عمان - هناء رمضان
يحتفل العالم يوم الثلاثاء المقبل، باليوم الدولي لإلغاء الرق، الذي يُذكر باتفاقية الأمم المتحدة بشأن قمع الإتجار ب البشر واستغلال بغاء الغير والتي صدرت بموجب القرار رقم 317 في 2 كانون الأول / ديسمبر1949، وفي الوقت الذي ظهرت فيه أشكال ومظاهر جديدة للرق في وقتنا الحالي كاستعباد المدين والسخرة والإتجار ب البشر بهدف نزع الأعضاء أو الاستغلال الجنسي، وأسوأ أشكال عمل الأطفال، والزواج القسري، وبيع الزوجات، ووراثة الأرامل، والتجنيد القسري للأطفال في النزاعات المسلحة، إلا أن أغلب الضحايا هم من النساء والفتيات والأطفال.
وتشير جمعية معهد "تضامن النساء الأردني "تضامن" إلى أنه وبالرغم من المظاهر الجديدة للرق إلا أن الأساليب التقليدية له ما زالت موجودة، فالعمل القسري كالعمل سدادًا للدين أضيف له أشكالًا جديدة كعمل المهاجرين واستغلالهم اقتصاديًا أو العمل في مجال الاستعباد المنزلي والبناء وبعض الصناعات وحتى في الدعارة القسرية، وكذلك الحال بالنسبة لعمل الأطفال الذي حرّمته الاتفاقيات الدولية خاصة اتفاقية حقوق الطفل والذي يعتبر استغلالًا اقتصاديًا للأطفال وحرمان لطفولتهم، وتشير بيانات منظمة "العمل الدولية" إلى وجود طفل عامل من بين كل ستة أطفال.
وحسب تقرير مؤشر العبودية الثاني والصادر قبل عدة أيام من مؤسسة "ووك فري" الاسترالية فإن حوالي 35.8 مليون شخص يواجهون حاليًا أحد أشكال العبودية الحديثة، ويجبرون على القيام بأعمال معينة ، كقطف القطن وزراعة القنب الهندي وممارسة الدعارة والمشاركة في حروب أو تنظيف منازل الأثرياء، كما أن هنالك عددًا أكبر تقدر نسبتهم بحوالي 20٪ مستعبدون في العالم وفقًا لمفهوم العبودية الحديثة الذي يشمل الزواج القسري وبيع الأطفال أو استغلالهم وتهريب الأشخاص والعمل القسري.
وذكرت "تضامن"، أن العبودية الحديثة تساهم في إنتاج ما لا يقل عن 122 سلعة من 58 دولة، وأن الأردن تحتل المرتبة 57 من بين 167 دولة شملها التقرير، والذي أكد على وجود نحو 31 ألف شخص في الأردن يعانون من العبودية الحديثة التي تشمل الإتجار بالبشر، والزواج القسري، وبيع الأطفال واستغلالهم.
ويشكل الإتجار بالبشر، المظهر القديم الجديد الأكثر انتهاكًا لحقوق الإنسان، لا بل يضرب بالكرامة الإنسانية في جذورها ويعتبر وصمة عار على جبين المجتمع الدولي، ويُقصد به " تجنيد أشخاص أو نقلهم أو تنقيلهم أو إيواؤهم أو استقبالهم بواسطة التهديد بالقوة أو استعمالها أو غير ذلك من أشكال القسر أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو استغلال السلطة أو استغلال حالة استضعاف، أو بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا لنيل موافقة شخص له السيطرة على شخص آخر لغرض الاستغلال.
ويشمل الاستغلال، كحد أدنى، استغلال دعارة الغير أو سائر أشكال الاستغلال الجنسي، أو السخرة أو الخدمة قسرًا، أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق، أو الاستعباد أو نزع الأعضاء". وفي هذا الإطار لا تكون موافقة ضحية الإتجار بالبشر على الاستغلال محل اعتبار في الحالات التي يكون قد استخدم فيها أي من الوسائل الذي بيّنت فيما سبق.
وتؤكد "تضامن"، أن النساء والفتيات يشكلن ما نسبته 70% من ضحايا الإتجار بالبشر، وذلك وفق ما جاء في التقرير العالمي عن الإتجار بالأشخاص الصادر عام 2014 عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، وأن الضحايا بشكل عام يحملون 152 جنسية في 124 دولة حول العالم، وأن حوالي 90% من دول العالم تجرم الإتجار ب البشر.
وأفاد التقرير، أن هناك زيادة ملحوظة في اكتشاف حالات إتجار في البشر لأغراض غير الاستغلال الجنسي، كالإتجار من أجل العمل القسري الذي شكل حوالي 40% من الضحايا الذين تم اكتشافهم بين عامي 2010-2012، وكذلك الحال الإتجار ب الأطفال من أجل المعارك المسلحة أو من أجل الجرائم الصغرى أو التسول القسري، وبتوزيع أشكال الاستغلال بين الضحايا المكتشفين عام 2011 يتبين بأن 53% كان بهدف الاستغلال الجنسي و 40% بهدف العمل القسري و 7% للأشكال الأخرى من الإتجار بالبشر و 0.3% لغايات نزع الأعضاء.
وأوضح التقرير، أن انخفاض نسبة النساء البالغات ضحايا الإتجار بالبشر واللاتي تم اكتشافهن في السنوات الأخيرة لتصل إلى 49% من مجمل الضحايا، إلا أن هذا الانخفاض قابل للزيادة في عدد الفتيات الضحايا المكتشفات، وكما تشكل النساء الغالبية العظمى من الضحايا المكتشفين لغايات الاستغلال الجنسي، فيما يشكلن ثلث الضحايا المكتشفين لغايات العمل القسري، وقد وصلت نسبة النساء الجانيات في جرائم الإتجار ب البشر إلى 30% تقريبًا، حيث أكد التقرير على أن نسبة الإناث المدانات بجرائم الإتجار بالبشر بين عامي 2010-2012 بلغت 28% مقابل 72% من الذكور.
وتنوّه "تضامن" إلى أن نسبة النساء ضحايا الإتجار بالبشر واللاتي تم اكتشافهن واصلت الانخفاض منذ عام 2004، حيث كانت نسبتهن 74%، ووصلت إلى 67% عام 2006، وانخفضت إلى 59% عام 2009 إلى أن بلغت 49% عام 2011.
وشدد التقرير على زيادة نسبة الفتيات ضحايا الإتجار ب البشر واللاتي تم اكتشافهن 10% عام 2004، 13% عام 2006، 17% عام 2009 و 21% عام 2011.
كما كان هنالك زيادة في اكتشاف الإتجار ب الأطفال، حيث يشكلون ثلث الضحايا المكتشفين، ومن بين كل ثلاثة ضحايا من الأطفال توجد هنالك فتاتان وولد واحد.
وتشير "تضامن" إلى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 63/156 لعام 2009 حول الإتجار بالنساء والفتيات، والذي أكد على ضرورة مواجهة هذا النوع بكافة أشكاله عن طريق تكثيف جهود الحكومات والمجتمع الدولي ومؤسسات المجتمع المدني للتصدي ومواجهة تزايد تعرض النساء والفتيات للإتجار والاستغلال، ووضع برامج وسياسات تثقيفية وتدريبية، وحث الحكومات من أجل التوقيع والمصادقة على الاتفاقيات والبروتوكولات الدولية ذات العلاقة.
وتؤكد "تضامن"، على دور المؤسسات والشركات في التصدي للإتجار بالنساء والفتيات والأطفال كون هذه الجريمة عابرة للدول.
وفي عام 2011، صدر تقرير الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة المعني بمسألة حقوق الإنسان والشركات عبر الوطنية وغيرها من مؤسسات الأعمال، مشيرًا إلى ضرورة تبني المبادئ التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان وتنفيذ إطار الأمم المتحدة بعنوان "الحماية والاحترام والانصاف".
وتلوح "تضامن"، إلى أن الأردن اتخذت خطوات كبيرة لمنع الإتجار بالبشر، حيث أصدر عام 2009 القانون رقم 9 "قانون منع الإتجار بالبشر" وصادق على البروتوكول الاختياري المكمل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية للعام 2009، كما شكلت اللجنة الوطنية لمنع الإتجار بالبشر التي أعلنت الاستراتيجية الوطنية بهذا الخصوص عام 2010، كما صدرت الإرادة الملكية بالموافقة على نظام دور إيواء المجني عليهم والمتضررين من جرائم الإتجار بالبشر للعام 2012 وتأمين الحماية والإيواء وتقديم الرعاية لهم بمختلف جوانبها.
وعلى الرغم من الجهود المحلية والدولية، فإن "تضامن" تطالب بزيادة تفعيل وتبسيط الإجراءات لمنع ارتكاب الجرائم خاصة وأن أغلب الضحايا هم من الفئات الضعيفة، وزيادة الوعي بين النساء والفتيات خاصة العاملات المهاجرات وتشجيعهن على الإبلاغ عن أية انتهاكات لحقوقهن واستغلالهن ماديًا وجنسيًا واستعبادهن منزليًا، كما تطالب "تضامن" بالتعريف بوسائل الحماية التي تتوفر لهن على المستوى المحلي والدولي، وإلى الوقوف بحزم من خلال الإجراءات العقابية أمام الشركات والمؤسسات التي تنتهك حقوق الإنسان بشكل عام وحقوق النساء بشكل خاص.