ريو دي جانيرو - أ.ف.ب.
سيقوم البابا فرنسيس هذا الاسبوع بالرحلة الاولى الى الخارج خلال ولايته الحبرية الى البرازيل، اكبر بلد كاثوليكي في العالم لا يزال تحت صدمة العصيان الاجتماعي التاريخي في حزيران/يونيو الماضي. وسيرأس البابا الاول من اميركا اللاتينية واليسوعي في التاريخ، الايام العالمية للشبيبة في ريو دو جانيرو التي من المتوقع ان يشارك فيها 1,5 مليون شاب سيأتون من جميع انحاء العالم من 23 الى 29 تموز/يوليو. لكن رئيس الاساقفة الارجنتيني السابق لبوينوس ايرس البالغ السادسة والسبعين من العمر، ينوي ايضا، عبر كلمات سيلقيها وخطوات سيتخذها، تنشيط كنيسة كاثوليكية تراجع اندفاعها في القارة، لمواجهة تنام مستمر للكنائس الانجيلية منذ ثلاثة عقود. وعلى هامش لقاءاته مع الشبان الكاثوليك على شاطىء كوباكابانا او في "كامبوس فيدي" (ارض الايمان) في غواراتيبا التي تبعد 40 كلم عن ريو دو جانيرو، سيزور البابا ايضا احدى ضواحي المدينة ومستشفى لعلاج المدمنين ويلتقي مسجونين. وطلب الا تدرج في جدول اعماله المآدب الرسمية لينصرف الى عقد لقاءات واجراء حوارات مع الكهنة. وسيشارك اكثر من ثلاثين الف شرطي وجندي في الحدث الذي وصفته السلطات بانه "اكبر عملية امنية في تاريخ ريو دو جانيرو". وقد شددت السلطات التدابير الامنية في اعقاب التظاهرات الحاشدة التي عصفت بالعملاق الاميركي الجنوبي في خضم كأس القارات لكرة القدم. وغالبا ما تحولت التظاهرات مواجهات عنيفة مع الشرطة واعمال سلب ونهب. ودعا الملحدون البرازيليون ومجموعة "انونيموس ريو" التي شاركت في الدعوة الى تظاهرات حزيران/يونيو، الى التظاهر فور وصول البابا الاثنين الى ريو على هامش الاستقبال الذي ستقيمه له الرئيسة ديلما روسيف والسلطات المحلية في الولاية. وسيحتجون على انفاق البلدية لاكثر من ثلاثين مليون يورو لتنظيم الايام العالمية للشبيبة وزيارة البابا. واعلنت مجموعات الناشطين المثليين او الحركات النسوية عن تحركات ايضا. لكن اعدادا كبيرة من الشبان البرازيليين الذين شاركوا في تظاهرات حزيران/يونيو هم كاثوليك ولا ينوون التشويش على زيارة البابا، بل ينتظرون دعمه. ولا يبدي الفاتيكان مع ذلك قلقه. فالبابا لن يستخدم سيارة مصفحة لكنه سيستقل سيارة جيب مكشوفة ليجوب ابتداء من الاثنين جادات وسط ريو. ويشير عدد كبير من الخبراء الى ان رسائله الداعية الى "كنيسة من اجل الفقراء" او المناهضة ل "طغيان المال" يمكن ان تجد آذانا صاغية لدى المتظاهرين. ويمكن ان تؤدي ايضا الى تنشيط كنيسة كاثوليكية برازيلية تواجه نزيفا بشريا بسبب حيوية الكنائس الانجيلية ولاسيما كنائس العنصرة الجديدة. وتنتشر هذه الظاهرة في كل القارة الاميركية اللاتينية التي يقيم فيها 40% من مليار كاثوليكي في العالم، وحيث اعتنق 20% من المسيحيين ايضا المذهب الانجيلي. والبرازيل هي البلد الذي يضم اكبر عدد من الكاثوليك في العالم، اي 123 مليون نسمة حسب آخر احصاء اجري في 2010. لكن نسبتهم تراجعت من 91,8% من عدد السكان في 1970 الى 64,6% في 2010. والانجيليون الذين يسيطرون على شبكات التلفزة، ناشطون جدا على الشبكات الاجتماعية ويمتلكون شبكة كثيفة جدا من الكنائس التي تزداد باطراد ويحق للمؤمنين فيها ان يتحدثوا. وازدادوا من 5,2% الى 22,2% من عدد السكان في البرازيل وبات عددهم 42,3 مليون مؤمن. ويعرف البابا فرنسيس جيدا التحدي الذي يتعين مواجهته. ويقول فوستينو تيكسيرا استاذ اللاهوت في جامعة خويز دو فورا الاتحادية ان خيار البابا لكنيسة اكثر تقشفا واقرب من الفقراء "يزداد عمقا في اميركا اللاتينية ولاهوت التحرير". وقد نشأ هذا التيار في القارة ودانه بقسوة في الثمانينات البابا يوحنا بولس الثاني الذي رأى فيه اتجاهات ماركسية، لكن البابا فرنسيس يبعث بمؤشرات الى التصالح معه.