصادرة حق التظاهر"، مؤكدًا "لابد أن يخرج القانون في ثوب يبعث الثقة"، لكنه عاد و تسائل "لماذا نخشى من هذا القانون، رغم أنه قد يكون الحل، بعد وضع الضوابط القانونية للتظاهر". وعن معارضة الأحزاب لقيام مجلس الشورى بإصدار قانون التظاهر، يقول بطيخ "مجلس الشورى لة سلطة التشريع، وهي ليست سلطة استثنائية، وهو مجلس يمتلك كفاءات قانونية، وأؤكد أن القانون لن يصدر بالطريقه التي يخشاها البعض". وبشأن ما أثير من إمكان تعذر تطبيقه، كما حدث مع فرض حالة الطوارئ وحظر التجوال التي لم تلتزم بها محافظات القناة، قال بطيخ "إن القانون سوف يطبق طالما يحمل الضوابط التي ترضي الجميع، لأننا نتحدث عن التظاهر السلمي، ونرفض الفوضى، ولابد من مواجهة من يسعون إلى الفوضى". ومتعجبًا من هذا الهجوم على القانون قبل أن يَصدر، قال بطيخ "إننا نحكم على الأمور دون معرفة التفاصيل، حيث أنه مازال مشروعًا لقانون، فلماذا يتم التشكيك فيه، وأرى أنه لابد من وجود حوار وطني في إطار مجلس الشورى والمجلس القومي لحقوق الإنسان، فصدور هذا القانون واجب وطني، لابد منه". أما الكاتب الصحافي والقيادي الإخواني قطب العربي فيطالب بضرورة الإسراع في إصدار قانون التظاهر، لوقف أعمال العنف، قائلاً "التظاهر السلمي لا خلاف عليه، لكن أن نجد من يحرق مقرات الإخوان و يقتحم القصر الرئاسي، و يختطف أشخاصًا، فليس لهذه الأعمال علاقة بالتظاهر السلمي، فهو عنف منظم لابد من مواجهته بالقانون، ووضع ضوابط لأشكال التظاهر، وكان على جبهة الإنقاذ أن تقدم مقترحاتها، بدلاً عن الرفض المستمر للحوار".