باماكو - أ.ف.ب.
تنفست باماكو وباريس الصعداء الاثنين غداة الجولة الاولى من الانتخابات الرئاسية في مالي التي جرت في اجواء هدوء وتعبئة الناخبين في دلالة على ارادتهم الخروج من سنة ونصف من ازمة دفعت البلاد الى الفوضى. ولم تشهد البلاد ولو حادثا واحدا ولا اعمال عنف شابت الاقتراع رغم ما صدر من تهديد من المقاتلين الاسلاميين الذين احتلوا شمال مالي قبل ان يطردوا اثر تدخل عسكري دولي قادته فرنسا. الى ذلك، لاحظ المراقبون الوطنيون والدوليون مشاركة كبيرة من الناخبين. ويبلغ عدد الناخبين المسجلين سبعة ملايين. واعلن لوي ميشال رئيس بعثة مراقبي الاتحاد الاوروبي ان نسبة المشاركة في الدورة الاولى من الانتخابات الرئاسية التي جرت الاحد في مالي تقدر ب"نحو 50%" معتبرا ان هذا الاقتراع جرى في "شروط ممتازة". وقال ميشال في مؤتمر صحافي في باماكو "كان هناك تعبئة مهمة للسكان تقدر ب50% بحسب اول التقديرات التي وردتنا" مذكرا بان النسبة خلال الانتخابات الرئاسية الماضية لم تتجاوز 38%. واضاف "كان هناك حماسة حقيقية لدى الناخبين الذين ادركوا الرهان واهمية التصويت". وقال ان الاقتراع الذي جرى "بهدوء" تخللته "شفافية مميزة" في "شروط ممتازة". وقال ميشال ايضا "اهنىء الماليين بما انجزوه امس" مشيدا ب"مرحلة اولى تكللت بالنجاح للعودة مجددا الى الديموقراطية" في مالي. وحتى في كيدال، كبرى مدن شمال شرق مالي ومعقل الطوارق وحركة تمردهم، حيث كانت الريبة تشوب الاقتراع بسبب توتر شديد بين السود والطوارق، لم يسجل اي حادث يذكر الاحد لكن تعبئة الناخبين كانت ضعيفة. واعرب حاكم المنطقة العقيد اداما كاميسوكو العائد الى المدينة في منتصف تموز/يوليو لتحضير الانتخابات، عن ابتهاجه قائلا "انا رجل سعيد، واجهنا تحدي الاقتراع في كيدال المنطقة التي تفتقر الى الامن حيث جميع الناس تقريبا يحملون السلاح ولم يحدث شيء ولم تطلق رصاصة واحدة، لم يكن احد يتصور ذلك قبل بضعة اسابيع". وحرص لوي ميشال رئيس مراقبي الاتحاد الاوروبي المئة المنتشرين في مالي، على ان يتوجه لبعض ساعات الى كيدال يوم الاقتراع واعرب عن ارتياحه لحسن سير الاقتراع ليس فقط في هذه المدينة بل ايضا في بقية انحاء البلاد ملاحظا خصوصا "حماسة" الناخبين. ولم يشر سوى الى بعض "الخلل" الذي قد يكون اثار استياء الناخبين الذين لم يجدوا اسماءهم على لوائح مراكز الاقتراع التي كانوا مسجلين فيها لكن تلك المشاكل حلت تدريجيا حسب شبكة دعم الاقتراع في مالي التي نشرت 2100 مراقب مستقبل في كافة ارجاء البلاد. ولم تخف فرنسا التي مارست بعد تدخلها العسكري الناجح لدحر جماعات المقاتلين الاسلاميين من شمال البلاد ضغوطا على النظام الانتقالي في باماكو لينظم الانتخابات في تموز/يوليو، ارتياحها. واعلن الرئيس فرنسوا هولاند ان "هذه الانتخابات تكرس عودة مالي الى النظام الدستوري بعد الانتصار الذي تحقق على الارهابيين وتحرير الاراضي" مضيفا ان "المشاركة غير المسبوقة تدل على حرص الماليين على القيم الديموقراطية". وتحدث رئيس الوزراء جان مارك ايرولت الاثنين من ماليزيا عن "نجاح كبير" بالنسبة لفرنسا. واعتبر وزير الدفاع الفرنسي جان ايف لودريان من جهته ان تعبئة الماليين خالفت اصحاب النوايا السيئة. وهنأت الولايات المتحدة الاثنين مالي على تنظيم الانتخابات الرئاسية التي جرت الاحد بهدوء وحضت جميع الماليين على قبول نتائجها. وعلق المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية باتريك فانتريل الذي شددت بلاده على الدوام على عودة الديموقراطية الى مالي بالتزامن مع التدخل العسكري الفرنسي ضد الاسلاميين في شمال البلاد، لوكالة فرانس برس بالقول "نهنىء الشعب المالي لحماسته والتزامه في هذه الانتخابات". ويفترض ان تصدر النتائج المرحلية والنهائية في الثاني من اب/اغسطس على اقصى تقدير لكن منذ مساء الاحد افادت النتائج الاولى التي جمعها الصحافيون الماليون من مراكز الاقتراع عبر البلاد تقدم المرشح الاوفر حظا ابراهيم ابو بكر كيتا الملقب باسم اي.بي.كا. وتفيد هذه النتائج غير الرسمية ان كيتا (68 سنة) الذي كان رئيس وزراء ويعتبر من كبار رجال السياسة في البلاد، قد يحدث المفاجأة ويفوز من الجولة الاولى على اكبر خصومه سومايلا سيسي وزير المالية السابق وزعيم منظمة الاتحاد الاقتصادي والنقدي لدول غرب افريقيا. وما ان بثت الاذاعات المحلية هذه المعلومات حتى خرج الاف انصار كيتا يعبرون عن فرحتهم امام مقر حزب التجمع من اجل مالي ومنزل المرشح في باماكو. لكن اذا لم يحصل اي من المرشحين اللذين يحلان في المقدمة على اغلبية 50% من الاصوات ستنظم جولة ثانية في 11 اب/اغسطس. واعلن سومايلا سيسي ان تنظيم دورة ثانية امر "اكيد ولا مفر منه". وقال سيسي في مؤتمر صحافي مشترك مع ثلاثة مرشحين اخرين تنتمي احزابهم الى تحالف "جبهة الديموقراطية والجمهورية" الذي انشىء لمعارضة الانقلاب العسكري في 22 اذار/مارس 2012 "نعتقد ان دورة ثانية امر اكيد ولا مفر منه في مالي بالنظر الى الارقام التي لدينا". وايا كان الرئيس الجديد ستوكل اليه مهمة شاقة تتمثل في النهوض ببلاد خرجت منهكة اقتصاديا من 18 شهرا من نزاع عسكري وسياسي والمصالحة بين مكونات البلاد المنقسمة اكثر من اي وقت مضى.