غزة – حنان شبات
أوضح الطبيب النفسي الدكتور يوسف عوض الله أن التوحد مرض معروف لدى جميع الأطباء النفسيين بأنه اضطراب في الجهاز العصبي، ما يؤثر على وظائف المخ لدى الأطفال منذ لحظة الولادة، وعلى كافة مناحي حياتهم السلوكية و الإدراكية، والإحساس والشعور لديهم.
و أشار عوض الله، في مقابلة خاصة مع "فلسطين اليوم"، أنه حالة من حالات الإعاقة العقلية تحد بشكل كبير من استيعاب المخ للمعلومات، تؤدى لمشاكل باتصال الفرد بمن حوله واضطرابات باكتساب مهارات التعلم.
ولفت إلى أنه على الأقل يصيب واحدًا من كل 150 طفل من الجنسين، ويعتبر أسرع مرض إعاقة انتشارًا في العالم، مبيّنًا أن والأطفال الذكور هم أكثر عرضة بأربعة أضعاف من الأطفال الإناث، وهو يصيب الجميع بغض النظر عن العرق أو المنطقة أو أي اختلافات أخرى.
و عن أسباب المرض ، أوضح عوض الله أنه "عوامل وراثية واجتماعية وعضوية ولكن لم يتم التوصل لأسباب مباشرة لهذا المرض بعد"، مضيفًا، "قد يكتسب الطفل المصاب بالتوحد اللغة من البرامج التلفزيونية الكرتونية، ويستخدمها فقط لتلبية حاجاته الأساسية، وهذا يعتبر خطأ من الأسرة أن يتركوا الطفل لساعات أمام التلفزيون لأن ذلك يوصله لمرحلة يتفاعل فيها فقط مع التلفزيون، ولا يتفاعل مع البشر مع مرور الأيام ".
و أكد عوض الله أن تشخيص أعراض التوحد تتم قبل عمر ثلاث سنوات، مشدداٌ على أن عددًا كبيرًا من هؤلاء الأطفال مولعين بالرسم ولديهم ذاكرة جيدة، لافتًا إلى أن 75 % ممن يصابون بالتوحد يكون لديهم إعاقة عقلية، و25 % منهم يكون مصحوبًا بذكاء حاد.
وبيّن عوض الله أن من أعراض إصابة الطفل بالتوحد، "عدم استجابته لأي نداء عليه باسمه، ولا يلتفت حتى تظن الأم أن الطفل لا يسمع ولكنه يسمع، وعدم وجود نظرة عين قوية بين الطفل و بين من يتكلم معه، ومشاهدة التلفزيون لمدد طويلة جدًا، وكذلك الطفل روتيني جدًا يعني نفس ترتيب أفعاله تتم كل يوم".
وتابع: "لا يستخدم الظفل المصاب بالتوحد الكلام أو الإشارة في توصيل ما يريد، ولكن يسحب يد أمه حينما يريد شيئًا، كما ينجذب للأشياء التي تدور مثل المروحة أو يلف الأشياء بيده بطريقه دائرية، وله حركه ملازمة له مثل وضع يديه على أذنه أو يلف كلتا يديه حول بعضهما أو ما شابه".
ونوه عوض الله بأن الطفل المصاب بالتوحد لا يستطيع استخدام ألعابه بطريقة طبيعية أو صحيحة، وكذلك لا يحاول التواصل مع الآخرين مثل لمس الأم أو الأب أو احتضانهم، لأنه يحب العزلة و يبقى وحيدًا لفترات طويلة، ولا يندمج مع الأطفال الآخرين ولا يستطيع التعامل معهم.
واستطرد: "الطفل المصاب بالتوحد لا يتواصل مع المجتمع بطريقة مقبولة ،ولا يمتلك القدرة على التواصل مع محيطه ، ويفقد القدرة على التعلم واكتساب اللغة واللعب وينسحب لعالم خاص ليمارسه " .
وكشف أن حالات التوحد في غزة في ازدياد بعد حرب "الرصاص المصبوب" عام 2008 بسبب استعمال قنابل الفسفور المحرمة دوليًا، منوهًا إلى عدم وجود إحصائيات رسمية لدى وزارة الصحة الفلسطينية بهذا الخصوص.
وشدد على أنه لا توجد أماكن خاصة لاكتشاف هذا المرض عند الأطفال في قطاع غزة ولكن بعض الجمعيات في غزة بدأت بعلاج حالات التوحد، مشيرًا إلى أن 10% من الأطفال المصابين في غزة الذي تم اكتشاف إصابتهم بالتوحد، يمكن شفاؤهم.
وأشار عوض الله إلى أن أنواع العلاج، فمنه السلوكي، و العلاج التواصلي و العلاج بالأدوية التي تفيد في السيطرة على الأعراض.
وأكد أنه من الممكن أن تقوم برامج التربية الخاصة المستمرة والمكثفة والعلاج السلوكي في وقت مبكر من العمر بمساعدة الأطفال المصابين باضطراب التوحد في اكتساب مهارات الرعاية الذاتية والمهارات الاجتماعية والوظيفية، وغالبًا ما تنجح هذه البرامج في تحسين الأداء الوظيفي للأطفال، والحد من الأعراض الخطيرة والسلوكيات غير القادرة على التأقلم.