الخرطوم - عبد القيوم عاشميق
عقد الخبير المستقل المعني بحالة حقوق الإنسان في السودان البروفسير مسعود بدرين مؤتمراً صحافياً في الخرطوم في ختام زيارته إلى السودان، وقال هذه هي زيارتي الثالثة إلى السودان كخبير مستقل معني بحالة حقوق الإنسان في السودان. مشيراً إلى أن زيارته شملت ولايات شمال كردفان، والنيل الأزرق، وجنوب دارفور. وعبر عن شكره لحكومة السودان على مواصلة تعاونها وتسهيل هذه الزيارة، كما تقدم بدرين بالشكر لبعثة "اليوناميد"، وفريق الأمم المتحدة القطري، ومنظمات المجتمع المدني وجميع الأفراد والمؤسسات التي التقي بها، وأوضح أنه وضمن زيارته إلى ولاية شمال كردفان أجرى نقاشات مثمرة للغاية مع حكومة الولاية، بالإضافة إلى زيارة منطقة "الرهد" التي تستضيف المدنيين الذين نزحوا عقب الهجوم في نيسان/أبريل 2013 على بلدة "أبو كرشولا" في جنوب كردفان، كما شملت الزيارة بلدة "الله كريم" التي تعرضت لهجوم من قبل المتمردين أيضا في نيسان/أبريل 2013. بالإضافة إلى زيارة الدمازين عاصمة ولاية النيل الأزرق، ومدينة نيالا،عاصمة جنوب دارفو، بالإضافة إلى الخرطوم، التي تمت فيها لقاءات مع وزير العدل السوداني محمد بشارة دوسة وغيره من كبار المسؤولين. وقال بدرين في المؤتمر الصحافي "لقد ظلت الحكومة السودانيىة تبدي وفاءها بالتزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان وتنفيذ توصيات المراجعة الدورية الشاملة.وخلال مباحثاتي مع اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان والمدعي الخاص لجرائم دارفور، قدمت الهيئتان خططهما لتوسيع عملياتهما خارج نطاق الخرطوم. وقد ذكّرت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان والحديث للخبير المستقل بالآمال العريضة التي يعلقها الجمهور والمجتمع الدولي عليها، لذا يتعين عليها أن تشرع في تحقيق تفويضها بصورة فعالة، مشيراً في هذا الإطار لتدشين الحكومة السودانية ،الأربعاء، لخطة العمل الوطنية العشرية لحقوق الإنسان، معلناً ترحيبه بهذه الخطوة، وآعرب عن أمله في أن تكون بمثابة استراتيجية واضحة لتحسين وضع حقوق الإنسان في السودان، وأضاف : لقد أعربت في نهاية زيارتي السابقة عن قلقي إزاء اعتقال رموز المعارضة السياسية، وناشدت الحكومة أما بتوجيه تهم بحقهم أو إطلاق سراحهم. وأنا على علم بأن المعتقلين السياسيين قد تم الإفراج عنهم جميعاً، ولا بد لي من تقدير الجهود التي تبذلها الحكومة في هذا الصدد واستجابتها الإيجابية لدعوتي. لقد أثرت أيضاً مخاوف بشأن الحرمان من وصول المساعدات الإنسانية لمنظمات الإغاثة الدولية ووكالات الأمم المتحدة.وقد سعدت لسماع أن مفوضية العون الإنساني قد تبنت بالتعاون مع الشركاء المعنيين موجهات جديدة لتعزيز وصول المساعدات الإنسانية وأنها قد قامت بتعميم هذه الموجهات. وأنصح برصد تنفيذ هذه الموجهات بشكل فعال حتى تأتي بالأثر المطلوب، وأن تتناول أمراً ظل يتكرر لفترة طويلة، لاسيما في دارفور.وعبر بدرين عن أسفه لتصاعد وتيرة الصراع داخل القبائل وفيما بينها، بجانب الاشتباكات بين الجماعات المسلحة والقوات الحكومية في إقليم دارفور،الشئ الذي أدى إلى خلق مناخ من انعدام الأمن والنزوح القسري. وقد أدت آثار كل هذه الاشتباكات في جنوب دارفور إلى زيادة أعداد القادمين الجدد من النازحين إلى المعسكرات في نيالا، ولا سيما في معسكرات كلمة والسلام وعطاش. وعند زيارتي لمعسكر عطاش، أبلغت بأن هناك على الأقل أكثر من 4500 من الوافدين الجدد في خلال الشهر والنصف الأخيرين فقط. الظروف التي تواجه النازحين في المخيم، خاصة النساء والأطفال، هي ظروف سيئة، فالخيام غير ملائمة مما أدى إلى لجوء معظم الوافدين الجدد إلى استخدام مواد محلية لبناء مأوي لهم. النازحون في معسكرعطاش هم بحاجة إلى المساعدة الفورية والاهتمام لتجنب وقوع كارثة إنسانية في ضوء موسم الأمطار الوشيك. وقد أثرت هذه المسألة مع وإلى جنوب دارفور وممثل مفوضية العون الإنساني في الولاية الذين وعدا باتخاذ إجراءات بالتشاور مع الشركاء الآخرين ذوي الصلة. وأبلغني القادة في معسكر عطاش أن أكثرمن 1000 طالب من المقيمين في المعسكر لن يتمكنو من متابعة دراستهم مع بداية العام الدراسي الجديد ما لم يتم تسجيلهم كسكان في المعسكر. ويساورني القلق حيال حق هؤلاء الأطفال في التعليم. وحث بدرين الحكومة السودانية بقوة وجميع وكالات الأمم المتحدة ذات الصلة للمساعدة في تلبية الاحتياجات الإنسانية للنازحين في عطاش، كما تطرق الخبيرالمستقل إلى الأوضاع في جنوب كردفان وكشف أنه ولاسباب أمنية لم يتمكن من زيارة جنوب كردفان التي كانت من بين محطات زيارته الثالثة هذه، وعبر عن قلقه من تأثير القتال الدائرفي الولاية بين القوات الحكومية والحركة الشعبية لتحريرالسودان قطاع الشمال على حياة المدنيين الذين يعيشون في المنطقة. وأسفرت هجمات المتمردين في أبو كرشولا في جنوب كردفان وأم روابة في شمال كردفان عن أضراركبيرة على المدنيين الأبرياء، كما نتجت عن ذلك انتهاكات لحقوق الإنسان وحالات نزوح مثيرة للقلق. لقد أتيحت لي فرصة اللقاء ببعض الضحايا خلال زيارتي إلى الرهد في شمال كردفان. وروى النازحون أحداثاً مزعجة جراء المحنة التي مرواً بها خلال الهجوم. ذكرت إمرأة بأنها اضطرت إلى المشي لعدة أميال مع طفليها الصغيرين حتى تصل إلى بر الأمان، ومع ذلك فهي لا تزال تجهل مكان وحالة زوجها وثلاثة أطفال آخرين. وحكى رجل عن مقتل والده في حضوره. وعند قدومي إلى الخرطوم يوم الجمعة الماضي، قصفت وكادوقلي، عاصمة الولاية جنوب كردفان، من قبل الجيش الشعبي لتحرير السودان قطاع الشمال، مما أدى إلى مقتل أحد أفراد قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة. إنني أدين بأشد العبارات انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني التي ترتكبها أطراف النزاع وأكرر الدعوة التي وجهتها للجماعات المسلحة خلال زيارتي السابقة إلى وقف العنف وتسوية نزاعاتهم مع الحكومة بالوسائل السلمية، وعن أوضاع النيل الأزرق قال بدرين "إن هناك بعض التطورات الإيجابية أبرزها فتح مجال واسع لايصال المساعدات الإنسانية في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة. ومع ذلك عبر عن قلقه بشأن المدنيين المحاصرين في المناطق التي يسيطرعليها المتمردون في ظل الأنشطة العدائية بين القوات الحكومية والمتمردين في المنطقة. وتلقيت تقارير تفيد بأن الوضع الإنساني في هذه المناطق مستمر في التدهورنتيجة العدائيات بين أطراف النزاع. وبلغني أن العديد من المدنيين النازحين والضعفاء قد اضطروا للتحرك جنوباً دون الحصول على المعينات الأساسية مثل المياه والغذاء. وخلال لقاءاتي مع والي الولاية وغيرهم من المسؤولين، كان هناك اعترافاً عاماً بأن استمرار النزاع المسلح في المنطقة بجانب انعدام الأمن هما من الأسباب الرئيسية لانتهاكات حقوق الإنسان في الولاية إن لم يكن ذلك المصدر الرئيسي لهذه الانتهاكات. وشدد على الالتزام القانوني والاهتمام بحماية حقوق الإنسان أثناء النزاعات المسلحة من جانب الحكومة والجماعات المتمردة بجانب السماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين المتضررين من النزاع دون عوائق. وجدد الخبير المستقل المعني بحقوق الإنسان في السودان دعوته إلى الحكومة السودانية، وطالبها بحماية حرية الصحافة وحرية التعبير وحرية التجمع، فهذه الحقوق جزء لا يتجزأ من خلق بيئة تمكن من مشاركة المجتمع المدني في الحوار الاجتماعي والسياسي، ويحق لجميع المواطنين التعبير عن وجهة نظرهم بحرية ودون خوف من رد فعل السلطات. وقال بدرين إن جميع هذه القضايا تتطلب المشاركة النشطة من جانب المجتمع الدولي في تقديم المساعدة الفنية اللازمة وبناء القدرات لمساعدة حكومة السودان في الوفاء بالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان كما هو محدد في ولايتي. وكشف أنه سيقدم تقريره الخاص عن أوضاع حقوق الإنسان في السودان إلى مجلس حقوق الإنسان في أيلول/سبتمبر القادم، وسيتناول التقرير جميع القضايا الجوهرية التي تتعلق بتحسين حالة حقوق الإنسان في السودان.