الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

يطرح تدمير طائرة البوينغ الماليزية في الجو مجددا وبشكل ملفت هذه المرة، مسألة دعم الكرملين للانفصاليين في شرق اوكرانيا الذين يتهمهم الغربيون باسقاط الطائرة بصاروخ زودتهم به روسيا.

واعلن وزير الخارجية الاميركي جون كيري الاحد انه "من الواضح جدا ان الامر يتعلق بنظام (صواريخ) نقل من روسيا الى ايدي الانفصاليين" الموالين لروسيا في شرق اوكرانيا، مشيرا الى ان نظام الصواريخ الذي استخدم لاسقاط الطائرة الخميس من طراز اس اي - 11.

ولم يخف الكرملين مطلقا دعمه السياسي للانفصاليين لكنه نفى على الدوام تقديم اي مساعدة عسكرية لهم، كما تتهمه بانتظام اوكرانيا وعدد من الدول الغربية في طليعتها الولايات المتحدة.

وقال الكسندر كونوفالوف من معهد الدراسات الاستراتيجية في موسكو "بدون روسيا لما كان بحوزة المتمردين لا دبابات ولا مدفعية ثقيلة. فهي قرارات متخذة على مستوى الدولة. وذلك يتم تحت ضغط مجموعات سياسية اكثر مناهضة للغرب من بوتين".

واعتبرت المحللة السياسية ماريا ليبمان "ان روسيا سعت جاهدة في الاونة الاخيرة الى الايحاء بانها ليست جزءا من النزاع". لكن بعد تحطم طائرة البوينغ الماليزية "اصبحت روسيا في نظر العالم لاعبا في النزاع، يسيطر على المتمردين ومسؤول عن هذه المأساة".

وحرص الكرملين دوما على ابقاء بعض المسافة بينه وبين الانفصاليين في شرق اوكرانيا، فبوتين لم يستقبل مطلقا قادة المتمردين كما لم يعترف ب"جمهورية دونيتسك الشعبية" و"جمهورية لوغانسك الشعبية" اللتين اعلنتا من جانب واحد على اثر استفتاء جرى في ايار/مايو.

الا ان روسيا طلبت من الانفصاليين ارجاء تنظيم هذا الاستفتاء، لكن الاخيرين لم يستجيبوا لمطلبها، الامر الذي يعطي الانطباع بانهم لا ينصاعون لاوامر موسكو.

كذلك لم يستجب الكرملين من جهته ايضا لقادة المتمردين الذين طالبوا بضم المنطقتين الانفصاليتين الى روسيا، ثم ارسال قوة فصل روسية مع اشتداد النزاع المسلح مع كييف.

واعتبرت ليبمان "ان روسيا لم تخف اجراء مشاورات مع قادة المتمردين، وبعضهم مواطنون روس، وقيام رجال اعمال روس بتمويلهم جزئيا. هناك اعتراف بتورط روسيا في النزاع لكن مع اخفاء حجم هذا التورط".

لكن الصحف ومحطات التلفزة القريبة من الكرملين قدمت دعما لا لبس فيه للانفصاليين الموالين لروسيا منذ بدء النزاع مع كييف، الامر الذي لا يمكن ان يحصل بدون موافقة السلطات. اما موقف روسيا الرسمي فكان اكثر تحفظا على الدوام.

وهكذا عندما اكد احد مسؤولي الانفصاليين دنيس بوشيلين انه استقبل اثنين من مستشاري الرئيس بوتين، هما فلاديسلاف سوركوف وسيرغي غلازيف، اثناء زيارة الى موسكو في حزيران/يونيو، نقلت وسائل الاعلام الروسية الخبر بشكل مطول لكن الكرملين لم يؤكده مطلقا.

واشارت مقالات صحافية عديدة الى العلاقات الوثيقة بين رجال اعمال يعتبرون مقربين من الكرملين امثال قسطنطين مالوفيف، وقادة الانفصاليين امثال "رئيس وزراء جمهورية دونيتسك" الكسندر بوروداي (مواطن روسي) و"ووزير دفاعه" ايغور ستريلكوف (مواطن روسي ايضا).

وافادت مصادر غير مؤكدة ان هذه الاوساط مدعومة من قبل "فريق (مؤيد) للحرب" داخل الادارة الروسية بقيادة نائب رئيس الوزراء ديمتري روغوزين ووزير الدفاع سيرغي شويغو.

لكن ما يمكن ان يفعله فلاديمير بوتين امام اتهام واشنطن له ومطالبة وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون ب"وقف تدخله" في المنطقة والحاح باريس ولندن وبرلين من اجل الضغط على المتمردين لتأمين وصول المحققين الى منطقة الكارثة التي اوقعت نحو ثلاثمئة قتيل؟

رات ماريا ليبمان "لا يمكنه التراخي امام الغربيين. فالرأي العام والنخب ينتظران منه امرا اخر، موقفا مناهضا للغرب ودعما للمتمردين".

أ ف ب