تقرير بريطانيّ يؤكّد أن الانتخابات السوريّة لن تحصِّن الأسد

أكّدَ الكاتب البريطاني ديفيد غاردنر أن الرئيس السوري بشار الأسد أصبح لديه بعض الأسباب التي تبرر له الخيلاء والغرور بعد أن مالت كفة الحرب الأهلية في سورية أخيرًا لصالحه، ومع ذلك، أعلن غاردنر "أن بشار، الذي ورث الجمهورية (النظرية) السورية عن والده حافظ الأسد بعدما حكمها الأخير زهاء 30 عامًا، ليس على ما يبدو عليه من التحصين والقوة في واقع الأمر؛ ذلك أن معارك الحرب السورية لا تسير على نسق واحد.
ورصد في مستهل تقرير، أوردته صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية على موقعها الإلكتروني، معاودة الأسد الظهور علنًا للترشح لفترة رئاسية ثالثة، وأكد غاردنر أن الأسد ولا شك سيتم تنصيبه في 3 حزيران/ يونيو المقبل قائدًا ولكن على أشلاء سورية، على أكثر من 150 ألف جثة، وحوالي 10 ملايين مشرّد، حصيلة أربعة أعوام من الحرب.
وأعلن  غاردنر أنه منذ استخدام الأسد غاز السارين في هجوم الغوطة شرق دمشق الصيف الماضي، انقلب ضعفه إلى قوة؛ عندما ألغى الرئيس الأميركي باراك أوباما خططًا كانت تستهدف هجوما صاروخيًا ضدّ حكم الأسد، في مقابل صفقة أُبرمت مع روسيا لتدمير ترسانة سورية من الأسلحة الكيميائية، وبحسب غاردنر، فإن هذه الصفقة ردت اعتبار الأسد وحولته من مدانٍ دولي إلى شريك.
وأشار غاردنر إلى وقوف الأسد على تردد أميركا والمجتمع الدولي إزاء الحرب المشتعلة في بلاده، معتبرًا ذلك بمثابة ضوء أخضر لاستئناف ذبح شعبه شريطة ألا يستخدم في سبيل ذلك الكيميائي.
وبالعودة إلى الانتخابات الرئاسية السورية رأى غاردنر أن الأسد يستطيع اختيار ناخبيه في انتخابات يغيب عنها ملايين اللاجئين، ويتعين على المرشحين إثبات إقامة سورية لا تقل عن عشر سنوات متصلة، وتجميع 35 توقيعًا من أعضاء البرلمان، بما يعني استبعاد ترشح أي ثائر أو منشق.
ومع ذلك، أعلن غاردنر "فإن بشار، الذي ورث الجمهورية (النظرية) السورية عن والده حافظ الأسد بعدما حكمها الأخير زهاء 30 عامًا، ليس على ما يبدو عليه من التحصين والقوة في واقع الأمر؛ ذلك أن معارك الحرب السورية لا تسير على نسق واحد، فكتائب المعارضة لم تَزَلْ بعدُ قادرةً على الاستيلاء على مدن إستراتيجية وفرض السيطرة عليها، ومثال ذلك مدينة "كسب" المتاخمة للحدود التركية على نحو يقف من دونه سلاح الجو السوري عاجزًا عن قصف المدينة، بعد إسقاط تركيا طائرة عسكرية سورية قرب معبر حدودي في 23 آذار/ مارس الماضي.
وأشار صاحب المقال إلى أن ذلك يتزامن على جانب آخر مع بدء الدول الغربية الشك في صدق دمشق بخصوص تسليم جميع ترسانتها الكيميائية، وسط تكهنات باستعداد الأسد لشن هجمات جديدة في الشمال الغربي للبلاد.
وأوضح غاردنر "يبدو أن الأسد مطمئن إلى أن الرئيس الأميركي باراك أوباما لا يرغب في التورط في سورية، ولكن الحكومة السورية، التي هي في واقع الأمر تابعة لإيران، تحسن صنعًا بنفسها لو نظرت إلى إصرار أوباما على المضي قدمًا في الاتفاق مع إيران، وتنفيذ ما يبدو أنه يراه بمثابة "موازنة قوى ذاتية التنظيم" في المنطقة، كفيلة بتخفيف حدة التوتر بين السنة والشيعة".
ولفت غاردنر في هذا الصدد إلى "أن القادة الإيرانيين لا يزالون يذكرون جيدًا كيف تم إمطارهم من قبلُ بغاز الأعصاب من جانب نظام بعثي آخر هو نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين في حقبة الثمانينات".
واختتم الكاتب مقاله بالتشديد على أن "أي تقارب أو انفراج للأزمة بين أميركا وإيران من شأنه أن يترك النظام السوري في خطر، رغم ما يدعيه من وحشية وطغيان".