القاهرة ـ العرب اليوم
دعت جامعة الدول العربية اليوم، إلى تضافر الجهود من أجل تعزيز وحماية حقوق الإنسان في المنطقة وإعداد استراتيجية عربية موحدة لحقوق الإنسان مشددة على أن مفاهيم مثل الإنتماء، والوحدة والأمن القومي لن تتحقق دون ضمانات حقوق الإنسان لجميع المواطنين وأكدت الجامعة العربية أن المشهد الآن في الوطن العربي بحاجة إلى وقفة ومراجعة، باعتبار الذين يدافعون عن حقوق الإنسان هم أساس التغيير الإجتماعي وبالتالي فان حمايتهم بمثابة حماية حقوق مئات الآلاف إن لم يكن الملايين ممن يدافعون عنهم.
جاء ذلك في كلمة د. نبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية أمام أعمال المؤتمر الإقليمي لحماية وتعزيز حقوق الإنسان الذي انطلقت فعالياته اليوم بالجامعة العربية تحت عنوان "حقوق الإنسان في المنطقة العربية: التحديات والآفاق المستقبلية" وذلك بالتعاون مع المفوضية السامية لحقوق الإنسان بمشاركة عدد من البرلمانيين وخبراء حقوق الإنسان العرب والأجانب.
وأكد العربي أن هذا المؤتمر يعد جزءا من سلسلة من الفعاليات التي تعقدها الأمانة العامة بمشاركة جميع الأطراف المعنيين، وبالأخص منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الوطنية المعنية بحقوق الإنسان وخبراء حقوق الإنسان والحقوقيين العرب، لتحديد أولويات وخطة العمل للخروج مستقبلا باستراتيجية عربية لحقوق الإنسان، منبها إلى أن ما تمر به المنطقة العربية من تغييرات وإعادة تعريف للعديد من المفاهيم والأفكار، وحماية حقوق الإنسان يمثل المحرك الأساسي لهذا التغيير، ويستدعي العمل سوياً نحو جعل هذا التغير تغييراً إيجابياً، يصب في مصلحة الفرد بشكل خاص ويصب في مصلحة المنطقة بشكل عام.
كما أكد أهمية التزامات وتعهدات الدول لحماية وتعزيز حقوق الإنسان باعتبارها مسؤولية تقع في المقام الأول على عاتق الدول من خلال مؤسساتها المعنية. وقال إن ثقافة حقوق الإنسان لا تتحقق في أي مجتمع حتى تكفلها وتطبقها الدولة من خلال اتخاذ التدابير الأساسية اللازمة وإنفاذها لضمان حقوق مواطنيها والأفراد الذين يعيشون تحت سلطاتها.
ولفت العربي إلى أن موضوع التمييز والتحريض على الكراهية يعتبر من أهم الموضوعات التي تعانيها دول المنطقة العربية، والتي قد تكون سببا في تنامي مشكلات أخرى، منبها إلى الدور المحوري الذي يلعبه الدين في المنطقة العربية داعيا إلى ضرورة أن يكون هناك حد فاصل يحدده القانون بين القيم الدينية السامية والأفكار المتطرفة، وبين ظاهرة ازدراء الأديان وحرية التعبير التي يجب حمايتها وضمانها في جميع الظروف.
وقال العربي إن السلم الإجتماعي لم ولن يتحقق في الأوطان بحلولٍ أمنية تهيمن على قطاعات الدولة، إنما باستيعاب الدولة لجميع مواطنيها والمقيمين على أرضها دون تمييز وضمان حقوقهم الكاملة وغير المنقوصة وتوفير الأرضية المناسبة لقيامهم بأداء واجباتهم وممارسة حقوقهم التي كفلتها المواثيق الدولية والإقليمية وفى نفس الوقت على جميع مواطني الدول احترام قوانينها والإحترام بعدم اللجوء إلى العنف وصولا في نهاية المطاف إلى الحكم الرشيد.
كما نبّه إلى حالة الإضطهاد التي لا تزال تعانيها المرأة العربية مقارنةً بوضع المرأة في مناطق أخرى من العالم. وطالب بتكثيف الجهود والعمل سوياً لضمان تعزيز ثقافة حقوق الإنسان بما فيها حقوق المرأة، والوفاء بالتزاماتنا الإقليمية والدولية.
وأوضح أنّ الأزمات الأخيرة في المنطقة أفضت إلى تحولات سياسية عميقة شهدتها بعض الدول العربية نتجت عنها حركات لجوء ونزوح على المستويين الفردي والجماعي، أثبت أننا نعاني من خلل حقيقي في التعامل مع أزمة اللاجئين والنازحين، لافتا إلى أنّ الظروف التي يعيش فيها اللاجئين والنازحين تعد في حد ذاتها انتهاكا جسيماً لحقوق الإنسان، داعيا إلى تكاتف الجهود للبحث عن حلول سريعة لإنهاء هذه المعاناة.
من جانبها، أعربت السيدة نافي بلاي مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان في كلمة وجهتها للمؤتمر، عبر الفيديو كونفرانس، عن تطلع المفوضية إلى مواصلة تعزيز العلاقات مع الجامعة العربية من خلال بناء شراكة قوية واستراتيجية لتحسين أوضاع حقوق الانسان في المنطقة، مؤكّدة حرص المفوضية على تعزيز الآليات المنشأة في إطار الجامعة مثل لجنة حقوق الانسان ومشروع المحكمة العربية لحقوق الإنسان.
كما أكد أحمد الجروان رئيس البرلمان العربي حرص البرلمان على مناصرة حقوق الإنسان، ومحاربة الفكر المخالف والمترجم إلى أعمال تسيئ وتهدم كثير من القيم الإنسانية وتأخذ شكل السلوكيات غير المشروعة كظاهرة الإرهاب الدخيل على العادات والتقاليد والثقافة العربية والإسلامية والمسيحية الأصيلة.
وأوضح أن البرلمان يولي المرأة العربية أهمية خاصة في هذا المجال، نظراً لدورها الهام في خلق كيان اسري مترابط باعتبارها حجر الاساس في المجتمع العربي، لافتا إلى أن البرلمان العربي حالياً بصدد إعداد واصدار وثيقة لحقوق المرأة العربية، تكون إطاراً تشريعياً ومرجعاً في سن القوانين الخاصة بها، وميثاقاً يحظى بالتوافق العربي وإجماع البرلمانات الوطنية العربية على محتواه، مراعياً الخصوصية الثقافية والحضارية والأوضاع الإجتماعية للمرأة العربية.
وأضاف أن البرلمان العربي بصدد إعداد وثيقة أخرى للشباب العربي، وكذلك عقد مؤتمر حول الطفل العربي وكفالة حقوقه المتعارف عليها، مشيرا إلى دعم البرلمان العربي الجهود الرامية إلى استكمال إنشاء المحكمة العربية لحقوق الإنسان.
ونبه الجروان إلى حقوق الأسرى واللاجئين من أبناء فلسطين وسوريا خاصةً البرلمانيين منهم حيث يتعرضون حالياً لمخاطر كبرى تهدد وضعهم بصورة غير إنسانية، مطالبا بضرورة الحفاظ على الحقوق الواجبة لمواجهة الأضرار النفسية والجسدية التي يتعرضون لها في السجون ومعسكرات اللجوء، منوها بزيارة البرلمان العربي مؤخرا لمعسكرات اللجوء في العراق وتركيا ومخيم الزعتري للاجئين السوريين في الاردن داعيا جميع دول وشعوب العالم الحر الى مساندة الشعب الفلسطيني والسوري وتدعيم الدول المستضيفة الأردن والعراق.
ويناقش المؤتمر على مدى ثلاثة أيام أوضاع حقوق الإنسان في المنطقة والتفاعل مع الآليات الدولية لحقوق الإنسان وسبل مواجهة التمييز والتحريض على الكراهية وأولويات وتحديات حقوق الإنسان في المنطقة وحقوق اللاجئين والنازحين والمهاجرين وحماية المدافعين عن حقوق الإنسان.