عمّان - العرب اليوم
أمّلَت زوجة الأسير في سجون الاحتلال الإسرائيلي، القيادي في حركة فتح مروان البرغوثي، المحامية فدوى البرغوثي، أن لا تضيع الفرصة الجديدة للإفراج عن زوجها، كما "ضُيّعت" الفرصة الأولى للإفراج عنه، ضمن صفقة تبادل الأسرى بالجندي الإسرائيلي شاليط. وأكّدت البرغوثي (أم القسام) في حوار أجرته" صحيفة الغد اليومية الأردنية"، اليوم الثلاثاء، أنه "منذ اليوم الأول لاعتقاله، كنت أقول أن هناك طريقتين للإفراج عنه، إما صفقات التبادل، وهذه فرصة للأسف أُضيعت، عندما استُثني من صفقة شاليط، وأمنيتنا بألا تضيع الفرصة الأخرى للإفراج عنه، لأن إسرائيل تريد أن تعطي دروسًا للفلسطينيين من خلال إبقائه أسيرًا". وبيّنت البرغوثي"إن الإستراتيجية الفلسطينية السابقة في التعامل مع هذا الملف كانت غير مجدية، خصوصًا في اتفاقية أوسلو، حيث أرتكب الفلسطينيون خطأ كبيراً، ووقعوا في فخ وإحتيال إسرائيل، عندما سلموا بما قيل لهم بأن الإفراج عن الأسرى تحصيل حاصل، بعد إبرام الاتفاق، لأنهم ذاهبون لاتفاقية سلام، مشيرة إلى أنه ومنذ عشرين عامًا "ونحن ننتظر الإفراج عن الدفعة الرابعة من الأسرى، وبالتالي دفع الأسرى ثمن الخدعة الإسرائيلية وبساطة المفاوض الفلسطيني". وأعلنت البرغوثي: "تعنت إسرائيل في موضوع الأسرى كان منذ البداية، فمن خلاله حاولت إذلال الشعب الفلسطيني والعربي، والتأثير على معنويات عائلات الأسرى، خاصة بعدما رأت مدى اهتمام الشعب الفلسطيني بهذا الملف واعتباره أولوية"، ورأت أن إسرائيل "تعاملت مع القضية كوسيلة لإبتزاز معنويات الشعب الفلسطيني، خصوصا للأجيال القادمة، التي تريد أن تردعها من خلال تجارب الاعتقالات المريرة". وأكّدت البرغوثي: أن سياسة الاعتقالات "لم تؤثر على الشعب الفلسطيي، بل أصبح كل فلسطيني يعتبر أن النضال من أجل ملف الأسرى واجب عليه وعلى الأجيال اللاحقة". وأشارت إلى أن الفلسطينيين "باتوا اليوم مدركين أن تلك الإستراتيجية خاطئة، واستوعبوا أن ملف الأسرى ليس ملف حسن نوايا، ولا تحصيل حاصل بل هو استحقاق، وعلى إسرائيل أن تحققه"، وتساءلت مع الفلسطينيين "إذا كان هذا ما فعلته إسرائيل بملف الأسرى، فما هو مصير ملفات القدس واللاجئين"؟. وتبين أن القيادة الفلسطينية في إستراتيجيتها اليوم وصلت لنتيجة مفادها أن الإفراج عن الأسرى "استحقاق وليس نتيجة للمفاوضات"، وكذلك الأمر مع كافة الفصائل. وأوضحت أن ما فعله الرئيس الفلسطيني محمود عباس الآن أنه "وضع خطة من شأنها أن تحرك ملف الأسرى بشكل قوي" بحيث يفرضه على طاولة المفاوضات، "ورغم تثميننا لذلك، الا انه يجب التنويه الى أن قضية الأسرى لا يجوز أن تبقى في المرحلة السياسية الحالية، بل يجب أن تكون هناك خطة وطنية عربية دولية، نتحرك من خلالها على كافة المستويات، وابقاء القضية حية". واعتبرت أن تمديد المفاوضات ضمن مشروع كيري "أمر غير مجدي"، مطالبة باستغلال الوقت المتبقي لموعد المفاوضات لتقديم شيء على الأرض لصالح الشعب الفلسطيني "الذي لم يعد قادرا على الصبر". وبشأن ما يتم تداوله من مقترح بتمديد المفاوضات مقابل الإفراج عن الأسرى، اعتبرت البرغوثي ان "الحديث عن التمديد أمر غير مجد"، مشيرة الى انه حتى هذه اللحظة "لم نجنِ شيئًا من المفاوضات، وإذا لم يحدث شيء فيها، فهناك مشكلة حقيقية سيواجهها الشعب الفلسطيني الذي لن يصبر أكثر". وأوضحت أن كل فلسطيني على تماس مع قضية الأسرى، حيث نتحدث عن 800 ألف أسير منذ العام 1967، ما يعني أنه لا يوجد عائلة فلسطينية لم يجرب فيها فرد أو اثنين على الأقل تجربة الاعتقال. وأعلنت "قبل اعتقال زوجي مروان كنت كسائر الفلسطينيين من الأصوات المتضامنة مع القضية، لكن بعد اعتقاله منذ 12 عامًا تفرغت لقضية الأسرى، فبدأت بإطلاق "الحملة الشعبية لإطلاق سراح القائد مروان البرغوثي وجميع الأسرى"، وتفرغت لها تماما، وبات هدفنا عدم إبقاء ملف الأسرى أمام تعنت إسرائيل". وأكّدتً "بدأنا ببرلمانات العالم خصوصا وأن "مروان" عضو برلمان، وكنا في حينه نرى صعوبة بطرح هذا الملف، لأن إسرائيل غرست فكرة أن ملف الأسرى يمس أمنها على المستوى الدولي، لكننا لم نيأس وبات حاضراً بقوة دوليًا، وزرنا خلال 12 عامًا 50 دولة وركزنا في برلماناتهم على أن اعتقال مروان هو سابقة، في ما يتعلق باعتقال عضو برلمان، وأن السكوت على هذا أمر خطير جدًا وسيكون بداية لاعتقالات لاحقة لبرلمانيين". وأعلنت "وبالفعل تم اعتقال خمسين عضو برلمان فلسطينيًا، بعد الصمت الدولي إزاء قضية البرغوثي"، لافتة إلى أن مروان رئيس جمعية الصداقة البرلمانية الفلسطينية الفرنسية، ما دفع البرلمانيين الفرنسيين لإطلاق حملة تضامنية معه، وفي 2002 بدأنا بزيارة البرلمانات الأوروبية التي أثمرت العام 2009 عن صدور قرار من البرلمان الأوروبي يدين اعتقال النواب، ويطالب بالإفراج عن البرغوثي، وفي 2012 أصدر البرلمان الأوروبي قرارًا يدين الاعتقال السياسي واعتقال النواب. وشدّدت على أن إعتقال البرغوثي "سياسي من الدرجة الأولى"، وأنه جاء للتأثير على معنويات الشارع، والتقليل من فعاليات الانتفاضة، حيث حاكمته محاكمة عسكرية أذيعت على شاشات التلفزة العالمية، حتى تقول للعالم إنه "إرهابي ومجرم" ومسؤول عن توحيد الجهود بين الكتائب المسلحة للتنظيمات، من هنا، من الطبيعي أن يشكل البرغوثي رعبًا لإسرائيل خصوصا وأنه كان دائما يترأس طاولة الوحدة الوطنية، كما أنها تهاب مكانته في الشارع الفلسطيني، فهي لا تريد قيادات تحظى بإجماع، وتدرك أن غياب شخص مثله يسهل موضوع الانقسام، وبالتالي فان الإفراج عنه يقوي الوحدة الوطنية، لأنه معروف عنه انه لا يعمل إلا في مناخ الوحدة ولا يسمح بالانقسامات، فضلا عن أنها تدرك أن الإفراج عنه هو قوة لفتح. وعن تجربتها كزوجة أسير، أوضحت "ليس سهلا على أي امرأة مهما كانت قوتها أن يكون زوجها بعيدا عنها، وليس من السهل عليها أن تواجه يوميا أسئلة أبنائها عن والدهم، متى ولماذا لم يفرج عنه، وهي أسئلة يصبح أمامها عبء زوجة الأسير مضاعفا ويشكل لها أزمة، وهنا أركز على أن قضية الأسرى وان كانت سياسية لكن أبعادها إنسانية على الأم وعلى العائلة والمجتمع أيضا". وأوضحت "نعم، مررت بظروف صعبة، والناس اعتقدت أنني قوية لأنني لم أسمح لنفسي أن أكون أمام العالم ضعيفة، ولا أمام أولادي أيضا، لكن لحظة أن أغلق الباب يظهر مدى ضعفي". وأكّدت أن معنويات مروان في المعتقل "عالية"، موضحة "لم يسبق لمروان أن عكس ما يعاني منه أمام زائريه". وتقول "فلا نرى سوى مروان القوي"، نعم في النهاية هو إنسان وحريته حلم، لكن رسالته الوطنية أكبر من ذلك بكثير"، مبينة أن هناك سبعة أعوام سبقت الـ12 عامًا بتجربة في الاعتقال، لكنه قادر على تحمل كل ذلك من أجل الجيل الفلسطيني الشاب، الذي ناضل هو وكل من ناضل لأجل هذا الجيل. وشددت على ان مروان يتغلب على ظروف الاعتقال السيئة من خلال القراءة، حيث يقرأ من 6-8 كتب شهريا، ويهتم بقراءة الكتب العالمية والنشرات والدراسات والأبحاث، والصحف الإسرائيلية والفلسطينية، ويطلع على ما يحدث في العالم. وبخصوص الأسيرات الفلسطينيات، أوضحت أن الأسيرة الفلسطينية امتداد لنضال المرأة الفلسطينية، مؤكدة أنهن يعانين من ظروف قاسية للغاية في المعتقلات وموضوعهن حساس، خصوصا فيما يتعلق بتعذيبهن وتعريتهن وإذلالهن بعمليات التفتيش، وهو سلاح تسعى إسرائيل من خلاله لإهانة المرأة الفلسطينية. وأشارت البرغوثي الى أن سياسة إسرائيل في اعتقال الأطفال بدأت تتسع وأصبحت تشكل ظاهرة، مبينة ان النسبة الأكبر لمن تم اعتقالهم أخيرًا هم الأطفال الأقل من الـ18، وهناك 300 معتقل غالبهم أقل من الـ16، موضحة أن إسرائيل "تراهن على أنها عند اعتقال الطفل تمارس في حقه سياسة التخويف والترهيب وتسعى لردعه، كما تسعى بذلك لإعادة تعزيز ملف العمالة، بالتأثير على عقول الأطفال، لكنني أعول على الأسرة الفلسطينية القادرة دوما على مواجهة ذلك". وبالنسبة إلى إعادة إحياء القضية الفلسطينية، أكّدت أن مسؤولية الإعلام كبيرة جدًا، وللأسف لم تعد القضية الفلسطينية الأساسية لدى الشعوب العربية، مبيّنة أن ما يحدث في الدول العربية المنشغلة بأزماتها الداخلية أضعف أهمية القضية الفلسطينية، وهناك خوف على الأجيال المقبلة بألا تدرك من هو عدوها الرئيسي. وعن حادثة مقتل القاضي الأردني رائد زعيتر، شددت على ان الحادثة "كارثة كبيرة وسابقة"، مبيِّنة ان هذه السابقة إذا لم يقابلها تحرك رسمي أردني ودولي جاد فـ"ستسهل للإسرائيلي سياسة قتل الأردنيين على الجسر، وأنا على يقين أن القاتل لن يُعاقب".