واشنطن ـ يوسف مكي
أكد أحد كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية أن الولايات المتحدة أجلت القيام باختبار أحد الصورايخ الباليستية العابرة للقارات والذي كان مقررا لها الأسبوع المقبل، وذلك في ظل حالة الإرباك المتصاعدة مع كوريا الشمالية.وذكرت مصادر صحافية ان وزير الدفاع الأميركي تشوك هاغل قرر تأجيل الاختبار المعروف عسكريًا باسم "مينوتيمان 3"، الذي كان مخططًا له من قبل، والذي كان مقررًا أن يتم في قاعدة القوات الجوية في ولاية كاليفورنيا خلال الأسبوع المقبل، وذلك حتى وقت لاحق خلال الشهر المقبل. وجاء قرار التأجيل بسبب الخوف من أن يساء فهم إطلاق الصاروخ الباليستي العابر للقارات وخوفًا من أن يتسبب ذلك في تفاقم الأزمة الكورية الحالية. وتقول صحيفة "ديلي ميل" البريطانية: إن الاختبار لم يكن له علاقة بالتدريبات العسكرية السنوية التي تجريها كل من الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية في المنطقة، وهي التدريبات التي تسببت في غضب كوريا الشمالية. وقال المصدر الأميركي إن هاغل اتخذ قرار التأجيل يوم الجمعة الماضي. وفي تلك الأثناء قام وزير دفاع كوريا الجنوبية بتأجيل زيارته إلى واشنطن بسبب تصاعد الأزمة والتوتر مع كوريا الشمالية، والذي أرغم ما يزيد على عشرة شركات كورية جنوبية على وقف عملياتها في مجمع مصانع مشترك في كوريا الشمالية. كما اضطر رئيس الأركان الكوري الجنوبي الجنرال جونغ سيونغ جو إلى إلغاء اجتماع عادي مع نظيره الأميركي الجنرال مارتن ديمبسي، والذي كان مقررًا عقده في واشنطن يوم 16 نيسان/ أبريل الجاري. وقال مصدر باسم قيادة أركان كوريا الجنوبية رفض ذكر اسمه إنه تقرر عقد الاجتماع في وقت لاحق بسبب عدم قدرة رئيس الأركان الكوري الجنوبي على مغادرة بلاده لبضعة أيام في وقت تصعد فيه كوريا الشمالية من خطابها الإعلامي. وفي ظل الضغوط التي تمارسها الصين من أجل حمل كوريا الشمالية على التراجع عن الانزلاق نحو حالة أشبه بالحرب، قال الرئيس الصيني شي جين بينغ، الأحد، "إنه لا ينبغي السماح لأي دولة أن تخل بسلام العالم"، وأضاف أن الصين سوف تعمل على خفض حدة التوترات في المناطق الساخنة الإقليمية. ولم يقدم الرئيس الصيني في كلمة له في أحد المنتديات التجارية الإقليمية أي إشارة عن كيفية تعامل الصين من جارتها الكورية الشمالية، التي تسببت في تصعيد التوتر الإقليمي من خلال خطاب إعلامي شبه حربي، ونشر صورايخها في الأسابيع الأخيرة. كما لم يقدم شي في كلمته أيضًا أي تنازلات بشأن نزاعات الصين مع جيرانها الآخرين، وبالتحديد اليابان والفلبين وفيتنام. ولم يتضح بعدُ ما إذا كان الرئيس الصيني يوبخ وينتقد كوريا الشمالية أم الولايات المتحدة، التي عادة ما تحظي بانتقادات الصين، وذلك عندما انتقد ما أسماه "التصرفات الأحادية التي تهدد الاستقرار". وقال شي "إن المجتمع الدولي لا بد وأن يدافع عن رؤية شاملة للأمن والتعاون الأمني حتى يمكن تحويل القرية العالمية إلى ساحة كبيرة للتنمية المشتركة وليس ساحة للحرب. ولا ينبغي أن يسمح لأحد أن يلقي بالإقليم أو حتى العالم في حالة من الفوضى من أجل تحقيق مكاسب ذاتية تتسم بالأنانية". وأعلن الجيش الكوري الشمالي هذا الأسبوع أنه لديه سلطة مهاجمة الولايات المتحدة بأسلحة نووية منوعة صغيرة وخفيفة. وقالت مصادر في كوريا الجنوبية إن كوريا الشمالية حركت على الأقل صاروخًا ذا مدى متوسط على ساحلها الشرقي، ومن المحتمل أن يكون صاروخ "موسودان" الذي يبلغ مداه 1800 ميل. وقالت مصادر أميركية: إن ذلك يعني أن إطلاق كوريا الشمالية للصاروخ يمكن أن يكون وشيكًا، وعلى الرغم من أن الإدارة الأميركية تتعامل مع تهديدات كوريا الشمالية بجدية إلا أن الزعماء الأميركيين يقولون بعدم وجود أي مؤشرات بأن كوريا الشمالية تستعد لشن هجوم بعيد المدى. وأجرت كوريا الشمالية أحدث تجاربها النووية في شباط/ فبراير الماضي، كما أطلقت في كانون الأول/ ديسمبر صاروخًا طويل الأمد يفترض أنه قادر على الوصول إلى القارة الأميركية، ومما يزيد التوتر حدة عدم وضوح نوايا الزعيم الكوري الشمالي الجديد كيم جونغ يون. وأعربت كوريا الشمالية عن غضبها بسبب تزايد العقوبات ضدها، وبسبب التدريبات العسكرية الأخيرة بين أميركا وكوريا الجنوبية، والتي اتسمت بطابع استعراض القوة بطائرات "إف 22"، وقاذفات القنابل "بي تو"، ومجموعة متنوعة من الصواريخ، ومن المقرر أن تستمر تلك التدريبات حتى نهاية الشهر الجاري. وقالت الولايات المتحدة إنها قامت بتحريك اثنين من سفنها المضادة للصواريخ بالقرب من شبه الجزيرة الكورية، ونشر نظام دفاعي أرضي في غوام في وقت لاحق من هذا الشهر، كما أعلن "البنتاغون"، الشهر الماضي، خططًا طويلة الأمد لتقوية أنظمة الدفاع الصاروخية في الولايات المتحدة. وقال مصدر عسكري أميركي رفض ذكر اسمه أن سياسة الولايات المتحدة تستمر في دعم بناء واختبار قدراتها الرادعة النووية. وأكد المصدر أن تأجيل اختبار الصاروخ الباليستي العابر للقارات لم يكن لأي أسباب فنية أو تقنية. يُذكر أن الصواريخ الباليستية العابرة للقارات المرتكزة على الأرض الأميركية تمثل الضلع الثالث للترسانة النووية الأميركية، بينما يتمثل الضلعان الآخران في الصواريخ الباليستية التي تطلقها الغواصات والأسلحة النووية التي تطلقها القاذفات الضخمة مثل القاذفة "بي 52"، والطائرة الشبح "بي تو".