تيرانا ـ وكالات
ساعدت ألبانيا خلال الحرب العالمية الثانية على إنقاذ حياة أكثر من 2000 يهودي لجأوا إليها فارين من البطش النازي. يوحنا يوتا نويمان تستعيد ذكريات الماضي عندما فرت مع عائلتها إلى ألبانيا. تشيد اليهودية يوحنا يوتا نويمان بالشعب الألباني قائلة: "الشعب الألباني كان رائعاً، فعدد اليهود في ألبانيا بعد الحرب العالمية الثانية أصبح أكثر منه قبل الحرب". قصة هذه السيدة البالغة من العمر 83 عاماً ترجع إلى زمن الحرب العالمية الثانية، حيث لجأت إلى ألبانيا فراراً من النظام النازي في ألمانيا، لتجد الحماية لدى إحدى العائلات الألبانية. لم تكن حالة نويمان حالة منفردة، بل لجأ كثير من اليهود إلى ألبانيا خوفاً من البطش النازي، وهو ما يفسره ارتفاع عدد اليهود إلى 2000 شخص بعد الحرب العالمية الثانية بدلاً من 200 شخص قبل الحرب. ألفت يوحنا يوتا نويمان، التي تعيش اليوم في واشنطن، كتاباً يحمل عنوان "المرور عبر ألبانيا"، تحكي فيه عن هروب عائلتها في عام 1938 إلى ألبانيا التي كانت خاضعة للاستعمار الإيطالي. السفارة الألبانية في برلين ظلت حتى عام 1942 تمنح التأشيرات لليهود وهو ما جعل الكثير من اليهود من دول أوروبية مختلفة يطلبون اللجوء إلى هذا البلد الواقع في جنوب شرق أوروبا، بعد أن تعذر عليهم اللجوء إلى دول أخرى. واليوم وجهت جمعية الصداقة الألمانية الألبانية دعوة لنويمان لتقديم كتابها للجمهور. يوحنا يوتا نويمان في طفولتها تقاليد الضيافة في ألبانيا تنص على الوفاء للضيف والإحسان إليه وحمايته. وعندما يمنح الشخص الألباني عهد الضيافة لأحد فإنه يفي بهذا العهد. وهذا بالضبط هو الذي جعل عدد كبير من اليهود من جميع أنحاء أوروبا يجدون في ألبانيا، ذات الأغلبية المسلمة، ملاذا آمنا بين عامي 1938 و1945 وعاشوا فيها حتى بداية التسعينات. وبعد سقوط النظام الشيوعي هاجر الكثير من الألبان اليهود إلى إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية. المؤسسة القيمة على النصب التذكاري ياد قاشيم والذي يؤرخ للمحرقة النازية، قامت حتى الآن بتكريم 69 ألبانياً بجائزة "المنصفون بين الأمم" وتم تكريم بعضهم أيضاً في معرض "مسألة شرف" المتنقل، الذي عُرض لأول مرة عام 2008 في مقر الأمم المتحدة في نيويورك ويعرض حالياً في مدينة دريسدن الألمانية، قبل أن ينتقل إلى غورليتز ولايبزيغ. ألبانيا أيضاً أنقذت عائلة يوحنا يوتا نويمان من الترحيل والإبادة. في البداية كانت هذه العائلة تعيش في إحدى الفنادق وبعد تعرفها على كرم الضيافة الألبانية انتقلت للعيش مع إحدى العائلات الألبانية: "هناك عشنا لأول مرة أجواء صيام رمضان والاحتفال بالعيد. لقد كان وقتاً رائعاً والناس عاملونا كأحد أفراد عائلتهم". نصب باد قاشيم التذكاري ورغم محاولات المستعمر الفاشي في ألبانيا ترحيل اليهود، إلا أن الشعب الألباني رفض تسليم اليهود المقيمين معهم بل أن المسؤولين الحكوميين كانوا يزودن العائلات اليهودية بأوراق هوية مزورة للحيلولة دون ترحيلهم. الكثير من المزارعين الألبان استقبلوا اليهود وأخفوهم على سبيل المثال في قرية "الإخوة الثلاثة" التي لجأت إليها عائلة وتستعيد هذه السيدة التي تعمل طبيبة أسنان في نيويورك ذكريات الماضي، قائلة: "ولدت في ألبانيا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية بوقت قصير وتربيت أيضاً هناك. وكنت دائما أشعر بأنني ألبانية ذات أصل يهودي". ويرى المؤرخ الخبير في منطقة البلقان شميت نيك أن ألبانيا تعتبر نموذجاً جيداً في قضية اليهود مقارنة ببقية دول جنوب شرق أوروبا التي كانت واقعة تحت الاحتلال النازي. بين عامي 1938 و1945 كانت نسبة المسلمين في ألبانيا تتجاوز 70 في المائة في حين شكل الأرثوذكس والكاثوليك 30 في المائة المتبقية. ويؤكد شميت نيك أن كل فئات المجتمع الألباني بمختلف أطيافها الدينية والسياسية عملت على تقديم العون للمضطهدين اليهود، ويضيف: "كان هناك أناس ناشطون في المقاومة الشيوعية وقاموا بمساعدة اليهود وهو نفس الشيء الذي قام به أيضاً آخرون كانوا يتعاونون مع الاحتلال، لكنهم رغم ذلك خبئوا اليهود في منازلهم".